نهاد علي أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

نشهد هذه الأيام تطورات غريبة. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يحرك أسطوله من جهة، ويواصل توجيه رسائل إلى بوتين بأسلوب "وقح وساخر" من جهة أخرى.

الزعماء السياسيون في فرنسا وبريطانيا أعلنوا دعمهم لترامب، وأكدوا أنهم لن يتحرجوا من استخدام القوة العسكرية في سوريا.

أما بوتين وطاقمه، فاتخذ موقفًا معاكسًا لترامب. يشير سلوكه إلى إدراكه أهمية "الرأي العام" في الغرب. وبهدف الاعتماد على هذه الجبهة يدلي الزعيم الروسي بتصريحات هادئة ومتزنة.

أما العضو الآخر من المعسكر، إيران فقد أعلنت أنها ستقف إلى جانب النظام السوري وحزب الله مهما كانت للظروف.

عند النظر إلى الجدل اليومي، يبدو أن التطورات السياسية والدبلوماسية والعسكرية وقريبًا الاقتصادية، ستكون متعلقة مباشرة بسوريا، بيد أن ذلك هو الجزء الظاهر فقط من جبل الجليد.

أما الجزء غير الظاهر من الجبل، فالأمور فيه أكثر تعقيدًا والمشاكل أعمق. يتوجب التفكير في آن معًا بصراع المصالح بين الغرب من جهة وروسيا وإيران من جهة أخرى، والمشاكل السياسية الداخلية في الولايات المتحدة، وتسويق السلاح.

لم يتقبل الغرب، بزعامة الولايات المتحدة، ما فعلته روسيا في أوكرانيا، وإثارتها القلاقل في أوروبا الشرقية والبلطيق، وتهديدها النظام هناك، وضمها شبه جزيرة القرم. وزاد الطين بلة تدخل روسيا في سوريا أيضًا.

الموانئ والقواعد الجوية التي وضعها نظام الأسد في خدمة روسيا وفرت إمكانية التنقل للأسطول الروسي بين البحر الأسود والمتوسط، وهذا ما زاد نفوذ موسكو في الشرق الأوسط. والأمر نفسه ينطبق على إيران. فبفضل الحرب السورية تستمر في توسيع وجودها ونفوذها في المنطقة، وتواصل إثارة مخاوف إسرائيل.

تسعى الولايات المتحدة والقوى الأوروبية إلى إجبار روسيا وإيران على التراجع، ولذلك فقد وضعت نصب عينيها استهداف نظام الأسد بشكل مباشر لأنه استخدم الغاز السام في الغوطة الشرقية، وروسيا وإيران بشكل غير مباشر. وتتبع واشنطن وحلفاؤها موقفًا استراتيجيًّا غير مباشر تجاه موسكو وطهران.

رغم أن نظام الأسد هو المستهدف إلا أن روسيا ستتأثر بشكل غير مباشر، وإيران بشكل مباشر من الحملة على النظام. وفي حين لا تمانع واشنطن وحلفاؤها من الصدام المباشر مع إيران، يبدو أنها ستتجنب مواجهة القوات الروسية.

جزء من آمال المعسكر الغربي تحقق. ويمكن اعتبار تراجع قيمة العملات وتهاوي البورصات التداعيات الأولى للحملة على نظام الأسد. فإذا تمكن ترامب من التخلص من أجندة السياسة الداخلية، فإن ذلك يعني أن الحملة حققت واحدًا من أهدافها على المدى القريب.  

عن الكاتب

نهاد علي أوزجان

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس