زهير سالم - مركز الشرق العربي

يعيش الشعب التركي هذه الأيام عرسا ديموقراطيا حقيقيا ، يُغبط عليه ، حيث تلتهب في ساحة المنافسة أصوات الناخبين ، ودعايات المرشحين ، وبرامجهم ، وتصوراتهم لمستقبل دولتهم وشعبهم ووطنهم .

وإن كان لأهل الحق في هذا الميدان من كلمة ولاسيما لملايين المستأمنين من اللاجئين الذين يعيشون على الأرض التركية من سوريين وعراقيين ومصريين وفلسطينيين ، فهي الدعاء للشعب التركي أن يلهمه الله رشده ، وأن يسدد اختياره ، لاختيار القوي الأمين القادر على خدمة الدولة التركية ، وتلبية تطلعات شعبها ..

إن الذي يجب أن يعلن وأن يؤكد عليه من قبل كل المستأمنين الذين يعيشون على الأرض التركية قيادات وأفرادا : أنهم في تركيا ضيوف على الدولة التركية ، وفي جوار الشعب التركي الكريم . وأنهم لا يتدخلون في خصوصيات الدولة التركية والشعب التركي . وأنهم ليسوا طرفا في أي معركة من معاركه الداخلية ، ولا في أي منافسة من منافساته السياسية ..

إن تلاعب موج العواطف ببعض الناس ، ولاسيما بعض القيادات ، وانزلاقهم إلى مواقف وتصريحات وعبارات لا تخدم المضيف ولا الضيف لهو من الجنايات التي تعود بعض الناس أن يجنوها على أنفسهم وعلى من يلوذ بهم ، فيشترون البلاء بالعافية وقد أغناهم الله عن البلاء . وضمنت لهم قواعد الحياة العافية .

إن من أهم الضرورات أن يتحدث هؤلاء المستأمنون أو اللاجئون ( إذا شئتم ) باحترام بالغ عن الطيف التركي بكل مكوناته . أن يتحدثوا بتوقير عن المؤسسات والأحزاب والقوى والشخصيات ، فنحن - معاشر المستأمنين - لسنا جزء من هذا التنافس السياسي المحموم والمشروع..بل سنظل نكرر أننا نغبط الشعب التركي على نعمة عظمى هو فيها ، ونسأل الله أن تحل قريبا في أوطاننا .

كما أننا نأمل من جميع القوى والمكونات التركية السياسية والمجتمعية ، أن تتفهم البعد الإنساني لوجودنا في ضيافة الدولة التركية والشعب التركي أجمع . نأمل أن تتفهم هذه القوى أن هذا الوجود العارض ليس ضيفا على حزب ، ولا على حكومة وإنما هو ضيف على دولة وعلى شعب . وأنأمل بالتالي من جميع القوى أ، ن تقارب قضايانا في برامجها الانتخابية مقاربة إنسانية بحتة ، وأن تعد بأن تكون طرفا في الدفاع عن قضايا الشعوب العادلة ولاسيما في بلدان الجوار المحرومة من أبسط حقوق الإنسان ..

لا يمكن لأي قوة ديمقراطية ، وتمارس الديمقراطية ، وتستمع بعطاياها ؛ ثم يكون وعدها الديمقراطي أن تكون داعمة للاستبداد ، أو شريكة في حرمان شعوب ، تكالبت عليها قوى الشر في العالم ، من حقها الديمقراطي . لا يمكن للديمقراطية أن تتحالف مع الفساد والاستبداد والظلم ، وعي حين تفعل ، تكون قد حكمت على نفسها ..

بل إن المأمول من جميع القوى الديموقراطية السياسية والمجتمعية في تركية أن تضع في برامجها الانتخابابية بندا يتضمن نصرة المظلوم ، والدفاع عن حق المستضعف المحروم ، ودعم المشروع الديمقراطي في المنطقة ، كخيار وحيد لإخراج المنطقة التي نقتسم العيش فيها من أزمتها الطاحنة . الخير عندك جارك تلقاه في ديارك . ولهيب الحرب لا يعفي ولا يبقي.

نأمل أن تتفهم جميع القوى الديمقراطية والمباشرة للعملية الانتخابية في تركيا أن وجود السوريين وغيرهم من المستأمنين على الأرض التركية هو وجود عابروطارئ ، اقتضته ظروف إنسانية صعبة . وأنه من حق على جميع القوى الديمقراطية الحقيقية أن تجعل من العمل على مساعدة هؤلاء اللاجئين ميدانا للتنافس الحميد . وأن يكون في قائمة وعود كل المرشحين : مساعدة جميع اللاجئين على تجاوز محنتهم ، والعودة الكريمة إلى بلدانهم ، ليمارسوا فيها حقوقهم في انتخابات حرة نزيهة ،كالتي ينعم بها الشعب التركي العظيم .

إن توعية جماهير اللاجئين بهذا الموقف السياسي المبدأي ، والحرص عليه ، هو جزء أصيل من واجبات القيادات السياسية الحية . ومن أساسيات العيش الإنساني في ضيافة الآخرين أو على هوامشهم . و لا يجوز لمن يتولى أمر الناس أن يسكت عن بيان هذا الحق بله أن ينخرط فيما يقابله..

إن التفكير في مستقبل ثلاثة ملايين إنسان ، تستضيفهم الدولة التركية مشكورة على رحب وسعة ، لا يجوز أن يكون موضع لمراهنة المراهنين .

ولو كان لضيوف تركيا من كل المستأمنين، ومن السوريين خاصة ، هيئة حقيقية معبرة عن مصالحهم وتطلعاتهم ومخاوفهم ، لشكلت وفدا يطوف على كل أطراف المعادلة الانتخابية في تركيا لتنهي إليهم : إن هؤلاء المستأمنين يقفون على مسافة واحدة من جميع أطراف العملية الانتخابية . وأنهم سيظلون أوفياء للشعب التركي أجمع ، ولدولته القوية العزيزة ، ولكل من ينتخبه هذا الشعب تعبيرا عن إرادته الحرة ..

اللهم يسّر أشقاءنا الأتراك لليسرى. 

عن الكاتب

زهير سالم

مدير مركز الشرق العربي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس