ترك برس

تناولت وسائل الإعلام التركية والأجنبية على نطاق واسع، إعلان القيادة التركية خلال الأسابيع الماضية أنها استردت مخزوناتها من الذهب الذي أودعته في الولايات المتحدة الأمريكية، بالتزامن مع تصاعد التوتر بين البلدين في الآونة الأخيرة، وخاصة على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة على الحكومة الشرعية في تركيا منتصف عام 2016.

ونشرت صحيفة "أوراسيا إكسبرت" الروسية، تقريرًا بعنوان "تركيا مفتاح الولايات المتحدة إلى آسيا الوسطى والشرق الأوسط"، حول أسباب سحب احتياطي الذهب التركي البالغ 28.689 طن من الولايات المتحدة الأمريكية، وضرورة أنقرة.

ونقلت الصحيفة عن الأستاذة في جامعة مرمرة التركية بمدينة إسطنبول، فاطمة الزهراء الرافعي، قولها إن تركيا ليست البلد الوحيد الذي سحبت ذهبها من هناك، فالشيء نفسه فعلته ألمانيا وهولاندا، بحسب وكالة "RT".

هذه حركة، بحسب الرافعي، ترمز إلى أن الدول تريد الخروج من هيمنة الدولار. الذهب المحفوظ محليا يعطي البلدان التي تخشى التضخم أملا، وهذا صحيح في حالة تركيا حيث معدل التضخم تجاوز 10%. هذا قرار اقتصادي أكثر من كونه سياسيا.

وحول احتمال تخلي تركيا عن التعامل بالدولار الدولار، قالت الرافعي: نعيش اليوم في عالم متعدد الأقطاب سياسيا واقتصاديا. تركيا لن تتخلى رسميا عن الدولار لمصلحة اليورو. لن تقدم على خطوات ضد الولايات المتحدة لتُوازن "حقد" الأوروبيين.

ووفقًا للأكاديمية، فإن العلاقات التركية الأوروبية بقيت مضطربة على مدى عدة قرون، وليس هناك اليوم ما يدعو إلى الاعتقاد بأنها ستتحسن بسرعة. لذلك، فإن تركيا لن تستخدم اليورو في الأفق القريب. وبما أنه لا بديل جديا للدولار، فستبقى الحسابات تجرى بالعملية الأمريكية كما في السابق.

في السياق، قالت صحيفة "نويه تسوريشر تسايتونغ، السويسرية إن من اللافت للنظر أن استراتيجية تخزين الذهب بالنسبة للبنك المركزي التركي، قد شهدت تغيرا جذريا هذه المرة.

فقد أعلنت القيادة التركية خلال الأسابيع الماضية أنها استردت مخزوناتها من الذهب الذي أودعته في الولايات المتحدة الأمريكية. ومن المتوقع أن يتم إيداع هذا المخزون مستقبلا في بنك التسويات الدولية في بازل وبنك إنجلترا، بحسب الصحيفة.

وخلال السنوات الماضية، أعادت ألمانيا وفرنسا جزءا من السبائك الذهبية الخاصة بِهما التي كانت بحوزة الولايات المتحدة. والجدير بالذكر أنه ومنذ 100 سنة تقريبا، تقوم البنوك المركزية حول العالم بإيداع الذهب لدى بنوك مركزية من دول أخرى.

وأضافت الصحيفة السويسرية أنه ربما يكون السبب وراء الخطوة التي أقدمت عليها أنقرة باستعادة مخزونها من الذهب لدى الولايات المتحدة، الإجراءات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية في حق نائب الرئيس التنفيذي لبنك "خلق" في نيويورك، هاكان أتيلا.

وقد اتهمت السلطات في الولايات المتحدة أتيلا بانتهاك العقوبات الأمريكية ضد إيران. من جانبه، دافع أردوغان في أكثر من مناسبة عن أتيلا، معتبرا ما يحدث في حقه مؤامرة ضد تركيا.

يقول محللون اقتصاديون إن أنقرة لديها أسباب وجيهة لاستعادة الذهب من بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، في إشارة إلى تزايد التوترات بين واشنطن وأنقرة ، الأمر الذي أثار أزمة ثقة.

وأشار الكاتب والمحلل الاقتصادي التركي مصطفى سونماز في حديث لوكالة سبوتنيك إلى أن القرار التركي قد يكون مدفوعا بالخوف من فرض عقوبات أمريكية محتملة على تركيا بسبب قضية رجل الأعمال رضا ضراب المتهم بتجاوز العقوبات الأمريكية على إيران، والمواجهة المحتملة مع واشنطن حول سوريا.

وأضاف سونماز إن تركيا لم تكتف بسحب احتياطها من الذهب من الولايات المتحدة فحسب، ولكنها سحبت السندات أيضا، وهذا يعني إن أنقرة صفرت حساباتها في أمريكا.

من جهته، اعتبر أنفر إركان، الخبير الاقتصادي التركي، أن الوضع غير معتاد بالنسبة لتركيا. وقال: "خلال الحرب العالمية الثانية، عندما كان زعيم ألمانيا النازي أدولف هتلر يشكل تهديدًا لأوروبا، حولت العديد من الدول احتياطياتها من الذهب إلى الولايات المتحدة بسبب موقعها الجغرافي ولأسباب أمنية.

ونتيجة لذلك، وضعت تركيا جزءا من احتياطيات الذهب في نيويورك. لكنها بدأت منذ عام 2002 في استعادة أصولها الذهبية".

ووفقا لإركَان، يستغرق نقل احتياطات السبائك الكثير من الوقت لأسباب تتعلق بالسلامة، كما أن من المستحيل نقل جميع المخزونات في وقت واحد، مشيرا إلى أنه في الفترة بين عامي 2016 و2017، تمكنت تركيا من إعادة 220 طن من الذهب إلى البلاد.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!