أكرم كيزيلتاش – صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس

يمكن القول إن ما فعله كل حزب من الأحزاب التركية خلال ماضيه السياسي يُعتبر ضماناً لما يستطيع فعله في المستقبل، ولهذا السبب يمكننا الإيمان بأن حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه أردوغان سيوفي بجميع العهود التي يقدّمها للمجتمع التركي، لأنه أوفى بجميع عهوده منذ بداية تأسيسه إلى الآن، وفي الوقت نفسه لم يقدّم عهداً يعجز عن تنفيذه.

في هذا السياق أؤمن بأننا لا نستطيع الثقة بالعهود التي تقدّمها الأحزاب المعارضة

1 -على رأسها حزب الشعب الجمهوري- للشعب التركي، في الواقع إن التردّد والقلق السائد تجاه حزب الشعب الجمهوري يعود لسببين رئيسين، السبب الأول هو أن الأخير لم يبذل أي مجهود ملموس من أجل مصالح تركيا وشعبها إلى الآن، أما السبب الثاني والأهم هو أن حزب الشعب الجمهوري يُعرف بقوانينه القاسية ضد الطبقة المحافظة والملتزمة من المجتمع، ولذلك فإن ميوله لمفهوم الحرية في ممارسة المعتقدات الدينية بشكل مفاجئ وبهذه المدة القصيرة لا يبدو تغيّراً مقنعاً للناظرين.

من المعلوم أن حزب السعادة لديه بعض الحساسيات تجاه مسألة غطاء الرأس "الحجاب" ودراسة الشريعة الإسلامية في تركيا، وقد يكون حزب السعادة مؤمناً بأن حليفه السياسي حزب الشعب الجمهوري بدأ يميل لحرية ممارسة المعتقدات الدينية، لكن لا يمكن لإداريي حزب السعادة إقناع الرأي العام بهذه المزاعم والأكاذيب، لأن المجتمع التركي خاض تجربةً مسبقة حول هذه المسألة، ورأى أفعال حزب الشعب الجمهوري في هذا الصدد بأم عينه.

ربما بدأ الشعب التركي بنسيان أحداث 28 شباط 1997، لكن ما تزال التقارير الصادرة عن زعيم حزب الشعب الجمهوري "كمال كليجدار أوغلو" ومرشّحه الرئاسي تجاه مسألة الحجاب تحافظ على وجودها إلى الآن، وبناء على ذلك يمكننا إدراك الموقف الذي تتّخذه عقلية حزب الشعب الجمهوري عندما تتعلق المسألة بالمعتقدات الدينية بشكل أوضح.

قد يتمكّن كليجدار أوغلو و "محرّم إينجه" المرشّح الرئاسي التابع لحزب الشعب الجمهوري من خداع بعض فئات الشعب من خلال إظهار المحبة والمودّة تجاه طلبة الشريعة الإسلامية والمحجّبات، لكن لا يمكنهم خداع الفئة المدركة لحقيقة حزب الشعب الجمهوري ونواياه الخفية.

إن الاستراتيجية الجديدة التي وضعها كليجدار أوغلو وإينجه لخداع الطبقة المحافظة من المجتمع تدفعنا للتساؤل حول رد فعل مؤيدي حزب الشعب الجمهوري! كما أن رد فعل أعضاء حزب الشعب الجمهوري تجاه الاستراتيجية المذكورة هو أمر لافت للاهتمام أيضاً.

من المعلوم أن الماضي السياسي لإينجه يعجّ بالتصريحات المعارضة للحجاب وتدريس الشريعة الإسلامية، إضافةً إلى محاولات عديدة لإفساد النتائج الإيجابية التي تم الوصول إليها ضمن إطار مسألة حرية الحجاب، في هذا السياق سنرى قريباً إن كان هناك من يرغب بدعم محاولات إينجه للتظاهر بعكس ما هو عليه في الواقع، وكذلك نعلم أن كليجدار أوغلو قد سعى مسبقاً لإغلاق مدارس الشريعة الإسلامية في البلاد ودافع عن هذه الفكرة بشراسة عقب انتخابات 7 حزيران/يونيو 2015، لذلك فإن مدى تأثير مزاعم كليجدار أوغلو التي تشير إلى أنه لا يعارض الشريعة الإسلامية على فئات المجتمع ما يزال أمراً مجهولاً في الوقت الحالي.

الخلاصة هي أننا نواجه جبهةً تم تأسيسها بدعم من القوى التي تشعر بالانزعاج نتيجة تقدّم تركيا في ظل قيادة الرئيس أردوغان، ويتمثّل هذا الدعم بالمساهمة في توحيد الأحزاب السياسية المعارضة لأردوغان ضمن إطار اتفاق تمّت تسميته بـ "اتفاق الشعب"، ومع الأسف إن حزب السعادة المعروف بميوله المحافظة والمتديّنة أصبح ضمن هذا الاتفاق أيضاً،  لكننا ندرك جيداً أن أصوات الناخبين الموجّهة لهذا الاتفاق ستعود بالفائدة لمصالح حزب الشعب الجمهوري أولاً لأنه يمثّل العمود الفقري لهذا الاتفاق، لكن على الرغم من جميع هذه المحاولات لن يتمكّنوا من خداع الشعب التركي الأصيل والمدرك للواقع بكل شفافية.

عن الكاتب

أكرم كيزيلتاش

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس