د. فادي محمد الدحدوح - خاص ترك برس

إن ما يميز عصرنا اليوم هو التغير السريع والمتلاحق والمعقد في مختلف مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها، وفي ظل هذه البيئة الديناميكية فإن المخاطر والأزمات المتوقعة تزداد وتتنامي مع ازدياد وتطور نشاط المنظمات في جميع المجالات، ولذلك تصبح القيادة الحكيمة الواعية مطلباً ضرورياً لترشيد سلوك الأفراد وحشد طاقتهم وتعبئة قدراتهم وتنسيق جهودهم وتنظيم أمورهم وتوجيههم الوجهة الصحيحة نحو تحقيق الأهداف والغايات، وهذا ما يلقي ظلاله على القيادة والإدارة العليا على مستوى منظمات الأعمال.

ولعل موضوع القيادة الاستراتيجية من أكثر الموضوعات إثارة في عالم الإدارة، حيث أصبحت المعيار الذي يحدد نجاح أي تنظيم، فغالباً ما يعزى نجاح أو فشل التنظيم في تحقيق الأهداف إلى كفاءة قيادته أو عدم كفاءتها.

والقيادة الاستراتيجية هي التي تعتمد على التحليل والتخطيط الاستراتيجي بالاستناد إلى منطق التفكير الاستراتيجي، وتتميز بوضوح الرؤية المستقبلية المبنية على استشراق المستقبل، وتسعى لتحقيق الفاعلية والكفاءة في المنظمة المستندة إلى العلاقة بين الأهداف والفرص المتاحة، وتتبنى الابتكار والإبداع للوصول إلى تحقيق الأهداف والتغلب على الصعوبات والمواقف الطارئة، لوضع المنظمة في الصدارة، وهي أكثر اتساعاً من القيادة التقليدية التي تركز على الخطط التشغيلية في مواجهة الاحداث الآنية فقط، وتميل إلى الالتزام باتباع تعليمات وإجراءات العمل.

إن تطوير القيادة الاستراتيجية في منظماتنا العربية له انعكاسات ايجابية على المنظمات وعلى القادة أنفسهم من خلال تنمية معارفهم ومهارتهم واتجاهاتهم الايجابية نحو التخطيط والعمل، ذلك بتبني المنظمات لبرامج وأساليب تهدف إلي تنمية معارف ومهارات واتجاهات القادة، لذلك كانت هناك حاجة ملحة وضرورية لدى المنظمات العربية إلى تبني أساليب تطوير داخلية تساعد علي تطوير القيادة، لما لتلك الأساليب والبرامج من أثار ايجابية في مجالات مختلفة، مثل رفع مستوى أداء المنظمات ورفع الإنتاجية، ومواجهة الأزمات وتنمية الاتجاهات الايجابية بين القيادة والموظفين.

وهناك عدة مهارات مطلوب توفرها في القيادة الاستراتيجية، أهمها مهارات ذاتية، ومهارات فنية، ومهارات إدارية؛ حيث تواجه المنظمات في القرن الواحد والعشرين عدداً كبيراً من الأزمات التي تدعوها للتفكير في مستقبلها فإما الاستجابة والتكيف وتحقيق التقدم، وإما التراجع. 

تعبر الاستراتيجية عن فكر المنظمة وتوجهاتها، وتصوراتها المستقبلية نحو مدى قدرتها على التعامل مع المتغيرات البيئية المتسارعة، لذلك على القيادة الاستراتيجية أن تسعى إلى تطوير المنظمة من خلال بناء القدرات الكفيلة بمواجهة الأزمات والمواقف الطارئة الصعبة معتمدة على مهارات القادة الاستراتيجيين كوسائل فاعلة في تحقيق أهداف المنظمات ومنحها القدرة التنافسية اللازمة للتطور والاستمرار لأطول فترة ممكنه، لما تشهده المنظمات المحلية والدولية من تطورات وتغيرات وتحديات وتزايد المشكلات وتعقدها، الأمر الذي يتطلب ضرورة وجود قيادة استراتيجية فاعلة، تستمد قوتها من مرونتها الفائقة في التعامل مع الأحداث، وقدرته الفائقة على القيام بالأداء المتميز القادر على تحقيق مناخ تنظيمي يسهم في ترسيخ وتطوير المنظمة مدعم بفاعلية الأداء، في إطار يدعم توجهات المنظمة المستقبلية.

عن الكاتب

د. فـادي محمد الدحدوح

خبير بحث علمي وحاصل على درجة الماجستير في القيادة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس