حسن بصري يالتشين – صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس

ذكرتُ مسبقاً أن المعارضة الداخلية تستجمع تركيزها تجاه الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التركية، لكن أعتقد أن ذلك ليس سعياً مبنياً على الإرادة الطبيعية إنما هو عبارة عن ردة فعل من قبل زعماء المعارضة، إذ لا يوجد أي طرف إيجابي في البقاء للجولة الثانية من الانتخابات، وذلك يشير إلى أن عقلية المعارضة تدرك أنها لن تستطيع النجاح في الجولة الأولى ولذلك تحاول أن تكسب بعضاً من الوقت من خلال السعي للوصول إلى الجولة الثانية، وكذلك يجب عدم الاهتمام بالإشاعات والأسماء المذكورة في هذا الصدد، في نهاية اليوم ستركد المياه وتعود لمجراها الطبيعي، أي إن المعارضة ستدرج البعض القليل من المرشّحين المزعومين في الوقت الحالي للانتخابات الرئاسية.

يبدو أن المعارضة الداخلية تستمر في السعي لإدراج العديد من المرشّحين في الجولة الأولى من الانتخابات، وفي هذا السياق أعتقد أن حزب الشعب الجمهوري سيلجاً لإدراج أحد الأسماء الموجودة ضمن كادر الحزب، إذ انتشرت العديد من الإشاعات التي تشير إلى ترشيح "أكمل الدين إحسان أوغلو" في الانتخابات السابقة كانت خطوةً غير صائبة، ولذلك يجب على حزب الشعب الجمهوري أن يظهر لناخبيه أنه قد أدرج شخصاً من كادره السياسي في هذه المرة، لأن التصرّف بخلاف هذا الشكل والفشل في الانتخابات سيدفع حزب الشعب الجمهوري للسقوط في داهية قد لا يجد مخرجاً منها.

لكن في الوضع الحالي لا يدور النقاش الداخلي لحزب الشعب الجمهوري حول النجاح في الانتخابات، إنما يؤمن الكادر السياسي للحزب بأن المرشّح الجديد سيبوء بالفشل في هذا المرة أيضاً، ولهذا السبب يتراجع زعيم الحزب "كمال كليجدار أوغلو" عن ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية، ويتبيّن من خلال ذلك أن كليجدار أوغلو يهتم بالحفاظ على منصبه الحالي فقط، ولذلك يسعى إلى إدراج "محرّم إينجه" كمرشّح من أجل تصفيته عندما يبوء بالفشل، في حين أن إينجه يرجّح مشاركة كليجدار أوغلو بنفسه في الانتخابات لأنه على دراية تامة بعدم وجود طريقة أخرى لتصفية كليجدار أوغلو، إذ سيؤدي فشل كليجدار أوغلو في الانتخابات إلى خسارة منصبه في الحزب أيضاً ولذلك لا يبادر كليجدار أوغلو في ترشيح نفسه للانتخابات.

ومن جهة أخرى قد يوافق إينجه على الترشّح للانتخابات لأنه يؤمن بأن هذه هي الفرصة الأخيرة أمامه للبقاء، ويعتقد أنه يستطيع الضغط على كليجدار أوغلو إن تمكّن من بذل المجهود الكافي وتقديم عرض جيد لرفع معنويات المعارضة حتى وإن فشل في الانتخابات، لكن أعتقد أن حسابات إينجه خاطئة لأن طبيعة هيكل الحزب في الوضع الحالي لا تترك مجالاً لأي وسيلة من أجل الإطاحة بكليجدار اوغلو، ونظراً إلى هذه التطورات يمكن القول إن إينجه هو المرشّح الأول للمعارضة الداخلية.

أما بالنسبة إلى الحزب الجيد فإن موقفه ما زال ثابتاً، وقد أفادت "ميرال أكشنار" بإنها ستشارك في الانتخابات في جميع الأحوال، وتوضّح أنها ترفض المفاوضة في هذا الخصوص على الرغم من الدعم الذي قدمه حزب الشعب الجمهوري لها -انتقال خمسة عشر نائباً من حزب الشعب الجمهوري لكادر الحزب الجيد- ولذلك يمكن القول إن أكشنار هي المرشّح الثاني للمعارضة.

وكذلك حزب الشعوب الديمقراطي سيدرج مرشّحاً من ضمن كادره السياسي، لا أعلم المدى القانوني للمسألة لكن لطالما كان "صلاح الدين دميرطاش" المرشّح المفضّل للحزب، وفي حال عدم السماح بترشيح دميرطاش فإن المرشّح البديل لحزب الشعوب الديمقراطي قد يكون "سريّا أوندر"، لكن توضّح مؤخراً أن الفكر اليساري القديم لا يعود بالفائدة على الصعيد السياسي، ولذلك أصبحت ميول ناخبي حزب الشعوب الديمقراطي تتجه نحو إدراج شخص من الأصل الكردي ليكون مرشّحاً للانتخابات الرئاسية، ولهذا السبب يبدو أن احتمال إدراج "بيرفين بولدان" أكبر من احتمال إدراج أوندر للترشّح، كما أن إدراج امرأة كمرشّح للانتخابات الرئاسية سيكون مناسباً للحملات الدعائية التي تنفذّها سياسة حزب الشعوب الديمقراطي أيضاً.

جميعنا نتوقّع إدراج ثلاثة مرشّحين من قبل المعارضة الداخلية سواء كانت الأسماء المذكورة أو أسماء شبيهة بها في المجال السياسي، لكن كما ذكرت مسبقاً إن إدراج ثلاثة مرشّحين لن يكون كافياً لوصول العارضة إلى الجولة الثانية، وبالتالي سينجح أردوغان في الجولة الأولى ولن تكون هناك جولة ثانية، أي إن المعارضة بحاجة لأربعة أو خمسة مرشّحين على الأقل لتصل للجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية.

وفي هذه النقطة يتم ذكر اسم الرئيس التركي السابق "عبد الله غل" في خصوص عودته للدخول في المعادلة السياسية، لكن لا أعتقد أننا وصلنا إلى هذه النقطة في الوقت الحالي، غُل كان يرغب في الترشّح للانتخابات الرئاسية منذ البداية لكنه لا يجرؤ على ذلك، هل يمكن لغُل أن يعتبر هذه الانتخابات بمثابة فرصة أخيرة للبقاء؟ إنه احتمال وارد بالتأكيد، لكن ذلك يتطلّب دعماً كبيراً من جهات سياسية أخرى، وبطبيعة الحال لن يكون دعم "داوود أوغلو" وغيره من الأسماء كافية لنجاح غُل في الانتخابات، لذلك يجب على غُل أن يتفق مع حزب الشعب الجمهوري كي يستعيد قوته السياسية ويكون قادراً على العودة إلى الساحة، وأعتقد أن ذلك هو السبيل الوحيد لبقاء المعارضة في الجولة الثانية من الانتخابات، كما أنني لا أؤمن بأن غُل يستطيع النجاح حتى وإن وصل للجولة الثانية من الانتخابات.

عن الكاتب

حسن بصري يالتشين

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس