عبد الله الشيخ ديب - خاص ترك برس

نفذ ترامب وعده، وشنت الولايات المتحدة الأمريكيّة برفقة أصدقائها في بريطانيا وفرنسا، ضربة عسكريّة ضد نظام الأسد، الهدف المعلن من الضربة هو “تأسيس ردع قوي ضد إنتاج وانتشار واستخدام الأسلحة الكيميائيّة”.

الضربة الأمريكيّة، وإن بدت أقل من المتوقع، فهذا يعود ذلك بشكل أساسي للحملة الإعلاميّة الضخمة التي سبقت الضربة العسكرية وخاصة تغريدات الرئيس ترامب الناريّة عبر حسابه على موقع تويتر، التي كرر فيها التهديد لـ”الأسد الحيوان” والوعيد بـ”الثمن الباهظ”.

الضربة بالحسابات العسكريّة، أو المأمول في مخيّلة المعارضة أقل من المتوقع بكثير، لكن الضربة تحوي في طياتها أبعادًا لا يمكن إغفالها ولا انتظار نتائجها غدًا.

هذه الضربة أكدت، أن النظام هش، وأن “الانتصار” وهم، حتى خرائط السيد بوتين ظهرت أقل صلابة مما رسم وأن الطريق نحو السيادة مفروش بالألغام، فبعد سنوات من الصواريخ والبراميل والكيماوي، وآلاف الإيرانيين، وقواعد الروس وأسلحتهم، تقصف العاصمة، ويختبئ كبار الضباط والمسؤولين في الملاجئ، وتتحول دمشق في نصف ساعة إلى مدينة أشباح، لا يسمع فيها سوى صوت القصف والخوف، ويقف النظام وحلفائه عاجزين عن فعل أي شيء، سوى الصمت والاختباء.

“وهم الانتصار” الذي سعى نظام الأسد لترويجه خلال الفترة القريبة الماضية، هو ما رتّب النظام السوري أوراقه السياسيّة على أساسه، ظنًا منه أن هذا “النصر” المتوهم قد يفتح الأبواب أمامه لعقد صفقات أمنيّة كبرى، تعيد خطوط الدبلوماسيّة الرسميّة مع دمشق التي مهد لها اللواء مملوك في جولاته المكوكيّة.

حلم “الصفقة الأمنيّة الكبرى” تلاشى، فمع هذه الضربة أصبح نظام الأسد عالقًا داخل شباك “الكيماوي”، هذا الشبك اللئيم الذي لطالما ألتف على أعناق ممن علقوا بداخله، وخنقهم ببطئ كما خنق الكيماوي ضحاياه، فالضربة التي قادتها أمريكا وحلفائها مدعومة برأي عالميّ عريض، قطعت الشك باليقين، وثبتت على النظام جريمة استخدام الأسلحة الكيماويّة.

وبعيدًا عن العاصمة، في جبال الساحل، هناك حيث قرى العلويون، معاقل النظام ونواته الصلبة، تراقب الطائفة العلويّة تطورات الأحداث بقلق وترقب، فماذا عساها تفعل، سيد الكريملين راقب الضربة بغصة ومرارة، هو عاجز عن الدفاع عن حليفه وعاجز اكثر عن الرد، ويدرك أن هيبته قُصفت قبل المباني التي استهدفها الطيران، أما الإيرانيون فمشغولون بتشييع جثث جنودهم الذين قتلوا في مطار “التيفور”، وبتغيير مواقعهم قبل أن تأتي غارة إسرائيلية او أمريكيّة جديدة تحصد الجنود والقادة.

قد تتسائل الطائفة اليوم، هل فٌرض عليها أن يرتبط مصيرها برئيس قصفت أمريكا “عاصمته” بالأمس وأصبح مهددًا رسميًّا بالملاحقة في ملف الكيماوي، مع هذه اللحظات تبدو صورة صدام حسين ورجالاته ماثلة أمام الطائفة العلوية، ألم تكن هذه البداية؛ ضربات تأديبيّة، ملف كيماوي، فلماذا لا تتشابه النهايات ! ما يمكن قوله هنا أن استمرار العمليّة الأمريكيّة على فترات متقاربة، يجعل من احتماليّة فك الارتباط بين الطائفة العلويّة وآل الأسد، خيارًا ذو وجاهة، فالعلويون لا يحاربون أمريكا.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس