فهد الرداوي - خاص ترك برس

تتجهز المنطقة الشرق أوسطية لسيناريو صراع تكاد تكتمل ملامحه , فمن مضمار الساحات السياسية التي تستعر فيها حربٌ ناعمة و تبادلٌ للاتهامات من جميع الأطراف , إلى الرسائل العسكرية شديدة اللهجة والتي تُرجمت في معظم حالاتها إلى صِدام شبه مباشر بدأتها العصابة الحوثية بالصواريخ البالستية .... وردّ عليها التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية بعملية نوعية أدت إلى مقتل القيادي الحوثي البارز ( صالح الصمّاد ) مع تصعيدٍ كامل لكافة الجبهات العسكرية اليمنية , نتج عنها دحر العصابة الحوثية في أكثر من موقع وخسارتها لنقاط حيوية ومقتل أكثر قادتها .

الهجمات الصاروخية التي تستهدف المملكة العربية السعودية:

- المصدر والتنفيذ والهدف

 مما لا يدعو للشك أبداً تلك البصمة الإيرانية الواضحة التي تقف خلف هذه الهجمات الغاشمة والتي تحاول إيران من خلالها إيصال رسائل عن طريق العصابة الحوثية المجرمة (عاملها على اليمن ) مفادها , أنَّ إيران تستطيع الوصول الى العمق الداخلي السعودي إذا ما أقدمت السعودية على مهاجمة حليفها الحوثي , وربما تكون هناك دلالات استباقية تريد إيران من خلالها إرسال التحذير الأوضح إذا ما تطور الأمر وقامت السعودية بضرب الحليف الأهم لإيران في المنطقة ألا وهو حزب الله اللبناني (عاملها في لبنان ) لوجود مؤشرات كثيرة تدلُّ على ذلك , فحزب الله اللبناني أصبح الآن دولة داخل دولة , فسيطرته على جميع المفاصل الحيوية (الاقتصادية والعسكرية) جعلت منه حجر عثرةٍ بوجه أي نهوضٍ للدولة اللبنانية , تترجمت من خلال تعطيلٍ مشروط للانتخابات البرلمانية والرئاسية لعشرات الجلسات بالإضافة إلى خدمة النهج التوسعي الإيراني ونشر الفوضى في المنطقة , ما أدى إلى خلخةٍ في المنظومة العربية واختراقٍ واضحٍ للأمن القومي العربي بعد ضياع العراق الذي أصبح بعيداً كل البعد عن واقعه العربي لصالح إيران , ودخول لبنان على خط المواجهة منذ فترة ليست بالبعيدة تتعلق باستقالة الحريري من رئاسة مجلس الوزراء , وما بين السطور ارتسمت المؤشرات التي تُنذر بأنَّ الساحة اللبنانية ملتهبة وحتميةُ تحولها لساحة قتال أو تصفية حسابات إقليمية بات وشيكاً .

لماذا لبنان ؟؟

جميع التسريبات تؤكد وجود مستشارين تابعين لحزب الله اللبناني في اليمن , يقومون بتدريب أفراد من العصابة الحوثية ومساعدتهم على تجميع الصواريخ التي تأتي على شكل أجزاء متفرقة من دمشق وبيروت وطهران على متن سفن تجارية أو رحلات جوية , ومن ثم استهداف المملكة العربية السعودية  بهذه الصواريخ المطورة إيرانياً على الأراضي السورية بمساعدة نظام الأسد وخبراء ايرانيين وكوريين , فضلاً عن التدخل السافر لحزب الله في سوريا واستقلالية قراره داخل الدولة اللبنانية الذي أصبح فيها بمنزلة (الحاكم بأمره) ليجعل بذلك لبنان محافظةً تابعةً لولاية الفقيه في طهران , الشيء الذي يجعل حتمية التحرك العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وبقية الحلفاء لاجتثاث هذا الورم الطائفي العسكري المزروع في خاصرة العرب بات قاب قوسين أو أدنى . 

الموقف العربي واحتمالية الرد العسكري:

 - المملكة العربية السعودية ( قبلة المسلمين والرئيسة الحالية للقمة العربية والأقوى عربياً وإقليمياً )  ,هي الخصم اللدود لإيران صاحبة الحلم التوسعي لأمجاد فارس البائدة والمنهزمة الآن في اليمن والتي أصبحت مصدر إزعاج اقليمي ودولي بسبب برنامجها النووي من جهة وسياساتها في زعزعة أمن واستقرار الدول من جهة أخرى , والموقف العربي اليوم بإمكاناته الهائلة وتحالفاته الدولية الكبيرة أصبح أكثر قوة وصرامة , وجهوزية تامة لأي عمل عسكري رادع ضد أي تهديد للأمن القومي العربي .

إيران أمام الاصطدام أو الاستسلام :   

إيران التي تملك حزب الله الإرهابي وفيلق القدس وأكثر من خمسين ميليشة مسلحة يبذلون لها الولاء والانتماء ويُشاطرونها حلم الإمبراطورية,لن نستسلم ولن نختار الاصطدام بل ستلجأ إلى تفجير المنطقة من خلال نفوذها في العواصم الأربعة "العربية" وخلاياها النائمة في دول الخليج العربي تحت مسميات وشعارات دينية أو جهادية كـ (القدس أو الإسلام أو الشيطان الأكبر) , وربما سيمتد الوضع لعواصم أوروبية وأفريقية كزعزعة الأمن أو استهدافٍ لمصالح دول معينة , لتحوّل بذلك الحرب ضدها إلى حرب استنزاف تمتد لسنوات تكسب من خلالها الوقت للمفاوضات وبعض المقايضات التي تضمن لها استمرارية نظامها السياسي "فقط" مع الانكفاء للداخل والتخلي عن برنامجها النووي وعن تلك الميليشيات الطائفية المقيتة ومناطق النفوذ العربي ليكون الأمر أشبه باتفاقية (لوزان اقليمية جديدة).  

 قد يكون المشهد اليوم أكثر وضوحاً من أي وقتٍ مضى , فجميع المؤشرات الدولية تُثبت بأنَّ صراعاً دامياً عابراً للحدود سيكون عنواناً عريضاً للفترة القريبة القادمة .

عن الكاتب

فهد الرداوي

الأمين العام لتيار التغيير الوطني السوري


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس