عادل دشيله - خاص ترك برس

لن ينسى العرب الموقف الأخلاقي والسياسي والإنساني والديني للأتراك! تقف تركيا المسلمة دائما مع  الشعوب وتنتصر لقضايا المظلومين. نشعر بالغبن والقهر من تصرف الأنظمة العربية تجاه الانتهاكات الأمريكية وحليفها المدلل الذي يغتصب القدس العربية. لم نكن نتوقع أن العرب صامتين مثل القبور وكأن على روؤس حكام العرب الطير!  شعرنا بالقهر عندما كنا نشاهد إخواننا في غزة وهم يسقطون شهداء الواحد تلو الآخر والعالم لم يحارك ساكنا، حتى ظننا أن القيم الإنسانية النبيلة التي نتشاركها جميعا كبشر قد انتهت ولم يعد يحكم هذا العالم سِوى مجموعة من الوحوش البشرية أمثال ترامب وبنيامين نتانياهو. لكن، لم تخيب أمة محمد صلى الله عليه وسلم أمآلنا، سرعان ما رأينا حفيد الفاتح والقانوني وعبد الحميد الثاني، القوي الأمين، أثناء تواجده في قلب عاصمة الانجليز الذين زرعوا إسرائيل في قلب فلسطين وسلموا القدس هدية لأحفاد هرتزل. لم يصمت السيد رجب أردوغان بل قالها بكل وضوح لا للظلم، لا لقتل الأبرياء، لا لتهويد القدس. القدس عاصمة فلسطين الأبدية وستبقى كذلك. كما أكد السيد أردوغان أن  تركيا  لن ترضى عن ظلم إسرائيل حتى لو أغمض العالم عيناه عما يحصل هناك. كما حذر حفيد الفاتحين من "أن الصمت عن الممارسات الوقحة وغير الإنسانية لإسرائيل سيتسبب في فتح باب خطير للغاية."

 كانت تحركات العملاق التركي سريعة لكشف الوجه الحقيقي لترامب وحليفه المدلل رئيس وزراء  ما يسمى بإسرائيل. نجحت هذه التحركات الحاسمة والصارمة في تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني وتحشيد الرأي  العالمي من خلال إتصالات رئيس تركيا برؤسا العالم. كما أن هذه السياسة المتوازنة والقوية انتصرت لقضية القدس ولو جزئيا. نلخص الموقف التركي في هذه النقاط. أولاً: أصدر الرئيس التركي توجيهاته لحكومة بلادة بتنكيس علم بلاده في كل مؤسسات الدولة. ثانياً: أعلنت حكومة تركيا المسلمة الحداد على شهداء غزة لمدة ثلاثة أيام. ثالثاً: أرسلت مواد طبية ب100مليون دولار إلى غزة وانهت الاستعداد لاستقبال كل الجرحى من أبناء غزة الجريحة. أرسل الرئيس التركي طائرات بلاده لنقل أكثر من 3100 جريح فلسطيني إلى مستشفيات بلاده لتلقي العلاج. رابعاً: وجه الرئيس التركي نداء عاجل لقادة الأمة الإسلامية لحضور القمة التي سوف تستضيفها عاصمة الخلافة الإسلامية (إسطنبول)، والتي هي قبلة المضيوم. ستناقش هذه القمة  انتهاك إدارة ترامب للقانون الدولي  في نقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس المحتلة.

خامساً: طردت تركيا السفير الإسرائلي من أنقره وأخرجته وهو يحمل لعنات الأطفال الفلسطينيين الذين قتلتهم آلة القمع الصهيونية. هذه المواقف الخمسة لحكومة تركيا المسلمة، شلت النوم من عيون قادة الكيان الصهيوني الغاصب وجعلتهم يعيدون حسابهم ألف مرة. أيضا، أحرجت تركيا المسلمة الإدارة الأمريكية وعرت الكيان الصهيوني الغاصب وكشفت حقيقة هذا الكيان الهش والمغتصب لأرض الشعب الفلسطيني. قالها أردوغان وبالحرف الواحد " لن نسمح قط بأن تغتصب مدينة القدس من قبل إسرائيل." هذه رسالة واضحة للهمجي ترامب وقادة الليكود الصهيوني أن العالم الإسلامي بقيادة تركيا لن يسمحوا بسقوط القدس. هذا الموقف الشجاع لحفيد الفاتحين ذكرنا بموقف خليفة المسلمين، عبد الحميد الثاني حينما رد على الإغراءات الصهيونية بقوله " لا أستطيع بيع حتى ولو شبر واحد من هذه الأرض، لأن هذه الأرض ليس ملكٌ لشخصي بل هي ملكٌ للدولة العثمانية، نحن ما أخذنا هذه الأراضي إلا بسكب الدماء والقوة ولن نسلمها لأحد إلا بسكب الدماء والقوة والله لإن قطعتم جسدي قطعة قطعة لن أتخلى عن شبرٍ واحد من فلسطين."  

يعرف الأتراك أن "الحياة وقفة عز" ولذلك، وقفوا في الجانب الصحيح من التاريخ مما يعزز مكانتهم في العالم الإسلامي.

 في المقابل لا يزال سفراء الكيان المحتل الغاصب ينعمون في عاصمة الأردن، عمان، وعاصمة أرض الكنانة القاهرة. شيء مؤلم ومحزن ومخزي أن يُطرد السفراء الإسرائيلين من جنوب أفريقيا والنرويج وإيرلندا ويبقون في عواصم عربية! لا نعرف هل ضاعت نخوة العرب؟ ألم يحرك مشاعرهم دماء الأبرياء التي سفكها جيش المحتل الغاصب في غزة المحاصرة؟! ألم يشعروا بتأنيب الضمير ويحسوا باللكمات الإسرائيلية التي توجهها لهم كل يوم؟ ففي الوقت الذي استشهد فيه نحو 62 فلسطينيًّا، وجرح أكثر من 3100 آخرين، نتيجة لهجوم من قبل جيش الصهاينة  بالرصاص الحي  على المتظاهرين الفلسطيين  في غزة، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي القاتل بنيامين نتنياهو يرقص رقصة الدجاجة احتفالًا بفوز المطربة الإسرائيلية نيتا برزيلاي في المسابقة الأوربية!

لكن، نؤكد وللمرة الألف أن فلسطين لن تضيع ما دام وفي الأمة الإسلامية  أمثال الطيب أردوغان. لن تطول فرحة أحفاد هرتزل وبن غوريون ولن يدوم دعم الفيل الهمجي ترامب لهم. سيخرج الصهاينة من فلسطين الجريحة وستبقى القدس عاصمة فلسطين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

ختاما... شكرا لتركيا المسلمة ورئيسها القوي الأمين وحكومتها وأحزابها المعارضة الذين وقفوا وقفة عز وصدق مع أشقائهم في فلسطين الجريحة.

عن الكاتب

عادل دشيله

كاتب وباحث يمني


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس