هاشمت بابا أوغلو – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

بينما من الممكن متابعة المستجدات بتمعن..

وبينما حان الوقت للشعور بآلام البشر العاديين والغضب من أجلهم، وإدراك الفارق العميق في أن نكون متفرجين من المدرجات على مباراة تتنافس فيها القوى العظمى في العالم..

ماذا حدث؟

بدأنا نتنازع فيما بيننا حول 105 صواريخ أطلقتها واشنطن ولندن وباريس على سوريا.

البعض قال ساخرًا لآخرين: "ألم تكونوا تقولون إن الحرب العالمية الثالثة ستندلع، ماذا حدث الآن؟".

البعض الآخر يتساءل بإصرار: "لماذا لم ترد روسيا على الهجوم؟".

وهناك جزء ثالث يحب إثارة الشكوك عبر طرح أسئلة من قبيل "هل صحيح أنه تم اعتراض 70 صاروخًا؟ هل عادت جميع الطائرات المشاركة في الضربات إلى قواعدها سالمة؟".

***

يمكننا أن نتحدث عن قضايا الساعة من خلال معلومات حديثة. هذه مهمة الصحافة. لا اعترض!

لكن من أجل طرح فرضيات أكثر تقدمًا  وتفسيرات أكثر تعمقًا، يتوجب تجاوز القضايا الراهنة وإلقاء النظرة تلو الأخرى على سياقاتها التاريخية والدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية. 

إذا كنتم ستطرحون سؤال "لماذا؟"، فإن الإجابة عنه تكمن بعيدًا جدًّا عن "قال ترامب أو بوتين...".

هناك حقائق يعلمها الزعماء بشكل جيد، لكنهم لا يأتون على ذكرها في مؤتمراتهم الصحفية أو تغريداتهم على تويتر، ومنها الاستراتيجيات طويلة الأمد، الأزمات الاقتصادية، حسابات الحل المحتملة، الرغبات في بسط النفوذ، إلخ..

أي أن الهدف الرئيسي لهذه الضربات العسكرية ليس الأسد. إن لم نكن تقبلنا هذه الحقيقة فهذا يعني أننا نمضي وقتنا في ثرثرة لا طائل تحتها.

وبعد ذلك نجلس ونتساءل "لماذا تطلق الدول الثلاث 105 صواريخ إلى سوريا، ولا تقصف قصر الأسد أو ملاجئه؟".

***

الأسد وسوريا جزء من القضايا الراهنة.. لكن كل حملة كبيرة قادمة تجري من أجل المستقبل.

وفي هذا السياق كونوا على ثقة تامة أن العملية المحدودة حاليًّا ليست "عقابًا" أو شيء من هذا القبيل..

كل هذا الكم من البيانات عن الأسلحة الكيميائية أو الخطوط الحمراء ليست إلا انعكاسًا لـ "قانون الأقوياء" (لم أقل قوة القانون الدولي، فعالمنا ليس كذلك!).

القصة وما فيها هي أن التحالف الغربي أجرى اختبارًا لرد فعل إيران وروسيا..

موسكو حولت الأمر إلى اختبار متبادل، وأومأت إلى إنها لن ترد إذا لم يمسسها أحد.

لكن يخطئ من يظن أن الضربات انتهت وتأثيرها سيزول..

فهل توصلت القوى العظمى إلى حل بشأن مشروع طريق الحرير؟

هل انتهت مساعي السيطرة على طرق التجارة وموراد الغاز الطبيعي في شرق المتوسط، وتم التوصل لاتفاق؟

الإجابة: لا!!

إذا الحرب مستمرة، ولسوف تتواصل في المستقبل..

عن الكاتب

هاشمت بابا أوغلو

كاتب في صحيفة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس