سعيد الحاج - عربي بوست

يتوجه الناخبون الأتراك يوم الرابع والعشرين من حزيران/يونيو الحالي إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس الجمهورية وأعضاء البرلمان المقبلين في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة والحاسمة، ويمثل أمامنا مجدداً أكثر الأسئلة طرحاً من قبل القراء والمتابعين العرب حول عملية الاقتراع وكيفية حساب الأصوات وإعلان الفائزين.

يوم الرابع عشر من الشهر الفائت، أعلن رئيس اللجنة العليا للانتخابات سعدي غوفان عن عدد المقترعين الذين يحق لهم المشاركة في الانتخابات، وهو 56 مليوناً و342 ألفاً و263 ناخباً داخل تركيا و3 ملايين و49 ألفاً و65 ناخباً خارج تركيا، بمجموع 59 مليوناً و391 ألفاً و328 ناخباً، موزعين على 180 ألفاً و896 صندوق اقتراع داخل تركيا. يضاف لها التصويت في 123 ممثلية دبلوماسية في 60 دولة حول العالم، فضلاً عن 36 بوابة حدودية لتصويت الأتراك في الخارج والذي يستمر بين 7 و19 يونيو/حزيران في الممثليات وبين 7 و24 في المعابر الحدودية.

اللجنة العليا للانتخابات هي المسؤولة عن العملية الانتخابية من الألف إلى الياء بدءاً من تحديد مراحلها وجدولها الزمني وتحديد قوائم المرشحين، مروراً بمتابعة الحملات الانتخابية وعملية الاقتراع، ووصولاً لعمليات الفرز وإعلان النتائج والفصل في الطعون.

ستنتهي عملية الاقتراع الساعة 17:00 من مساء ذلك اليوم، وفي العادة يبدأ الفرز مباشرة، وبالتالي لا تنتصف تلك الليلة إلا وقد اتضحت النتائج الأولية غير الرسمية، التي لا تختلف كثيراً في العادة عن النتائج النهائية والرسمية التي تعلنها اللجنة العليا الانتخابات بعد ذلك بأيام، بعد البت في الطعون والشكاوى والتظلمات، علماً أن الدستور ينص على أن قرارات اللجنة نهائية، ولا يمكن الطعن عليها.

في الانتخابات الرئاسية، تبدو الأمور بسيطة وسهلة، فالمرشح الذي سيحصل في الجولة الأولى على الأغلبية المطلقة، أي نصف الأصوات الصحيحة المشاركة في الانتخابات (وليس نصف عدد الذين يحق لهم التصويت) سيكون الرئيس، كما تنص الفقرة الأولى من المادة رقم 4 من القانون رقم 6271. بينما إن لم يحصل أي من المرشحين عليها، تعاد الانتخابات بين المرشحَيْن اللذَين حصلا على أعلى الأصوات بعد أسبوعين (يوم الأحد الثاني بعد عملية الاقتراع)، وفق نفس الفقرة.

وتنص المادة في فقرتها الثانية على أن انسحاب أي من المرشحَيْن من جولة الإعادة يستدعي مشاركة المرشح الذي تلاه في نتائج الجولة الأولى، بينما تنص فقرتها الثالثة على أن الانتخابات تتحول لاستفتاء شعبي في حال كان هناك مرشح واحد سيخوضها، وسيكون عليه الحصول على الأغلبية النسبية، وإلا أعيدت الانتخابات في يوم الأحد الذي يلي مرور 45 يوماً على إعلان النتائج.

وأما الانتخابات البرلمانية أو العامة، فتبدو أكثر تعقيداً من ذلك، من حيث نظام الانتخابات والفرز؛ حيث يتوزع الناخبون على 87 لجنة/دائرة انتخابية في 81 محافظة، حيث تتضمن كل من إسطنبول وأنقرة 3 دوائر، وكل من إزمير وبورصة دائرتين، إضافة لاعتبار كل واحدة من المحافظات المتبقية دائرة واحدة، فضلاً طبعاً عن أصوات الخارج والمعابر الحدودية.

وتعتمد تركيا تعتمد طريقة "هوندت" – الرياضي البلجيكي – وهو نظام تمثيل نسبي يعتمد على قسمة عدد المصوتين في الدائرة الانتخابية على الأرقام بشكل تصاعدي ابتداءً من 1 وحتى الوصول لعدد النواب المحدد لتلك الدائرة، ثم توزيع المقاعد على الأحزاب حسب نسبة التصويت لها. ويضاف لذلك العتبة الانتخابية المطلوبة لدخول البرلمان والممثلة بـ%10 من مجمل الأصوات في عموم تركيا (مع أصوات الخارج)، التي كانت مطلوبة من الأحزاب وباتت – بعد التعديل القانون المؤخراً – متاحة أيضاً للتحالفات الانتخابية. حيث إن الحزب/التحالف الذي يفشل في تخطي العتبة الانتخابية لا يدخل البرلمان، وتوزع أصواته في كل دائرة انتخابية على باقي الأحزاب الناجحة وفقاً لنسبة كل منها في كل دائرة انتخابية (وليس وفق نسبة معممة على كل الدوائر في عموم تركيا).

وفق التحالفات الانتخابية الأخيرة التي أفرزت تحالف الشعب المكون من العدالة والتنمية والحركة القومية (ومعهما الاتحاد الكبير) وتحالف الأمة المكون من الشعب الجمهوري والجيّد والسعادة (ومعهم الديمقراطي)، ستكون كل هذه الأحزاب ممثلة في البرلمان القادم، وتبدو فرص حزبي الدعوة الحرة والوطن شبه معدومة، بينما يبدو مصير حزب الشعوب الديمقراطي غامضاً؛ إذ يحوم على تخوم العتبة الانتخابية.

الأهم أن النسبة التي سيتحصل عليها الشعوب الديمقراطي (القومي الكردي) ستكون محددة جداً في نتيجة الانتخابات البرلمانية، ذلك أن نجاحه سيكون إضافة مهمة لتحالف الأمة المعارض، الذي يؤيده في مواجهة أردوغان والعدالة والتنمية وإن لم ينضم رسمياً له.

في حين سيكون فشله في صالح العدالة والتنمية إلى حد بعيد باعتبار أنه الحزب الأقوى – بعد الشعوب الديمقراطي – في مناطق الأغلبية الكردية في الشرق والجنوب الشرقي، وهو ما يعني فوزه بغالبية إن لم يكن كل نواب تلك المناطق إضافة لمقاعد أخرى في دوائر أخرى يكثر فيها الصوت الكردي مثل إسطنبول، ما سيرجح كفّته كثيراً في خريطة البرلمان المقبلة.

عن الكاتب

سعيد الحاج

باحث في الشأن التركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس