موقع نيوز ري الروسي - ترجمة وتحرير ترك برس

صرح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في مؤتمر صحفي في السابع من آيار/ مايو الجاري، إثر المحادثات التي جمعته بالرئيس الصربي، ألكسندر فوتشيتش، في أنقرة، بأن "تركيا تعارض، وبشدة، خطط الدول الغربية الرامية إلى خلق أزمة في شبه جزيرة البلقان".

وحسب ما جاء على لسان أردوغان، ستواصل بلاده أنشطتها المكثفة في دول البلقان، لا سيما تلك التي تقودها وكالة التعاون والتنسيق التركية "تيكا"، على الرغم من معارضة الغرب. وفي هذا الشأن، أكد أردوغان أن "تركيا تبذل ما في وسعها لاستعادة المعالم التاريخية في المنطقة، وسنستمر في القيام بمثل هذه الأنشطة في المستقبل".

ووفقا لبيانات وكالة الأناضول التركية، "تمكنت وكالة التعاون والتنسيق التركية، منذ تأسيسها قبل 26 سنة، من تنفيذ مشاريع في العديد من المجالات، على غرار التعليم والصحة والبنية التحتية، فضلا عن الحفاظ على التراث الثقافي في عدد من المناطق في مختلف أنحاء العالم، من البلقان إلى الشرق الأوسط، ومن أفريقيا إلى أمريكا اللاتينية".

وكان قد صرح الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في وقت سابق أمام البرلمان الأوروبي، بأن دول البلقان تمثل ساحة للصراع على المصالح بين كل من الاتحاد الأوروبي وتركيا وروسيا. أما الناطق باسم وزارة الخارجية التركية، حامي أقصوي، فقال إن أنقرة تعتبر هذا النهج غير بناء، في إشارة إلى النهج الأوروبي.

من جهته، وصف الرئيس الصربي، ألكسندر فوتشيتش، أنقرة بالقوة الرئيسية في منطقة البلقان، التي يجب أن تحظى باهتمام كبير. وعلى الجانب التركي، أعرب أردوغان عن ارتياحه لعلاقات التبادل التجاري التي تجمع تركيا بصربيا، والتي تجاوزت قيمتها عتبة المليار دولار للمرة الأولى في السنة الماضية. وقال أردوغان: "آمل أن ترتفع هذه القيمة في سنة 2018، لتصل إلى ملياري دولار".

وفي الحقيقة، لا يخفى على أحد أن السياسة الخارجية التركية الحالية ترى في شبه جزيرة البلقان واحدة من المناطق ذات الأولوية بالنسبة لها، بل وتعتبرها جسرا بين تركيا وأوروبا الوسطى. وقد بدأ تكثيف الاتصالات مع دول البلقان بعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة.

وفي سنة 2008، أعلنت أنقرة عن اتباعها سياسة خارجية "لا تشوبها أية مشاكل مع جيرانها". ومنذ سنة 2013، أكدت القيادة التركية مرارا وتكرارا على فكرة استعادة مناطق النفوذ داخل حدود الإمبراطورية العثمانية وتوسيع نفوذها في منطقة البلقان من خلال العلاقات الاقتصادية التي تربطها بهذه الدول. بالإضافة إلى تنفيذ البرامج الإنسانية على وجه الخصوص؛ كإنشاء مدارس تركية للمسلمين في كل مكان.

والجدير بالذكر أن تركيا شاركت في عمليات مشتركة مع حلف شمال الأطلسي في يوغسلافيا السابقة وقدمت دعما محدودا لمسلمي البوسنة. وكانت أنقرة من بين أول من اعترفوا باستقلال كوسوفو، كما أنها واحدة من أكبر المستثمرين في هذه الجمهورية. علاوة على ذلك، قام مقاولون أتراك، على علاقة وثيقة بأردوغان، بتشييد طرق ومطار في كوسوفو.

مع ذلك، يشير بعض الصحفيين الأتراك إلى أن سخاء تركيا لا يظل دون مقابل. فعلى سبيل المثال، طالبت أنقرة بمراجعة محتوى كتب التاريخ المدرسية وتصحيح الأحكام القاسية التي تحملها عن الإمبراطورية العثمانية.

وفي سنة 2013، أثار بيان أردوغان الشهير الذي قال فيه: "تركيا هي كوسوفو، وكوسوفو هي تركيا" أزمة دبلوماسية خطيرة، خاصة وأن أردوغان كان قد أعلن قبل بضع سنوات عن أحقية تركيا في أراض تابعة لمقدونيا وبلغاريا والبوسنة والهرسك وتراقيا الغربية.

وقبل تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا، أعلنت وسائل إعلام تابعة لدول بلقانية أن واشنطن مستعدة لدعم قوات كوسوفو وترك مهمة إدارتها لأنقرة، إذ أن كوسوفو تعد حليفا مهما لأنقرة، كما أنها تضم واحدة من أكبر القواعد العسكرية في أوروبا. ومن هذا المنطلق، تكون واشنطن قد قدمت تعويضا لتركيا عن عدم دخولها للاتحاد الأوروبي. على الرغم من ذلك، يعتبر مثل هذا السيناريو غير واقعي في الوقت الراهن.

في هذا الصدد، تطرق قسطنطين فورونوف، الخبير المهتم بالشؤون والصراعات الإقليمية في قسم الدراسات السياسية الأوروبية التابع لمعهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية، للحديث عن مدى قدرة أردوغان على التدخل لمنع تنفيذ الغرب لخططهم في دول البلقان.

وقد أكد الخبير أن أردوغان يواصل انتهاج سياسته التي تتعارض مع مصالح الغرب في سوريا والعراق وفي منطقة الشرق الأوسط عموما، من جهة. من جهة أخرى، تدافع تركيا عن مصالحها في منطقة البلقان مستندة بذلك إلى العامل التاريخي لتواجدها في المنطقة. ومما لا شك فيه أن تركيا ستواصل عملها في هذا الاتجاه. وفي حال لم تتمكن من استعادة قوتها السابقة كإمبراطورية عثمانية عظمى، فستتمكن، على الأقل، من تعزيز موقفها في منطقة شبه جزيرة البلقان.

وفي هذا الإطار، يرى الخبير أن نفوذ أنقرة في شبه جزيرة البلقان سيكون ذو وقع إيجابي ويقي من زعزعة الاستقرار. وعلى العموم، تتبع تركيا سياسة مخالفة للخطط الغربية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!