حسن بولنت قهرمان – صحيفة – صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

يقول ديفيد بروكس في مقالته التي نشرتها صحيفة انترناشيونال نييورك تايمز :"لو قام كتّاب مجلة شارلي إيبدو الساخرة، بنشر أعدادها داخل حرم جامعي في الولايات المتحدة الأمريكية، لما استمروا في بيعها أكثر من 30 ثانية، لأن الإدارة هناك ستقوم فورا بمنعها من البيع، وسيقوم المحاضرون والطلبة بإدانة بيعها، لما تحتويه من "تعبيرات الكراهية"، مدللا الكاتب على ذلك بعدة أمثلة حصلت فعليا في الولايات المتحدة الأمريكية.

لهذا فإن بروكس يوجه نداء للأمريكيين ليتصالحوا مع أنفسهم، لأنهم –كما وصفهم- منافقين. حيث يقول إنّ الأمريكيين ينظرون إلى ما تنشره صحيفة شارلي على أنها "حرية التعبير والفكر"، لكن الأمريكيون أنفسهم لا يسمحون بنشر مثل هذه الأمور في الجامعات الأمريكية، فمثلا لم يسمحوا لـ "أيان حرسي علي" بإعطائها أي منبر للتحدث عن انتقادها الشديد "لطهور النساء".

ويرى بروكس أنّ الأمريكيين لا يرون بتلك الهجمات من السخرية بأنها مضحكة، لأنهم يعتبرون مثل هذه الأمور ملائمة للأطفال الذين أعمارهم دون 13 سنة، أما الناضجون فيحترمون ما يؤمن به الآخرون، ولم يحظ أي من الساخرين والمحرضين في الولايات المتحدة الأمريكية على أي أهمية، حسب بروكس.

***

توقعت أنْ يُنهي الكاتب كلامه بانتقاد سخرية شارلي، لكن ذلك لم يحصل، وإنما أنهى مقالته بصورة كلاسيكية، حيث اعتقد أنه لن يحتج أحد على تلك الرسومات، وأنّ أحدا من الأمريكيين لن يخرج ضد ما حصل، ويفسرون ذلك بمعايير الديمقراطية وحرية التعبير.

فبعد ذلك المدخل الرائع الذي بدأ به بروكس، لم يستطع أن ينتقد تلك الرسوم المثيرة للسخرية، وهذا مرده لكونه ينتمي إلى القطب الأقوى والمسيطر في العالم، فلم يستطع وصف تلك الرسوم بأنها محرّضة وتثير العنف والكراهية والحقد.

***

وهنا لا بد أنْ أشير إلى تفسير ما فعله الكاتب، فقد التزم بحدود قد فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية في تسعينيات القرن الماضي، حول عدم السماح بالاستهزاء بالجنسيات واللغات والعقائد والهويات والعلاقات المختلفة التي تضمها المجتمعات الأمريكية، ولذلك لا تستطيعون حتى عمل نكت ونُدر مهما كانت.

نعم، لو تم تطبيق ذلك في العالم أجمع سيكون أفضل، فهذا مبدأ سليم وصحيح، ولذلك عندما لا يتم الاعتراف بجميع الهويات والعقائد والاختلافات المتواجدة في العالم، ولا يتم تطبيق مثل تلك السياسة، سترون ردة فعل قوية تجاهكم، لذا ما حدث في صحيفة شارلي هو رد فعل طبيعي.

عن الكاتب

حسن بولنت قهرمان

كاتب في صحيفة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس