بيرجان توتار – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

كلما حمي وطيس الصراع العالمي بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروربي من جهة، مع القوى الآسيوية من جهة أخرى، زادت بشكل أكبر قدرة تركيا على التحرك بشكل مستقل، وفرصتها في فرض تفوق فعلي على الصعيد الدولي.

نمر بفترة أصبحت فيها بلادنا قادرة أكثر من أي وقت مضى على تطبيق استراتيجياتها القومية. تحولت تركيا في هذه الفترة الجديدة متعددة الأقطاب، إلى فاعل يتجاوز حدود منطقته، وعلينا ألا ننسى أن المحاولة الانقلابية كانت أهم عامل عزز قوتنا.

أفضل مشهد يختزل التحول الهيكلي في العالم الجديد حاليًّا هو وجوه القادة الغربيين المتباكية في قمة مجموعة السبع بكندا يومي 8 و9 يونيو/ حزيران، ووجوه القادة الآسيويين المبتسمة في قمة منظمة شنغهاي في الصين يومي 9 و10 من الشهر المذكور.

***

ولهذا، كلما ازدادت حدة الصراع بين الولايات المتحدة والبلدان الأوروبية من جانب وروسيا والصين من جانب آخر، احتدمت المعركة من أجل جذب كل من الطرفين تركيا إلى صفه.

فبعد الدعم الروسي لعمليتي درع الفرات وغصن الزيتون، توصلت الولايات المتحدة إلى اتفاق مع تركيا بخصوص منبج، وتتقبل عملية قنديل في مسعى لإصلاح العلاقات مع تركيا. ونرى سعيًا مشابهًا من جانب ألمانيا أيضًا.

فعقب دخولها في حرب تجارية مع الولايات المتحدة، تستعد برلين لتغيير سياساتها بخصوص تركيا فيما يتعلق بمنظمتي "غولن" و"بي كي كي".

أنكرت ألمانيا في السابق دور عناصر "غولن" في المحاولة الانقلابية منتصف يوليو 2016، وفتحت ذراعيها لاحتضانهم، غير أن حكومتها تلمح إلى إمكانية تسليم عادل أوكسوز، أهم شخصية تقف وراء محاولة الانقلاب القذرة.

***

لكن تركيا لم تصل بسهولة إلى هذه المرحلة. فهي وسعت من قائمة حلفائها بالتوجه إلى الشرق بإضافة الصين وروسيا وإيران إليها.

وبعد ذلك أطلقت عمليات عسكرية في شمال سوريا وشمال العراق، حالت من خلالها دون تشكيل الولايات المتحدة ممرات إرهابية. وخلال تنفيذ هذه الخطوة أولت عنايتها لناحيتين استراتيجيتين.

الأولى، هي محافظتها على قوتها من خلال تفاديها الانجرار إلى الحروب الشاملة، والمعارك طويلة الأمد على أساس عرقي أو مذهبي. وهذا ما تواصله بنجاح.

الثانية، لم تتخلَّ عن عزمها في تطوير علاقاتها مع أوروبا، كما هو الحال في علاقاتها مع ألمانيا وفرنسا وبريطانيا. وهذا ما واصلته عبر المحافظة على توازن حساس بين المشروعية والقوة.

المرحلة التي وصلناها تجعلنا قادرين على إحباط كل المكائد الإمبريالية. يضع العالم الغربي استراتيجية جديدة بعد أن رأى أن الشعب التركي سيحمي قوته في 24 يونيو، كما فعل يوم 15 يوليو.

ولهذا فإن من كانوا يتسابقون خلال المحاولة الانقلابية إلى الإطاحة بتركيا، يتصارعون اليوم فيما بينهم، لكسبها إلى صفهم.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس