روشن تشاكر – صحيفة خبر ترك – ترجمة وتحرير ترك برس

قامت القاعدة بشن هجوم انتحاري على أكبر رموز الولايات المتحدة الأمريكية، في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، مما تسبب بمقتل العديد من المدنيين وإصابة الكثير منهم. وبناء على ذلك، نستطيع تسمية أحداث 12 اكتوبر عام 2002 في مقاطعة بالي الاندونيسية بـأحداث "11 سبتمبر الاندونيسية"، ويمكن تسمية الهجوم الذي تم شنه على اثنين من الكُنس، وعلى بنك انجليزي في اسطنبول بتاريخ 15 و 20 نوفمبر عام 2003، بأحداث "11 سبتمبر التركية"، كما يمكننا تسمية الهجوم الذي حصل في مدريد بتاريخ 11 مارس 2004 بأحداث "11 سبتمبر الاسبانية"، وأخيرا ما حصل في مترو لندن بتاريخ 5 تموز 2005 بأحداث "11 سبتمبر الانجليزية".

علاقة القاعدة بهذه بالهجمات الأخيرة ليست واضحة جدا، ولم يتم إثبات ذلك بأدلة قاطعة، لكن المؤكد هو أنّ من نفذ هذا الهجوم قد استوحى فكره وتخطيطه من أحداث الحادي عشر من سبتمبر.

11 سبتمبر الفرنسية

كان من المتوقع أن يتم شن هجمات مماثلة في دول أوروبا المركزية الأخرى، وتحديدا في فرنسا وألمانيا، لكن ذلك لم يحصل آنذاك. لهذا وبعد سنوات عدة، يمكننا تسمية الهجوم الذي تم على صحيفة "شارلي إيبدو" في باريس، بأحداث "11 سبتمبر الفرنسية".

نعتقد أنّ تشبيه الهجوم بما حصل في 11 سبتمبر أمر منطقي، وذلك لتشابه أبعاد الحدثين بصورة كبيرة، حيث كان الهجوم الأخير موجها لإحدى أهم المدن المركزية في الثقافة الغربية، وهي مدينة باريس الفرنسية، مع ذلك، فإنّ هناك اختلاف جزئي بين الحدثين من ناحية طريقة التنفيذ وخطورة الهجوم.

بداية، الهجوم الأخير لم يكن عملية انتحارية، فالمنفذون نجحوا في الفرار بعدما قتلوا 12 شخص، وهذا ليس شيء جديد على ما تقوم به القاعدة من "الارهاب العالمي"، حيث إنّ التحدي هنا أقوى والرسالة أهم، وما يزيد حدة هذا التحدي، ادّعاء المنفذين بأنّ هذا الهجوم هو رد على الرسوم المسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام، وأنْ يتم هذا الهجوم في عقر باريس، وفي أكثر ساعات النهار ازدحاما.

 

هناك فرق بين الرعب والقسوة

الهجوم على الصحيفة الساخرة "تشارلي إيبدو"، قد أثار في أذهاننا فورا أولئك الذين يقطعون الرؤوس، وهم تنظيم داعش، لكن فروقا تعادل تلك الأمور المشتركة ما بين هذا الهجوم وأعمال داعش.

لا شك أنّ المنفذين يملكان من الحقد والكراهية بقدر تلك التي يمتلكها داعش على صعيد فكره وتعيره وإعلامه، لكن الأخير لا يستطيع القيام بمثل هذا الهجوم في قلب فرنسا وباريس، فيداه مكبلتين، ولا نستطيع القول أنه يستطيع تحدي الغرب بهجوم مثل هجوم السابع من يناير الأخير.

داعش يثير الاشمئزاز والحقد في العالم الغربي، لكن الهجوم الانتحاري، والهجوم الأخير في باريس على صحيفة "شارلي إيبدو"، يثير رعبا وذعرا حقيقيين في البلاد الغربية.

والسبب الأساسي لذلك، هو وجود تنظيم داعش في الجغرافيا الإسلامية، وليس في الغرب، وربما تستطيعون فهم ما أقصد من خلال مقارنة ردة فعل فرنسا على سيطرة داعش على مدينة الموصل إحدى أكبر المدن العراقية، وبين ردة فعلها على الهجوم الأخير الذي حصل في قلب باريس.

نستطيع القول أنّ الأعمال القاسية التي يقوم بها داعش، أدت إلى ارتفاع مستوى الرعب والذعر لدى الغرب بصورة منظمة ومتعاقبة، بحيث كانت تزداد يوما بعد يوم، لكن الغرب مع الوقت أصبح معتادا على مثل تلك المشاهد والأعمال.

كان من المتوقع أنْ ينقل تنظيم داعش الأعمال الإجرامية التي يقوم بها إلى البلاد الغربية، وربما يكون هجوم 7 يناير الأخير أول الأمثلة على ذلك، إنْ كان من صنيعه.

لكنني في المحصلة أرى أنّ الهجوم الأخير أقرب لتنظيم القاعدة منه لتنظيم داعش، ولا بد لنا أنْ نحذر، فمن المتوقع أنْ يكون هناك عدة هجمات أخرى في مراكز الدول الغربية، وربما تكون تركيا أيضا معرضة لذلك.

عن الكاتب

روشن تشاكير

كاتب في صحيفة وطن


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس