ترك برس

في البيان المشترك الذي أصدره وزيرا الخارجية الأمريكي مايك بومبيو والتركي مولود جاويش أوغلو، وأعلنا خلاله التوقيع على اتفاق حول مدينة منبج السورية يقضي بخروج ميليشيا قوات سوريا الديمقراطية، وتولي الولايات المتحدة وتركيا مهام الأمن فيها، شدد الوزيران على التزام أنقرة وواشنطن، الحليفتين ضمن الناتو، بتسوية جميع الخلافات بروح الشراكة والتحالف.

وفي هذا الصدد رأى السفير الأمريكي السابق في تركيا، جيمس جيفري، أن المحادثات التي جرت في في واشنطن قبل ثلاثة أيام قد تمثل خطوة كبيرة نحو تبديد التوترات بين الجانبيين التي تصاعدت في الآونة الأخيرة، بدءاً من مطالبة أردوغان من واشنطن بتسليم العقل المدبّر لانقلاب عام 2016 فتح الله غولن، وإلى شراء أنقرة لأنظمة الدفاع الجوي الروسية "إس-400"، وخطاب أردوغان المعادي للولايات المتحدة.

ووفقاً لمصادر أمريكية وتركية مختلفة، تشمل الخطة بدء حزب الاتحاد الديمقراطي في الرجوع عبر نهر الفرات، ربما خلال تسعين يوماً إذا سمحت الظروف بذلك. وسوف تتولى القوات الأمريكية والتركية عمليات الدوريات في المنطقة، وتعمل مع أجهزة الأمن والحكم المحلية.

وأضاف جيفري في مقال نشره معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن الأتراك وبعض الأمريكيين أيضاً يرون أن هذه الخطة هي الخطوة الأولى في نوع جديد من التعاون الثنائي في سوريا، بعد فشل جهود مماثلة خلال إدارة أوباما.

ونقل عن مصادر في الحكومتين الأمريكية والتركية أن الفكرة تتمثّل في الضغط المشترك على نظام الأسد وإيران، وأخيراً روسيا لقبول حل سياسي من خلال عملية جنيف التي ترعاها الأمم المتحدة، وهو هدف تركي مهم طويل الأجل توافق عليه الولايات المتحدة، وإن كان بأقل عزماً.

وأشار إلى المسؤولين الأتراك يقصدون بالضغط على معسكر الأسد، احتلال القوات التركية والأمريكية لشمال سوريا بشكلٍ شبه تام تقريباً، وهي المنطقة التي تضم أكثر من 40 في المئة من أراضي البلاد، وعشرات الآلاف من الحلفاء المحليين المسلحين تسليحا جيدا، وملايين المواطنين السوريين المقيمين هناك أو المشردين بسبب الحرب، من بينهم العديد عبر الحدود في تركيا.

ولفت إلى أن تركيا ستظل ملزمة بالانخراط مع روسيا وإيران بشان فض النزاع العسكري بشكلٍ محدود في سوريا، إلى حين البدء في تطبيق هذه الخطط بشكل فعلي، وأن الأتراك يعتقدون أن دمشق وطهران ما زالتا عازمتين على تحقيق انتصار عسكري في بقية أنحاء سوريا، وهو سيناريو لا يمكن أن يمنعه سوى التعاون بين الولايات المتحدة وتركيا.

ووفقا للدبلوماسي الأمريكي السابق، فإن هناك عددا من التحديات الجدية التي تواجه تحويل النجاح الثنائي التكتيكي في منبج إلى جبهة استراتيجية، وإن رأى أنها تحديات يمكن التغلب عليها:

أولاً، يجب أن تبقى الولايات المتحدة منخرطة عسكريا في شمال شرق سوريا على أقل تقدير، وربما في أماكن أخرى. غير أن ذلك يتطلب التعاون مع حزب الاتحاد الديمقراطي في شرق الفرات. وهو احتمال شائك نظرا إلى أن تركيا تعتبر منطقيا ما زالت في حربٍ مستمرة مع هذا التنظيم، وتستعد للقيام بعملية ضد التنظيمات الأخرى المرتبطة بتنظيم "بي كي كي" في شمال العراق.

التحدي الثاني، هو أن واشنطن لم تضمن بعد إذعان حزب الاتحاد الديمقراطي لخارطة طريق منبج. وإذا تردد الأكراد في قبولها، فمن المرجح أن تتردد أيضاً القيادة العسكرية الأمريكية المسؤولة عن التنسيق معهم ضد بقايا تنظيم الدولة (داعش).

أما التحدي الثالث، فهو أن الأهداف الاستراتيجية الأمريكية في سوريا ما تزال غامضة. فتوقعات الرئيس ترامب بأن القوات الأمريكية ستنسحب في غضون ستة أشهر لا تتوافق مع النهج التركي. وفي الوقت نفسه، يبدو أن بعض المسؤولين في الولايات المتحدة والأردن وإسرائيل يراهنون على طرفٍ آخر حول سوريا وهو روسيا، إذ يرون أنها المفتاح لجعل إيران تنسحب.

إلا أنه في نظر أنقرة، فإن أي حل يترك نظام الأسد دون قيود لن يؤدي إلى انسحاب إيراني؛ بل على العكس من ذلك، سيشكل مخاطر أكبر على الجميع.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!