ترك برس

في وقت تتجه فيه عيون المراقبين السياسيين لزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للعاصمة البريطانية لندن ولقائه رئيسة الحكومة تيريزا ماي، ذكرت صحيفة صباح التركية أن بريطانيا قد تحل محل الولايات المتحدة كأقرب حليف لتركيا في الغرب في ضوء الشراكة الاستراتيجية الناشئة بين البلدين.

وكان الرئيس أردوغان قد وصف بريطانيا بأنها "الحليف الاستراتيجي الثمين والموثوق به"، وذلك قبيل وصوله إلى لندن. وقال أردوغان في منتدى عقد غربي العاصمة لندن ضم رجال أعمال ومستثمرين من البلدين: "أعتبر أن الشراكة بين تركيا والمملكة المتحدة ضرورة أكثر منها خيارا بسيطا ولمصلحة البلدين".

وأوضحت الصحيفة أن الحكومة البريطانية قامت خلال السنوات الأخيرة بسلسلة من التحركات الذكية التي مكنت لندن من تعزيز علاقة المنفعة المتبادلة مع الأتراك، وكسب احترام تركيا وصداقتها. ولذلك فإن علاقات تركيا الممتازة مع المملكة المتحدة هي دليل على استعداد أنقرة للتعاون مع حلفائها الغربيين، شريطة ألا يسعوا إلى تقويض المصالح التركية.

وبحسب الصحيفة التركية فإن أول هذه الإجراءات تعهد بريطانيا بمكافحة الإرهاب، وعلى وجه التحديد المنظمات الإرهابية، مثل حزب العمال الكردستاني وتنظيم فتح الله غولن الإرهابي بعد أن أدرجت حزب العمال منظمة إرهابية في عام 2001 على عكس كثير من الدول الأوروبية الأخرى.

وأضافت أن لندن دعمت هذا الإجراء بتأكيدها على ارتباط العمال الكردستاني بفرعه السوري وحدات حماية الشعب الكردي، ونأت بنفسها عن تلك الميليشيات، كما اتخذت خطوات ملموسة لاعتقال ومحاكمة المقاتلين الأجانب الذين سافروا بشكل غير قانوني إلى سوريا للانضمام إلى إرهابيي حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب.

وفي الوقت نفسه، انحازت بريطانيا إلى الحكومة التركية المنتخبة ديمقراطياً في أعقاب محاولة الانقلاب العسكري الساقط  في 15 يوليو/ تموز 2016، وأثبتت أنها حليف يمكن الاعتماد عليه حيث أدانت الانقلاب واعتبرته هجوما على الديمقراطية التركية، وكانت من بين الدول القليلة التي أكدت صراحة وجود صلة بين الانقلابيين وتنظيم غولن الإرهابي. وفي السنوات الأخيرة امتنعت الحكومة البريطانية عن منح اللجوء السياسي لأعضاء تنظيم غولن على عكس كثير من الدول الأوروبية التي منحتهم المأوى.

وتابعت الصحيفة أن أنقرة ولندن بعد أن شاركتا في القتال ضد تنظيم داعش في سوريا في إطار التحالف العالمي، متفقتان على أن الصراع السوري يجب أن ينتهي دون مزيد من التأخير، وعلى وجوب  التخلص من الإرهابيين ونظام بشار الأسد. وقد تلعب الإجراءات المتبادلة التي اتخذتها تركيا وبريطانيا في سوريا دورا مهماً في ملء فراغ القوة الذي أحدثته الولايات المتحدة.

وأخيرا، فإن التعاون بين البلدين في قضايا الأمن والتجارة والسياسة الخارجية له أهمية كبيرة في فترة ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ومن المحتمل أن يمهد تحسين العلاقات التجارية، واتفاقيات التجارة الحرة، الطريق للوصول إلى هدف رفع  حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 20 مليار دولار.

وعلاوة على ذلك، يبرز مشروع الطائرة المقاتلة التركية من الجيل الخامس TF-X الذي يتم تنفيذه بالتعاون بين وزارة الدفاع التركية ومؤسسة الدفاع البريطانية كأهم دليل على إمكانات التعاون الثنائي. وفي الوقت نفسه، تلعب بريطانيا دورًا حساسًا وثابتًا تجاه تصاعد موجة العداء للإسلام في جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة، ضاربة المثل للدول الأوروبية التي تضر مجتمعاتها من خلال المشاعر المعادية للإسلام.

وخلصت الصحيفة إلى أن زيارة الرئيس التركي سوف تسهم في الجهود المبذولة لنقل العلاقة إلى مرحلة تالية، وأن موقف بريطانيا المتماسك من الارتباك الإقليمي الذي أوجدته الولايات المتحدة هو أمر بالغ الأهمية.

وأضافت أنه في ظل هذه الظروف، يبدو من المعقول أن تحل بريطانيا محل الولايات المتحدة قريباً كأقرب حليف لتركيا في الغرب. وفي ضوء الشراكة الاستراتيجية الناشئة مع لندن، يتعين على صانعي السياسة الغربيين أن يسألوا أنفسهم ما إذا كان فقدان الأتراك هو خيارهم الوحيد.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!