ترك برس

علقت صحيفة الأخبار اللبنانية على قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران،وانعكاساته على منطقة الشرق الأوسط، ورأت أنه سيعزز الدور التركي في المنطقة.

وقال المعلق السياسي في الصحيفة، جوني منير، إن عودة مناخ المواجهة بين واشنطن وطهران سيُلزم أمريكا برسم معادلة جديدة في المنطقة تفترض وجود قوى إقليمية مؤثرة قادرة على التوازن مع إيران، وتبقي تركيا في طليعة هذه القوى.

وأشار منير إلى أن أنقرة تحت قيادة الرئيس أردوغان بعد أن أيقنت أن حلم الانضمام الى الاتحاد الأوروبي لن يتحقق، آثرت منذ مدة بعيدة الانكفاء عن طموحها غربا والتركيز الشرق الأوسط.

واستعرض المحلل اللبناني الجهود التي تقوم بها تركيا في سبيل تعزيز دورها في الشرق الأوسط، من الصدام مع إسرائيل، ومناصرة الفلسطينيين، وفي الوقت نفسه عمل الرئيس أردوغان على تقديم تركيا كقوة إقليمية قادرة على الوقوف في وجه التمدد الإيراني غربا للوصول الى البحر المتوسط ولكن من دون التصادم المباشر معها.

وعلى الساحة السورية كانت تركيا البوابة الواسعة  للمجموعات المعارِضة للنظام السوري الذي كان يحظى بالدعم الإيراني المفتوح والشامل. لكن في ظل تطور الحرب وذهاب الأمور في اتجاه إعادة ضبط الساحة وتطهيرها من المجموعات الإرهابية، وجدت تركيا نفسها ملزمة بالتراجع الى الوراء، خصوصا وأن أيّ تقدّم لها كان يعرضها لمواجهة مع روسيا.

وأضاف المحلل اللبناني أن ما زاد من واقعية أنقرة اعتماد واشنطن خيار دعم الأكراد وتبنيهم في مواجهة داعش. وفي عام 2014 باشرت واشنطن إنزال الأسلحة الى وحدات حماية الشعب الكردي عن طريق الجو. وهذه الخطوة أقلقت تركيا وجعلتها تعمل على تعديل سياستها.

وبعد الاصطدام الجوي بين تركيا وروسيا بدأ العمل بين البلدين على رؤيا موحدة تستند الى تقاطع المصالح بينهما ضد واشنطن التي أعلنت دعمها لقوة حدودية في سوريا بقيادة وحدات حماية الشعب. يومَها استنتجت أنقرة أن علاقة واشنطن مع الأكراد ليست علاقة موقتة لمرحلة انتقالية، فاندفعت في اتجاه موسكو.

ووفقا للمحلل اللبناني، فإن سماح روسيا لتركيا بالدخول إلى عفرين،كان لحسابات تتعلق بالتقاط أوراق من واشنطن، لكنها تدرك في نهاية الأمر أن هناك تعارضا ما بين المصالح التركية والمصالح الروسية في شمال سوريا. لذلك لمحت موسكو مرات عدة الى ضرورة انسحاب تركيا من شمال سوريا.

كذلك فإن إيران أرسلت إشارات الاعتراض منذ لحظة اجتياز أول جندي تركي للحدود التركية ـ السورية. فالوجود العسكري التركي، ولو أزعج واشنطن في المرحلة الحالية لناحية حرب على الأكراد، إلا أنه سيشكل في المدى المنظور عاملاً مناقضا للمصالح الإيرانية.

ويستنتج الكاتب من رد الفعل التركي المؤيد للقصف الأمريكي - الفرنسي لمواقع في سوريا، ورفض أنقرة السماح باستخدام قاعدة إنجرليك في عمليات القصف، أن تركيا تحاول التوفيق بين العمل بمفردها أو العمل ضمن تحالف روسي ـ إيراني ـ تركي. لكن هذه الصورة المتداخلة تدفع تركيا الى التروي وعدم الإقدام على توسيع عملياتها العسكرية غربا في اتجاه منبج.

ولفت إلى أن أنقرة تأمل في أن تساهم التطورات الجديدة والتدهور الذي يصيب العلاقات الأمريكية ـ الإيرانية في رفع درجة الحاجة الى توازنات جديدة تسمح لتركيا بتوسيع دورها في سوريا.

وأضاف أن هناك شعور متزايد بالسعي التركي لدور أوسع وأفعل في الشرق الأوسط وربما أبعد منه. ويضرب مثالا على ذلك بمؤتمر جبل الزيتون حول القدس الذي حضره الرئيس أردوغان، ومؤتمر الصحفيين العرب الذي شهد حضورا واسعا من كافة البلدان العربية، إضافة إلى مؤتمرات أُخرى تخص العالم العربي.

ونوه إلى أن مؤتمر الصحفيين العرب حمل عناوين إضافية تدل على رغبة تركيا في مزيد من التقارب مع العالم العربي، مثل الانتقادالصريح للغرب، والكفاح ضد الهجمة الأمريكية الغربية، والتعامل المباشر بين الدول العربية وتركيا دون وساطة غربية، وانتقادات وساعة لإيران ودورها التوسعي في العالم العربي.

ويعلق الكاتب في ختام مقاله على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة في تركيا، بأن الرئيس أردوغان اختار اللحظة المواتية للفوز بكل ما يطمح إليه داخليا استعدادا لإدخال تركيا لاعبا مؤثرا وصاحب دور أكبر في الشرق الأوسط.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!