ترك برس

تباينت آراء الخبراء والمحليين السياسيين حول الحضور العربي الضعيف للقمة الإسلامية الطارئة التي احتضنتها مدينة إسطنبول التركية يوم الجمعة (19 مايو/ أيار الجاري) بدعوة من الرئيس رجب طيب أردوغان، على خلفية التطورات الأخيرة في فلسطين.

وطالب البيان الختامي للقمة، المؤسسات الدولية باتخاذ الخطوات اللازمة لتشكيل لجنة تحقيق دولية حول الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على حدود غزة، وإرسال قوة دولية لحماية الفلسطينيين.

ومنذ الإثنين الماضي، ارتكب الجيش الإسرائيلي مجزرة دامية بحق متظاهرين سلميين على حدود قطاع غزة، استشهد فيها 65 فلسطينيًا وجرح أكثر من ثلاثة آلاف آخرين.

وكان المتظاهرون يحتجون على نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس المحتلة، الذي تم الإثنين، ويحيون الذكرى الـ70 لـ"النكبة" الفلسطينية المتزامنة مع قيام إسرائيل.

تقارير إعلامية عدّة أشادة بجهود تركيا "الشقيقة الإسلامية الكبرى"، في تمكين الأمتين العربية والإسلامية من إيصال صوت موحد للعالم، بأن القدس هي العاصمة الأبديّة لفلسطين.

وقالت صحيفة القدس العربي إن تركيا "لعبت دوراً واضحاً وكبيراً في هذه المواجهة، سياسياً عبر تنظيمها لهذه القمة وعبر تصريحات رئيسها ومسؤوليها الكبار وطردها السفير الإسرائيلي، وشعبياً عبر مظاهرات ضخمة في إسطنبول نفسها وفي باقي مدن البلاد".

بدورها، تطرقت جريدة "الشرق الأوسط" السعودية إلى نتائج القمة، بمقال حمل عنوان: "قمة إسطنبول ترفض أي تغيير في وضع القدس"، فيما اختارت "الرياض" السعودية كذلك، تصدير مطالبة القمة الإسلامية بتوفير الحماية الدولية للفلسطينيين.

أبرزت "القبس" الكويتية في تغطيتها كلمات أمير الدولة والرئيس التركي، وجاءت التغطية تحت عناوين: "أردوغان: القدس كرامة المسلمين وتراثهم"، و"الأمير: نقل السفارة الأمريكية إلى القدس تقويض لعملية السلام".

كما أفردت صحف "الشروق" الجزائرية و"السبيل "الأردنية و"الخليج" الإماراتية تغطيات خاصة لمجريات ومخرجات القمة.

صحيفة "عربي21"، قالت إن المبادرة التركية في قضية القدس تأتي في ظل تقصير عربي واضح تجاه القضية التي طالما اعتبرها العرب قضيتهم المركزية.

وقال المحلل السياسي التركي، أوكتاي يلماز، إن الأحداث الطارئة في المنطقة تستحق قمة ثانية في خمسة أشهر بدعوة تركية، بعد القمة التي عقدت في نهاية 2017 للتأكيد على أن القدس عاصمة فلسطين.

ومع سقوط 63 شهيدا في غزة منذ الاثنين الماضي، تساءل يلماز: "إذا لم تعقد القمة الآن فمتى تعقد؟".

ولفت يلماز إلى أن تركيا ترى في القدس قضية ذات مكانة خاصة لها، وتعتبر أن نقل السفارة إلى القدس المحتلة تجاوز للخط الأحمر، وتعمل كل ما باستطاعتها لحشد الرأي العام وإظهار الرفض والتضامن مع الشعب الفلسطيني.

وعن الآراء القائلة بأن القادة الأتراك يحاولون حشد الأصوات للانتخابات الرئاسية القادمة، قال يلماز إن القضية الفلسطينية لا تستغل سياسيا في تركيا لكون جميع الأطياف السياسية بما فيهم المعارضة التركية متوافقون في الملف الفلسطيني.

ولفت يلماز إلى أن الحرص التركي على تحريك المؤسسات الدولية والرأي العام تجاه قضية القدس المحتلة وغزة يتزامن مع تقصير عربي واضح تمثل في غياب صاحب القضية، رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، عن القمة.

وحضر رئيس الوزراء الفلسطيني، رامي الحمد لله، على رأس الوفد الفلسطيني للقمة التي عقدت، الجمعة، في إسطنبول، بطلب من تركيا التي ترأس منظمة التعاون الإسلامي.

وتابع يلماز أن الحشد التركي للقمة لا يطلب دعما عربيا لتركيا في قضاياها الخاصة، بل لقضية عربية إسلامية تتمثل في القدس المحتلة، والشهداء في قطاع غزة.

من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي الأردني، فهد الخيطان، إن ضعف التمثيل لعدد من الدول العربية خصوصا الخليجية منها، يعكس أولويات هذه الدول، فالمملكة العربية السعودية والإمارات ترى أن الخطر الأكبر يأتي من جانب إيران، الأمر الذي انعكس على مستوى التمثيل.

والسبب الآخر برأي الخيطان يتمثل في فتور العلاقة بين تركيا وبعض دول الخليج بسبب اختلاف السياسات الخارجية لكل منها.

وبحسب مقال للكاتب والباحث في الشأن التركي، سعيد الحاج، فإن الموقف التركي أثار الجدل بين من يراه متقدماً ويشكر أنقرة عليه وبين من يراه دون مستوى الحدث ويطالب بالمزيد، ولعل العامل المشترك بينهما هو سقف التوقعات المرتفع من تركيا.

ويرى الحاج أن الأتراك يدركون أن خطوة نقل السفارة الأمريكية ليست مجرد حدث عادي أو مرتجل، وأن ارتداداتها لن تقتصر على الفلسطينيين وحدهم، ويعلمون بالتأكيد خطورة ذلك على فلسطين والمنطقة، ويستشعرون حتماً مدى الآمال المعلقة عليهم والأنظار المتطلعة لهم، ما يمكن أن يساهم في تطوير الموقف وتغذيته بقرارات عملية إضافية، خصوصاً إذا ما كانت بعض الدول العربية والإسلامية على قدر الموقف وحساسيته بما يفتح المجال على قرارات وتحركات جماعية توسّع من إمكانات الفعل وتضخّم من عائد النتائج، فالرجال مواقف والتاريخ سيكون شاهداً لها أو عليها.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!