ترك برس

تدخل البنك المركزي التركي أمس الأربعاء، في عملية مشابهة لما حدث عام 2014، بتدخله لوقف تراجع سعر صرف الليرة التي انخفضت صباح اليوم إلى نحو 4.92 ليرات أمام الدولار.

حيث تراجع سعر صرف الليرة التركية مساء اليوم الأربعاء، من 4.863 إلى 4.558 للدولار، عقب قرار لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي التركي برفع سعر فائدة الإقراض من 13.5 إلى  16.5بالمئة، وجاء قرار البنك المركزي التركي مخالفاً للحكومة التركية التي تدعو إلى تخفيض أسعار الفائدة لتشجيع الاقتراض وتنشيط الاقتصاد وإنعاش سعر صرف الليرة.

وكذلك أعلنت بورصة إسطنبول، اليوم الأربعاء، أنها حوّلت جميع العملات الأجنبية الزائدة عن احتياجاتها على المدى القصير، إلى الليرة التركية، بعد المضاربات التي شهدتها أسواق العملات الأجنبية خلال الفترة الأخيرة، والتي تهدف إلى تشويه صورة الاقتصاد التركي، قبيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

وفي صدد هذه الأحداث يرى الاقتصادي التركي، خليل أوزون، 5 أسباب لتراجع سعر صرف الليرة التركية، على الرغم من أن جميع تلك الأسباب غير اقتصادية على حسب قوله. حيث أكد أوزون لـ"العربي الجديد" أن العنصر السياسي يأتي بالدرجة الأولى في أسباب تراجع سعر عملة بلاده، إذ أن موقع تركيا اليوم، الأقرب إلى عدم الانتماء لأي حلف، سواء أكان في حلف وارسو على الرغم من قربها وحسن علاقاتها مع روسيا، أو حلف شمال الأطلسي على الرغم من أنها من أهم أركانه، وضعها بموقع الاستهداف، وخاصة من الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية. طبعاً وما نتج عن السياسة من حروب دخلت تركيا في بعضها، خاصة في سورية ومكافحة الإرهاب.

وأما السبب الثاني برأي أوزون، فهو عدم التوافق بين السلطة السياسية والسلطة النقدية على سعر فائدة موحد، وعلى الرغم من كل التحذيرات من قيادة الدولة والحكومة، رأينا عدم استجابة من المصرف المركزي لخفض سعر الفائدة خلال اجتماعه الأخير، وهو سبب يزيد من التوجس لدى من يمتلك الليرة، بأن سعرها قابل للتبدل على حسب نتائج الانتخابات ومدى صلاحية الرئيس وكسر تفرّد المصرف المركزي على اعتباره جهة مستقلة.

ويضع الاقتصادي التركي فترة الانتخابات سبباً ثالثاً، إذ لا يوجد وضوح بالنسبة للأتراك، لخريطة البرلمان على الأقل، ما يعني التريث إن لم نقل التخوّف من الليرة التي تراجع سعر صرفها، فضلاً عن عجز الميزان التجاري ونسبة البطالة.

ويأتي استمرار اتهامات اقتصاديين ومسؤولين من الولايات المتحدة وعدم انتهاء قضية رضا صراف، سبباً رابعاً، خاصة بعد الحكم على محمد هاكان عطا الله قبل أيام واحتمال زج مسؤولين أتراك آخرين بقضية خرق العقوبات على إيران.

وخامس أسباب تراجع سعر صرف العملة التركية في رأي الاقتصادي أوزون هو استمرار تخفيض وكالات التصنيف الائتماني للدين الخارجي، الذي كان آخره من "ستاندرد آند بورز"، ما يزيد الضغط على الليرة بواقع ارتفاع الديون التركية الخارجية.

وأما الخبير الاقتصادي أحمد مصبح، صرح لـ "عربي21"، بأن أكثر من 70% من أسباب تدهور العملة التركية ذات طابع سياسي مرتبط بموقف النظام العالمي وخاصة الأوروبي والأمريكي من الرئيس التركي وحزبه الحاكم، خاصة أن الاقتصاد يمثل الرافعة الشعبية الرئيسية لأردوغان وحزب العدالة والتنمية.

وعلق مصبح على صفقة شراء الإمارات للبنك التركي، قائلا: "دوافع الإمارات غير نظيفة، خاصة في ظل محاولاتها لاختراق الاقتصاد التركي"، ولم يستبعد أن تكون الصفقة والتلاعب بسعر صرف الليرة التركية حلقة في محاولة انقلاب اقتصادي للإطاحة بأردوغان وحزب العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة، أو التأثير السلبي على النتيجة المتوقعة لصالح أردوغان والحزب.

وتابع: "لو آمنا جدلا بصحة التقارير الدولية السلبية عن الاقتصاد التركي، فمن غير المعقول أن تستثمر الإمارات أموالها في دولة أوضاعها الاقتصادية غير مستقرة إلا لو كان ذلك له أهداف سياسية بحتة، أو أن الإمارات تؤمن بأن التقارير الدولية عن الاقتصاد التركي مسيسة، ومتيقنة من أنه اقتصاد قوي سيحقق أرباحا كبيرة لاستثماراتها".

وقال المتحدث باسم الحكومة التركية، بكر بوزداغ، الأربعاء، إن "من يعتقد أنّ التلاعب بسعر صرف الليرة سيغير من نتائج الانتخابات المقبلة مخطئ؛ فالشعب كشف اللعبة ومن يقف وراءها، ولن يسمح لأحد بالنيل من تركيا".

وأضاف بوزداغ، وفقا للأناضول: "ندرك جيداً وجود إرادة تسعى للتأثير على الناخبين الأتراك عبر رفع سعر الدولار أمام الليرة التركية، قبيل انتخابات 24 يونيو/ حزيران المقبل. نعرف قواعد الاقتصاد، ونؤكد أن اقتصادنا قوي".

ونرى أن تدهور الليرة عبارة عن تقلبات مؤقتة ومحدودة ولا تعكس على الإطلاق، حالة الاقتصاد التركي، والهبوط في سعر صرف الليرة ليس نتيجة ضعف اقتصاد البلاد، بل أنه مرتبط بدوافع سياسية إقليمية ودولية ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم، خاصة مع بدء العد التنازلي لموعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها في 24 حزيران/ يونيو المقبل. 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!