ياسر التركي - خاص ترك برس

البنوك المركزية، هي منظمات مستقلة قانونيا ولا تتبع الحكومات، وهي مسؤولة عن تنظيم السياسات النقدية الداخلية والخارجية للدولة، كإصدار العملة وتنظيم كمية عرض النقد والتحكم في أسعار الفائدة، بالإضافة إلى تقديم مجموعة من الخدمات المصرفيّة والماليّة لحكومة الدولة التي تتبع لها.

واستقلالية البنوك المركزية عن الحكومات؛ فرضتها معاهدة ماستريخت (Maastricht) في شباط/ فبراير عام 1992، على الدول الأوروبية الراغبة في تحقيق الوحدة الاقتصادية والنقدية.

وتتميز البنوك المركزية في الدول المتقدمة كالولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا واليابان، بأنها ذات سلطة واستقلالية واضحتين، حيث يتمثل عملها وسياستها في تتبع السياسة الاقتصادية للدولة. وتكون هي الحاكم الرئيسي على عمل المصارف الحكومية والمصارف الأهلية في الدولة، ومعظم البنوك المركزية في الدول الكبرى المتقدمة مستقلة أي أنها لا تخضع لأي سيطرة بالنسبة لتحديد أسعار الفائدة وإدارتها لعرض المال.

البنوك المركزية في الدول الناشئة

تسعى الدول الناشئة مثل تركيا وماليزيا والمكسيك والبرازيل وروسيا وغيرها، إلى ترسيخ النظم الإدارية المعمول بها في البنوك المركزية للدول المتقدمة، حيث شهدت بنوك هذه الدول نمواً ملحوظاً على مدى الأعوام الأخيرة، وقامت بالانفتاح على الاقتصاد العالمي بتغيير بيئتها الاقتصادية بشكل جذري.

ثمة فرق بين النظم المالية في الدول الناشئة والمتقدمة، يكمن في مستوى ملكية الدولة ومدى سيطرتها على النظام المصرفي، إلا أن تطور اقتصاديات الدول الناشئة وارتفاع نسب نموها وارتباطها تجاريا واقتصاديا وماليا مع الدول المتقدمة، قلّص من الفارق بينها وبين الدول المتقدمة في هذا الخصوص، ومكّنها من تحقيق استقلالية أكبر لبنوكها المركزية.

البنوك المركزية في الدول النامية (الدكتاتورية)

تلعب حكومات الدول النامية دورا هاما في التأثير على الجهاز المصرفي، خصوصا تأثيرها في السياسات النقدية وأسعار الفائدة، حتى أنها تقوم في كثير من الأحيان بتحديد سعر الصرف لعملتها مقابل العملات الأخرى، الأمر الذي أدى إلى فقدان البنوك المركزية في تلك الدول استقلالها.

ومن إحدى وظائف البنوك المركزية هي تمويل الحكومة عند الحاجة، إلا أن إفراط الحكومات في الدول النامية في الاقتراض من بنوكها المركزية أثّر سلبا على اقتصاد البلاد. وفي عقد الثمانينيات شهدت الكثير من الدول النامية أزمة ديون خارجية، حيث انخفضت القروض التي تقدمها الدول المتقدمة ومؤسسات التمويل الدولية مما سبب عجزا في موازنات الدول النامية، فاضطرت إلى الاقتراض من البنوك المحلية وبنوكها المركزية إلا أن ذلك لم يلبّ متطلبات الحكومات من القروض فلجأت إلى إصدار المزيد من النقود ما سبب ارتفاع معدلات التضخم بصورة لم يسبق لها مثيل في معظم الدول النامية.

كما أن الأسواق المالية في الدول النامية والجهاز المصرفي تتصف بأنها غير متطورة وبالتالي يؤدي ذلك إلى عدم الاستجابة لأية تغيرات في السياسة النقدية.

الشفافية

توصف بأنها أحد أركان المجتمعات المتقدمة، التي تتميز بوجود درجة عالية من الشفافية في عمل المصرف المركزي، وذلك من خلال التقارير التي تكشف كيفية اتخاذ المصرف المركزي قراراته وشرح سياسته للجمهور، والمعلومات التي كانت تستخدمها في اتخاذ قراراتها.

وبالتالي يؤدي ذلك إلى تحسين مصداقية المصرف المركزي وزيادة فعالية سياسته النقدية. وهذا ما تفتقده البنوك المركزية في الدول الدكتاتورية، فضلا عن غياب عنصري المصداقية في تحقيق السياسة النقدية، والمساءلة التي تضمن إدارة البنك المركزي للسياسة النقدية، حيث لا ينبغي أن تكون المصارف المركزية مستقلة ما لم تكن هناك شفافية ومصداقية ومساءلة.

عن الكاتب

ياسر التركي

مهتم بالشؤون الاقتصادية والتاريخ التركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس