عادل دشيله - خاص ترك برس

تريد الامبريالية العالمية وحلفائها في المنطقة إسقاط الرئيس أردوغان وإيقاف تركيا من الصعود. تريد  قوى الشر الدولية تحقيق هذا الهدف الغادر ولو أدخلت تركيا والمنطقة برمتها في دوامة عنف أخرى أكثر مما هو حاصل الآن.

تواجه تركيا صعوبات ومخاطر تهدد أمنها القومي ووحدتها الجغرافية على الرغم من أنها دولة إقتصادية صاعدة. لذلك، قررت الحكومة التركية إجراء إنتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة في حزيران يونيو المقبل كي تتفرغ لمواجهة تلك التحديات الخطيرة. ستنقل هذه الانتخابات تركيا إلى نظام رئاسي، مما يعني أن الدولة ستكون قوية وقادرة على مواجهة التحديات الراهنة وأيضاً تحقيق الرفاهية للمواطن التركي.

يبدو أن المعارضة التركية ستفشل هذه المرة حتى ولو ترشح عبدالله غل ودعمته كل أحزاب المعارضة بما فيها حزب الشعب الجمهوري، لأنهم يريدوا إسقاط أردوغان فقط، مما يعني أن الرجل رقم صعب ولم يستطيعوا مواجهته عبر صناديق الإقتراع كل حزب بمفرده. وبالتالي، تحاول أحزاب المعارضة التكتل من أجل هزيمة أردوغان، وحال المعارضة " تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى."

لا أحد ينكر المشاريع العملاقة التي حققها الرئيس التركي رجب أردوغان إلا جاحد وينطبق عليه البيت الشعري الشهيرللإمام البوصيري:

"قد تُنكِرُ العَيْنُ ضوْءَ الشمسِ مِنْ رَمَدٍ *** ويُنكِرُ الفَمُ طَعْمَ الماءِ من سَقَم" ليس المجال لذكر هذه المشاريع.  لو لم يكن للرئيس التركي سوى مشاريع الخطوط والمطارات والجامعات والمستشفيات والجسور لكفى ذلك، لكنه حقق لتركيا المسلمة ما لم يتصوره الشعب التركي، بل والعالم أجمع. تحدثت التقارير الدولية في مطلع الشهر الحالي أن تركيا حققت معدل النمو رقم واحد بين الدول العشرين في العام 2017 وبنسبة 7,4% . يعتبر هذا إنتصارا إقتصادياً عملاقاً يحسب لحكومة العدالة والتنمية.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان شخص مخضرم وعنيد وسياسي محنك وشخصية ذكية ويعرف كيف يتصرف تجاه خصومه سواء في الداخل أو الخارج. لذلك، من الصعب هزيمته خاصة في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ تركيا المسلمة، حيث أن هناك مؤامرات دولية تحاك ضد تركيا سواء في بحر إيجه، حيث تشير التقارير إلى أن هناك صراع يوشك أن ينفجر بين اليونان وتركيا. طبعا، تدعم مصر وإسرائيل والإمارات اليونان وبضوء أخضر أمريكي. لكن، الحكومة التركية منتبهة لهذه المؤامرة بشكل لا يتصوره أعداءها.

 نعرف جيدا أن أمريكا مصرة على هزيمة المشروع التركي العملاق الذي هو فخرا لكل مسلم. لقد رأينا في بداية القرن الحالي كيف دمرت أمريكا العراق حينما كان قد وصل إلى مرحلة متقدمة من التطور بل أنه كان ينافس الأوربيين في ثمانينيات القرن الماضي. كانت العراق دولة قوية بغض النظر عن سياسة الرئيس الراحل  صدام حسين المجيد. لكن، حين حست أمريكا بخطر النظام العراقي وبقوته، بدأت تتآمر على العراق الشقيق ودمرته وحولته إلى كانتونات صغيرة  ومتناحرة على أسس طائفية وعرقية. تريد أمريكا تكرار نفس السيناريو في تركيا المسلمة بعد أن نجحت في سوريا الجريحة.  لكن، هيهات أن يحدث لها ما تتمناه، فهي أمام حفيد عدنان مندريس وأربكان والقانوني والفاتح، إنه الطيب أردوغان الذي أخرج بلاده إلى بر الأمان.

 لقد رأينا كيف دعمت المخابرات الأمريكية منظمة فتح الله غولن بالمال والسلاح. كما رأينا المكر الأمريكي من خلال دعمه لجناح غولن في الجيش التركي، فحينما أسقط الجناح العسكري لغولن المتغلغل في الجيس التركي الطائرة الروسية، أرادت أمريكا تفجير الصراع  في المنطقة بين تركيا وروسيا.  فهمت الحكومة التركية ذلك وسارعت بحل الخلاف مع روسيا.

كما أن بعض الأطراف الإقليمية والدولية بالإضافة إلى الإدارة الأمريكية كانوا متورطين في إنقلاب تموز يوليو 2016 ضد حكومة حزب العدالة والتنمية التركي. لكن، إرادة الله وصدق ووفاء حكومة تركيا وشعبها الطيب أفشلوا ذلك الانقلاب الغادر بطريقة إسطورية جعلت العالم ينبهر من حب الشعب التركي لرئيسه الطيب أردوغان.

كما أن تركيا تواجه مؤامرة خبيثة في جنوب بلادها اليوم، حيث ألمحت أمريكا إلى إدخال قوات عربية في شمال سوريا،  وقد رأينا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حينما ألمح في خطابه أمام الرؤسا والملوك العرب في قمة القدس التي عقدت في مدينة الظهران السعودية على شاطئ خليج العرب إلى تركيا المسلمة حيث قال " إن هناك قوات دولة أجنبية متواجدة في بلدين عربيين في إشارة واضحة لجنود تركيا المتواجدين في الشمال السوري وفي بعض الأجزاء من العراق. نسي قائد الانقلاب المصري أن قوات أمريكا وروسيا وإيران متواجدين في سوريا! كما نسي أن قوات أمريكا والحرس الثوري الإيراني متواجدين في العراق!

إذا نجح المخطط الأمريكي الغادر في إقناع الحكومات العربية بإرسال جنود عرب إلى شمال سوريا، معنى ذلك الدخول عمليا في حرب عربية تركية وبمساعدة أمريكية. نأمل أن لا يتحقق ذلك، كما نأمل من القادة العرب الذين تضحك عليهم أمريكا أن لا يتورطوا في مثل هذه الأعمال التي لن تزيد الطين الا بلة في منطقتنا الملتهبة. حذرت الدولة التركية الدول العربية من مغبة هذا السيناريو الخطير. لذلك، على الحكومات العربية المتورطة في دعم الحركات الارهابية في شمال سوريا أن تأخذ العبر مما حصل في الأيام الماضية وكيف دمرت تركيا الأنفاق التي بنتها الإمارات للحركات الإرهابية في شمال سوريا ولم ينفع الإمارات تلك اللعبة اللئيمة، وحتما ستفشل الإمارات أو أي دولة عربية تحاول مواجهة تركيا.

 فشلت أمريكا في دعم الأكراد في شمال العراق وسوريا كي يهددوا أمن تركيا القومي. أفشلت حكومة تركيا مخطط إنفصال أكراد العراق، وأيضا أفشلت مخطط أمريكا في شمال سوريا من خلال دخول قواتها إلى منطقة عفرين السورية وتحريرها من قوات المنظمات الارهابية الموالية لإسرائيل وأمريكا.

ختاماً...ستحدد إنتخابات تركيا القادمة مستقبل تركيا، فهل سيجدد الشعب التركي بيعته لرئيسه الحالي أردوغان لاستكمال مشروع تركيا العملاق. نأمل أن نرى ذلك، كما نأمل أن لا تنجح قوى الشر في تركيا المسلمة. حفظ الله تركيا المسلمة وكل شعوبنا العربية المقهورة.

عن الكاتب

عادل دشيله

كاتب وباحث يمني


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس