حسن بصري يالتشين – صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس

ما زال الجدل مستمرا بالتزامن مع تحديد أسماء مرشّحي انتخابات 24 حزيران/يونيو المبكّرة، إذ انتهى بحث جبهة المعارضة عن المرشّحين وتم تحديد الأسماء التي ستشارك في الانتخابات، كما أُلغيت فكرة المرشّح التوافقي تاركةً مكانها لخيار آخر وهو إدراج مرشّحين مختلفين من كل حزب في المعارضة الداخلية، وبالتالي أدى ذلك إلى انخفاض احتمال وصول المعارضة لمنصب رئاسة الجمهورية، وما زالت جبهة المعارضة تسعى لنقل الانتخابات إلى الجولة الثانية من خلال زيادة عدد المرشّحين، ولذلك يتم تنظيم حملات دعائية مختلفة للأعضاء المرشّحين من أجل جمع أصوات الناخبين، لكن هذا السعي لا يهدف إلى النجاح في الانتخابات، إنما هو عبارة عن محاولة لنقل الانتخابات إلى الجولة الثانية فقط، وفي هذه الحال يكون احتمال النجاح ضعيف جداً.

أما بالنسبة إلى التحالف الرئاسي فإن الأمور تسير بشكل إيجابي وتزداد قوة الاتفاق الموجود بين أردوغان وباهتشيلي مع مرور الوقت، إذ يمكن القول إن أردوغان المدعوم من قبل ناخبي حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية يستطيع تجاوز حد الـ 50% في جميع الأحوال، وبالتالي إن التحالف الرئاسي يسعى لحسم المسألة في الجولة الأولى على عكس المعارضة، كما يجب ألا ننسى أنّ أردوغان هو الخيار المفضّل الأول للأغلبية العظمى من المجتمع، لكن في الوقت نفسه هو الخيار المفضّل الثاني لباقي أقسام المجتمع أيضاً، وذلك يشير إلى أن نسبة الأصوات الموجّهة لأردوغان  ستزداد بشكل ملحوظ في حال انتقال الانتخابات للجولة الثانية.

في هذا السياق إن جبهة المعارضة لم تتمكّن من  تحديد استراتيجية قوة، بل على العكس تماماً تكتفي بمحاولة إنقاذ الموقف فقط، وذلك لأنها لم تستطع اختيار أحد الطرق المفتوحة أمامها، وبالتالي أدت الظروف إلى دفع المعارضة لخيارات غير موفقة بالنسبة لها، إذ كانت الخطة الأولى إدراج مرشّح توافقي ضمن اتفاق بين أحزاب المعارضة، والهدف منها هو نقل الانتخابات للجولة الثانية وزيادة قوة مرشّح المعارضة، ولهذا السبب انتشر اسم "عبد الله غُل" في الوسط التركي، لأن غٌل يُعتبر الخيار الأفضل الثاني عقب أردوغان بالنسبة إلى بعض فئات المجتمع، وكان من المتوقّع أن يحصل على أصوات ناخبي الحزب الجيد وحزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي في حال وصوله للجولة الثانية، لكن رأينا مسبقاً أن إدراج مرشّح مشترك في الانتخابات لا يكف لهزيمة أردوغان، وعلى الرغم من ذلك حاولت المعارضة إدراج غُل في الانتخابات ولكنها فشلت في ذلك أيضاً، ولم يكن ذلك ضمن رغبة المعارضة، إنما اضطرت لذلك نظراً إلى أن إدراج أسماء مثل "محرّم إينجه" و "ميرال أكشنار" و "تيميل كارامولا أوغلو" سيزيد من احتمال وصول المعارضة للجولة الثانية، لكن لا يبدو أن أي أحد من هذه الأسماء يستطيع الحصول على أصوات المرشّحين الآخرين في الجولة الثانية، وبالتالي يتبيّن أن مرشّح المعارضة في حال وصولها للجولة الثانية سيكون محرّم إينجه.

في هذه الحال يبدو أن إينجه لن يستطيع الحصول على أصوات ناخبي الفئة المذكورة من المجتمع، يمكن لإينجه أن يصل إلى نسبة 25% في الجولة الأولى، لكن لا يستطيع تجاوز نسبة الـ 30% في الجولة الثانية، وتؤمن جبهة المعارضة بأن هذا الاحتمال يستحقّ المحاولة، لكن قد يؤدي وصول الانتخابات للجولة الثانية إلى تجزئة جبهة المعارضة، بل وقد تتأزم الأمور أكثر من ذلك لتصل إلى درجة ظهور تحزبات ضمن كادر حزب الشعب الجمهوري أيضاً، وخصوصاً أن الأحزاب الصغيرة المشاركة في اتفاق المعارضة الجديد ستميل إلى احتمال أنها تستطيع النجاح لوحدها في الانتخابات.

في هذا السياق يمكن لإينجه الذي يزعم أنه يحصل على معظم الأصوات بدعم من كليجدار أوغلو أن يسعى لمواجهة الأخير من أجل الوصول إلى منصب رئاسة حزب الشعب الجمهوري في حال فشله في الانتخابات الرئاسية، قد لا يتمكّن لإينجه من الإطاحة بكليجدار أوغلو الذي يسيطر على معظم أقسام الحزب بالأساليب الديمقراطية، لكن نظراً إلى الظروف الجديدة يمكن لإينجه أن يبدأ بتأسيس حزب جديد من خلال جذب مؤيدي "مصطفى كمال أتاتورك" الموجودين ضمن صفوف حزب الشعب الجمهوري، لأن حزب كليجدار أوغلو قد يميل إلى اليسار الهامشي خلال الفترات المقبلة، كما يمكن للأخير أن يميل لحزب الشعوب الديمقراطي أيضاً، ولذلك سيسعى مؤيدوا أتاتورك التابعين لحزب الشعب الجمهوري إلى البحث عن ملجأ جديد لأنفسهم، ولذلك يمكن لأكشنار أو إينجه جذب هذه الفئة من الناخبين لصفوفهم، وبالتالي ستتشكّل منافسة جديدة بين الأخيرين والمنتصر سيكون العنوان الجديد للمعارضة، لا يمكننا معرفة الجهات المستفيدة في ظل هذه الظروف، لكن يمكن القول إن المتضرّر الأكبر هو حزب الشعب الجمهوري.

عن الكاتب

حسن بصري يالتشين

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس