برهان الدين دوران – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

مئة وخمسة صواريخ أطلقها التحالف الأمريكي البريطاني الفرنسي على سوريا، وأكسبت جميع أطراف التوتر "نصرًا". فترامب أعلن تحقق "النصر المبين" من خلال تغريدته "انتهت المهمة".

الأسد، المستهدف في العملية العسكرية، دفع بالموالين له إلى النزول للشوراع وتنظيم مسيرات فرح.

أخفت روسيا وإيران سعادتهما لكون العملية "معلنة ومحدودة"، فيما أعربت تركيا عن "دعمها" للضربات.

وبقدر المحتفلين بالنصر، كان من الملفت التنوع في "الرسالة" الموجهة عبر الصورايخ.

الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ أعلن أن العملية "رسالة مفتوحة لنظام الأسد وداعمتيه روسيا وإيران"، فيما يتحدث المتابعون عن استعداد إدارة ترامب لفرض عقوبات جديدة على روسيا لدورها في استخدام السلاح الكيميائي.

ويقول المتابعون إن عزل روسيا وإيران غير ممكن من دون وضع استراتيجية شاملة بخصوص سوريا.

أعتقد أن أكثر تصريح ملفت للنظر صدر عن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي ادعى أن الضربات "دمرت" الترسانة الكيميائية للأسد، وأنه تمكن من إقناع ترامب بالبقاء في سوريا. كما زعم أن الضربات نجحت في فك التحالف التركي الروسي.

أعتقد أن ماكرون لم يعي بشكل سليم دعم أنقرة للتحالف الغربي في قضية "السلاح الكيميائي". فتركيا هي من طالب دائمًا بمعاقبة الأسد لتجاوزه "الخطوط الحمراء".

كما أن أنقرة كانت أكثر من انتقد عدم وجود سياسة شاملة لدى الغرب بخصوص سوريا، والتزامه الصمت إزاء مجازر الأسد.

ضعف سياسة الغرب وأنشطته ضد تركيا كان العنصر الرئيسي الذي أجبر أنقرة على التعاون مع موسكو وطهران رغم تضارب مصالحها معهما في سوريا.

ومع ذلك، لم تتردد أنقرة في التعاون مع القوى التي تشاطرها قواسم مشتركة في سوريا، ومثالًا على ذلك عرضها على الولايات المتحدة التعاون في عملية الرقة.

تمكنت العلاقات التركية الروسية من الخروج بسلام من أزمتي "إسقاط المقاتلة" و"اغتيال السفير". وأصبحت قوية بحيث لا تتأثر بمثل هذه التجاذبات، لأنها تستند إلى مصالح ملموسة وليس إلى استقطابات إيديولوجية.

وما لم يتبع الغرب سياسة تهدف إلى إسقاط الأسد أو تتخلى تمامًا عن وحدات حماية الشعب، لن يستطيع فك التحالف التركي الروسي.

وعلى الرئيس الفرنسي التخلي عن حلمه بتحقيق "نصر" سهل وصغير، والتحلي بالحذر في مسألة دعمه وحدات حماية الشعب.

فهذا الدعم يؤثر بشكل سلبي على العلاقات التركية الفرنسية، وحتى التركية الأوروبية. وعلى ماكرون ألا يفقد ثقة أنقرة إذا كان لا يريد أن تتحول مساعيه الدبلوماسية إلى مجرد استعراض.

لا يمكن لباريس أن تجلس إلى طاولة المباحثات في سوريا وهي تقف ضد أنقرة.

عن الكاتب

برهان الدين دوران

مدير مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" في أنقرة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس