كايهان أويغور – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

لا يمكن تفسير عداء نتنياهو لغزة وللشرق الأوسط بشكل عام، بالإضافة لعدائه المستمر تجاه تركيا، على أنه سياسة عامة لإسرائيل وللصهيونية فقط، وإنما هناك أسباب وجذور وروابط تاريخية لذلك.

بنسيون نتنياهو، نجل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هو الآن رئيس حزب الليكود، وهذا حزب يميني متطرف، وهو امتداد لحزب "الصهيونية التصحيحية" الفاشي والذي تأسس عام 1925.

والد نتنياهو كان يعمل سكرتيراً لمؤسس ذلك الحزب وهو فلاديمير جابوتنسكي، فيُعتبر الأخير هو الأب الروحي لحزب الليكود الحالي، حيث إنّ جابوتنسكي مؤسس الكتيبة اليهودية التي قاتلت الدولة العثمانية في حرب جاليبولي، لكن عدائه للدولة العثمانية بدأ منذ عام 1915.

كان جابوتنسكي أحد أهم الصحفيين التابعين لجمعية الاتحاد والترقي، فعندما أصبح في الثامنة والعشرين من عمره، جاء إلى اسطنبول، وأصبح المدير العام لصحيفة "جون ترك". هذه الصحيفة كانت تُنشر باللغة الفرنسية، وكانت الأكثر مبيعا في ذلك الوقت، مع ذلك كانت تضم في جنباتها كتابا أتراك مثل يوسف أكتشورا وأحمد آغاأوغلو.

كانت صحيفة "جون ترك"، هي الصحيفة الرائدة ونخبة النخبة في تلك المرحلة، حيث عملت الصهيونية على شراء جزء كبير من الصحف الأخرى التي كانت تنشر في تلك الفترة، وقاموا بدفع أموال للكتاب من أجل التأثير عليهم وعدم كتابة شيء يعارض ويناقض أهدافهم.

في عام 1910 قام جابوتنسكي بمعارضة الجماعات اليهودية التركية، التي وقفت ضد ما تقوم به جمعية الاتحاد والترقي الألمانية وضد الرؤية الصهيونية، لأن تأسيس إسرائيل كان لا يمكن تحقيقه سوى بتمزيق الدولة العثمانية حسب ما أخبر جابوتنسكي الانجليز به.

وفي عام 1918 قام جابوتنسكي باستخدام السلاح ومقاتلة العساكر الأتراك المتواجدين في الجبهة الأردنية، والأسطر التي سأكتبها في الأسفل، تعود إلى جابوتنسكي:

"لا يمكننا عمل شيء في أي منطقة يسيطر عليها الأتراك ... فاليهود وحتى الصهيونية يرون الأتراك كإخوة لنا بسبب إسماعيل، لكن الواقع ليس كذلك، لأن الأتراك ليسوا من العرق السامي، وإنما من عرق طوران، والحقيقة أنّ كل العرب من هذا العرق ليسوا إخوتنا أيضا، ولا يوجد بيننا أي تقارب روحي، نحن العرق الذي أسس أوروبا منذ 2000 عام، سنؤسس دولة إسرائيل لنزيد حدود أوروبا حتى تصل إلى نهر الفرات".

جابوتنسكي صاحب هذه الذهنية والعقلية، كان قد فعل المآسي مع اليهود، وقد خدم الغرب في ذلك، وتعاون مع الذين ارتكبوا المجازر بحق اليهود في أوكرانيا بعد الثورة الروسية وأثناء الحرب الأهلية، لذلك وبعد توجه جابوتنسكي للفكر اليميني المتطرف عام 1925 قام بالانفصال عن الصهيونية وأسس "الاتحاد العالمي للإصلاحيين الصهاينة"، كانت هذه الحركة فاشية، مستمدين ذلك من موسليني وهتلر، حتى إنّ جابوتنسكي أجبر اليهود على الهجرة من أوروبا إلى فلسطين من خلال ترهيبهم بأنه سيحصل لهم كوارث ومآسي جديدة إن لم يهاجروا.

جابوتنسكي هو مؤسس منظمة الأرغون التي ارتكبت المجازر وأراقت الدماء في فلسطين، فهذه المنظمة قتلت آلاف المدنيين الفلسطينيين في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، وكانت بذلك هي من أطلقت الإرهاب آنذاك، نعم، اليهود من بدؤوا بالأعمال الإرهابية وليس المسلمين، لأنهم ارتكبوا كل الأعمال الإرهابية من أجل إزاحة الفلسطينيين عن أرضهن.

إسرائيل إلى الآن لم تعتذر عن تلك الأعمال الإجرامية، ولم يستخدم أحد مصطلح "إرهاب يهودي"، واليوم، تحوّل هذا الإرهاب إلى إرهاب دولة منظم، وهدفه الحالي هو السيطرة على الأردن كلها، أما هدفه العام فهو مجهول.

كما رأيتم، عقلية نتنياهو لهذا جذور ممتدة مليئة بالحقد تجاه المسلمين بشكل عام، وتجاه تركيا والأتراك بشكل خاص، وهذه العقلية تعادي حتى كل قيادي من الصهيونية تعامل بود مع المسلمين أو مع الأتراك مثل بن غريون، لهذا فإنّ على الجمهورية التركية تذكر العداء التاريخي لنتنياهو وحزبه تجاه المسلمين والأتراك.

عن الكاتب

كاياهان أويغور

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس