ترك برس

هل كان في منع السلطات الألمانية المتظاهرين من حركة بيغيدا وهي حركة معادية للإسلام حمل الصور الكاركاتورية المسيئة إلى الرسول (ص) في مدينة لايبزيغ الألمانية حدا لحرية التعبير؟!

صرحت السلطات الألمانية في مدينة لايبزيغ :" بعد الأحداث التي جرت في باريس ،نعتبر هذه الرسوم الكاريكاتورية أداة للتحريض."

أجل إن هذا صحيح ،فهذه الرسومات قد تجاوزت حرية التعبير والرأي وتحولت إلى "أداة تحريض" ..

بات الإرهاب من أجل الإسلام من جهة ومعادة الإسلام (الإسلامفوبيا) منجهة أخرى أمران يؤججان بعضهما البعض...

كتب المفكر الأمريكي "صامويل هنتنجتون" في 1996 نظرية "صراع الحضارات" أن غيوما سودا تلوح في الأفق وتنذر بحلول كوارث في الأعوام المقبلة.

تزداد يوما بعد يوم الحركات المعادية للإسلام (الإسلامفوبيا) في أوربا..

على المسلمين والغرب الابتعاد عن الحركات الاستفزازية.... وتعلم ثقافة العيش المشترك...

نماذج جيدة

لقد كان تصرف الامام "حسن شلغومي" تصرفا رائعا فقد كان أول الذين هبوا للمساعدة لحظة حصل الهجوم الإرهابي على جريدة تشارلي إيبدو.

إن التطبيق الذي شاع في العديد من المجلات والصحف بوضع إمام عند باب المجلة أو الجريدة هو رسالة ترمز إلى التسامح وحرية التعبير والرأي ،وهو يدعو للتصفيق والتقدير.

والدعوات التي توجهها الكنيسة إلى نبذ الإسلامفوبيا ودعوة رجال الدولة المتنفذين في أوربا إلى الحياة المشتركة أمر جيد للغاية.

ومن الملفت للنظر أن غالبية الإسلاميين المتطرفين في أوربا هم من أصل عربي أو باكستاني ولا تواجد يذكر للأتراك في هذه الجماعات.

ولهذا سببان الأول مفهوم الاحترام الذي يكنه الدين الإسلامي تجاه الدولة في فترة الامبراطورية العثمانية ، والثاني هو النظرة إلى الاسلام في النموذج الديني الذي تطبقه الجمهورية التركية.

الدولة والتعليم

من السهل أن يشيع التطرف والغضب في المجتمعات التي لا تجعل الدولة فيها الحداثة والتطور جزءا من بنيتها...فمثلا في أفغانستان : لم تستطع الدولة السيطرة على المدارس فأصبح نظام التعليم فيها نظاما باليا كما في عهود القرون الوسطى.

كتب أحد أكبر علماء الدين في القرن العشرين "فضل الرحمان" الباكستاني رحمه الله ،في كتابه الذي حمل اسم "الاسلام"  عن الوضع الذي آل إليه الاسلام بسبب تركه للتصوف الذي يمثل قيم الاسلام المعنوية والأخلاقية وذلك في عام 1968 ،حيث جاء في كتابه :"إن المؤسسات التي حرمت من عمق طرق التصوف القديم قد حرموا من التسامح ،وهم ميالون للتحول إلى زمر وجماعات محدودة الرؤية وعديمة التسامح. ويمكن أن يكونوا أصولا للشيوعية والفاشية ووجودهم تهديد للدولة بلا شك."

ألفت نظركم إلى أن هذه السطور كتبت في عام 1968...

التطرف والتعصب

لقد أشعل ظلم إسرائيل في فلسطين ومن بعده حرب أفغانستان موجة من التطرف والتعصب..

كان كتاب " الجهاد والسلاح" للكاتب الفلسطيني "عبد الله عزام" الذي يوصف بأنه رائد الجهاد الأفغاني وقدوة للذين يرتكبون الإرهاب باسم الاسلام ،مثالا لما قاله "فضل الرحمان" بأن الجهاد الذي هو تربية النفس ودفعها للخير، قد تحول إلى طرق إرهابية لمنظمات فاشية وشوعية!

كانت أفغانستان الحقل الذي تررعرع فيه الكثير من الحركات الإرهابية كابن لادن وأيمن الظواهري وأنصار القاعدة..

تعلق المبعدون في ضواحي أوربا الذين يملاء الغضب نفوسهم بهذا التعريف الجديد للـ"الجهاد"....على الغرب أن يفهم أن معاداة الاسلام قد تجلب له أعظم الكوارث وأكبرها...

إن تطرف الغرب في اليمينية من شأنه أن يكون إنتحارا للغرب وليس مدافعة عن النفس...ويمكن قول نفس الشئ بالنسبة للمسلمين، فالتطرف والتعصب لا يجران سوى الخراب ومايجري اليوم في الدول الإسلامية دليل على ذلك!

إن كنا لا نريد للقرن الواحد والعشرين أن يتلطخ بالدماء فعلينا أن نبذل قصارى جهدنا لنجعله "عصر تحمل المسؤولية" بالنسبة للمسلمين وبالنسبة للغرب على حد سواء....

عن الكاتب

طه أقيول

كاتب في صحيفة حريت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس