ترك برس

تصاعد الجدل في ألمانيا حول لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأسبوع الماضي، مع نجمي المنتخب الألماني لكرة القدم مسعود أوزيل، وإلكاي غوندوغان، وهما من أصول تركية، خلال زيارته العاصمة البريطانية لندن.

مدرب المنتخب القومي الألماني يواخيم لوف، رفض بشدة أي حديث عن استبعاد أوزيل وغوندوغان من قائمة لاعبيه بمونديال روسيا، ودافع عن لاعبيه المولودين بمدينة غيلسين كيرشين الألمانية.

واعتبر أن أوزيل وغوندوغان فعلا أشياء كثيرة للاندماج، ونوه إلى أن ذوي الأصول المهاجرة تخفق قلوبهم بحب ألمانيا وأوطان والديهم، بحسب تقرير في موقع "الجزيرة نت".

مقابل تصريحات لوف، اتفق سياسيون من كافة ألوان الطيف السياسي الألماني على توجيه انتقادات شديدة للاعبين لقبولهما اللقاء بأردوغان والتقاط صور معه وأهدائه قميصيهما مع كل من ناديي آرسنال ومانشستر.

واتهمت مفوضة الحكومة الألمانية للاندماج أنيته فيدمان ماوتس اللاعبيْن بالانحناء الخاطئ لأردوغان، واعتبرت ماوتس -المنتمية للحزب المسيحي الديمقراطي الذي تتزعمه المستشارة أنجيلا ميركل- أن قبول اللاعبين التقاط صور مع الرئيس التركي يتناقض مع حملة اتحاد كرة القدم الألماني "نحن التنوع" الداعية لتعزيز التسامح والاحترام.

ورأت رئيسة الكتلة البرلمانية لحزب "بديل لألمانيا" اليميني المتطرف أليس فايديل أن ما فعله اللاعبان تكريس لفشل الاندماج، وأنه كان يتوجب عليهما اللعب منذ وقت طويل لتركيا وليس للمنتخب الألماني.

في المقابل اعتبر ياسين أقطاي مستشار الرئيس التركي أن ردة الفعل الألمانية تجاه صور أردوغان مع اللاعبين تمثل نموذجا لـ"فوبيا أردوغان" المنتشرة بألمانيا.

بدوره قال المحلل السياسي التركي المقيم في برلين جنيد قرداغ أوغلو إن عددا من وسائل الإعلام الألمانية تثير "فوبيا أردوغان" لدى الرأي العام من خلال استمرارها في تصويره بوصفه دكتاتورا دون مراعاة أنه رئيس منتخب ديمقراطيا.

واستغرب أوغلو الانتقادات الواسعة الموجهة للاعبين، مشيرا إلى أن لقاء أردوغان بهما كان "لقاء بين رئيس تركي مولع بكرة القدم ولاعبين مشهورين، ولم يكن ذا أبعاد سياسية.. ومنتقدوه ليس لديهم دراية بطبائع الأتراك".

واعتبر أن رئيس اتحاد كرة القدم الألماني تعامل بمعايير مزدوجة مع أوزيل وغوندوغان، في حين سمح لنفسه بعلاقة مميزة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبلقاء لاعبين ألمان بارزين مع رئيس الحكومة المجرية فيكتور أوربان، الذي يوصف بالمستبد مثل بوتين.

وأرجع المحلل السياسي نشوء ظاهرة "فوبيا أردوغان" إلى غياب طابع التعامل بندية بين ألمانيا وتركيا في الماضي، وتعديل أردوغان بعد انتخابه رئيسا للحكومة عام 2002 لهذا الواقع، واتخاذ حكومته منذ ذاك الحين قرارات مستقلة في تعاملها مع برلين.

لكن الباحث بمركز الدراسات التركية التابع لحكومة ولاية شمال الراين الألمانية يونس ألسوي رأى أن توجهات الرئيس التركي الإسلامية لم تمثل مشكلة للألمان عندما أجرى أردوغان إصلاحات ديمقراطية، وانتهج سياسات مؤيدة لأوروبا وساعية للالتحاق باتحادها.

ولا يوافق ألسوي على مصطلح "فوبيا أردوغان" كتوصيف للمناخ السائد بألمانيا تجاه الرئيس التركي، مؤكدا أن الفوبيا بالمعنى الحرفي ترتبط بالمخاوف، في حين أنه لا يوجد لدى السياسيين أو الصحفيين أو حتى المواطنين الألمان سبب يدعو للخوف من أردوغان.

واعتبر أن المناخ السائد بألمانيا اتجاه أردوغان يمكن اعتباره "هيستريا جزئية" لا تتفق مع الأهمية السياسية الحقيقية لتركيا، وتقلل من محاولات الحكومة الألمانية التأثير واقعيا على هذا البلد.

وذكر أن "الرفض الواسع بألمانيا لشخص وسياسة الرئيس التركي مرتبط باستبداد أردوغان وتعامله مع معارضيه، وتقليصه حرية الصحافة، وإثارته استقطابا انتقل من تركيا إلى الساحة الألمانية حيث يعيش ثلاثة ملايين تركي".

ونبّه الباحث إلى سبب ثان للغضب الألماني من أردوغان هو ابتعاده المتزايد بالسياسة التركية عن الغرب، مثل ما بدا بمواقف تركيا المؤيدة للفلسطينيين والمعادية لإسرائيل، وبالتقييم المتباين أحيانا بين برلين وأنقرة لمصطلح الإرهاب.

 

ورغم كشف الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير السبت الماضي عن استقباله أوزيل وغوندوغان بناء على طلبهما، واستخدامه لغة تصالحية بوصف هذا الاستقبال، فإن الجدل تواصل حول لقاء لاعبي "المانشافت" ذوي الأصل التركي بالرئيس أردوغان.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!