ترك برس

يرى محللون صينيون أن الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان يملك فرصا أكبر للفوز من منافسيه في الانتخابات الرئاسية التي تنطلق غدا في تركيا، لكنهم توقعوا أن تواجهه تحديات كثيرة وصعبة على الصعيدين الداخلي والخارجي.

ويخوض الانتخابات الرئاسية التركية 7 مرشحين مع بروز ثلاثة تحالفات رئيسية على ساحة التنافس وهي "تحالف الشعب" الذي يضم حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، و"تحالف الأمة" المعارض المكون من حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد وحزب السعادة، وتحالف يقوده حزب الشعوب الديمقراطي.

وارتكازا على النمو الذي سجله الاقتصاد التركي في العام الماضي وعملية تحويل النظام السياسي التي حققها أردوغان، يرى ما جون تشي، الباحث المساعد في معهد الدراسات الأوروبية في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، أن الرئيس التركي الحالي يحظى بمميزات أكبر مقارنة بمنافسيه.

وأوضح الباحث الصيني أن أردوغان الذي يعد أيضا رئيس حزب العدالة والتنمية، استعد عموما بشكل أفضل للانتخابات، إذ اتفق مع رئيس حزب الحركة القومية دولت بهتشلي في شباط/ فبراير 2018 على تشكيل "تحالف الشعب" لخوض الانتخابات الرئاسية المرتقبة سويا، واختير أردوغان كمرشح وحيد للتحالف. أما من جانب المعارضة، فصار الوقت ضيقا أمامها في ظل تقديم موعد الانتخابات وباتت تواجه تحديات لتوحيد صفوفها والتعاضد في حلقات الاستعداد والتحضير بدءا من وضع إستراتيجية موحدة عاجلة وترشيح شخص يتمتع بقدر كاف من القدرة التنافسية أمام الرئيس الحالي وصولا إلى تكثيف الحملات الانتخابية، وهذا ما يمنح أردوغان فرص أكبر للفوز في هذا السباق.

لكن تشي يستدرك قائلا إن الانتصار ليس محسوما بشكل كامل، حيث تظهر استطلاعات رأي مختلفة جرت مؤخرا تفوق أردوغان وتحالفه بشكل عام لكنها تبين أن شعبيته التي لا تزال دون 50 في المئة لا تكفي لضمان فوزه في الجولة الأولى.

وأشار الباحث إلى أن الانتخابات تعد صورة مصغرة لحالة الاستقطاب السياسي داخل تركيا وتقف وراء ذلك التنافس الأيديولوجي السياسي، وهو ما يشكل أكبر التحديات أمام الرئيس الجديد.

ويضيف أنه عند الرجوع إلى استفتاء عام 2017، نجد أن نحو 49 في المئة من الناخبين أيدوا الإبقاء على النظام البرلماني، وهو ما أظهر جليا أن قاعدة التأييد الشعبي الأساسية للإصلاح الرئاسي الذي بادر به أردوغان ليست كبيرة، لدرجة أن أردوغان اعترف بنفسه أنه من الصعوبة بمكان كسب تأييد هذا القطاع من الناخبين.

لذلك، يرى تشي أن الانتخابات العامة القادمة تأتي في سياق لعبة بين قوى سياسية متعددة الأقطاب في تركيا بما فيها القوى الإسلامية والقومية وغيرها من القوى السياسية اليمينية والأحزاب السياسية اليسارية، عنوانها "الاستقطاب الحاد في قلب المجتمع التركي".

أما على صعيد الاقتصاد، فيقول سون ده قنغ، نائب مدير معهد الشرق الأوسط بجامعة الدراسات الدولية بشانغهاي، إنه على الرغم من نمو الاقتصاد التركي  بنسبة 7.4 في المائة على نحو تجاوز نظيريه الألماني والفرنسي ونال إعجاب وإشادة المراقبين، فإن مخاطر التضخم والبطالة اللذين تجاوزت نسبة كل منهما 10 في المائة، ما زالت تشكل مصدر قلق.

ونوه المراقبون إلى تحديات داخلية أخرى على الرئيس الجديد التعامل معها ومنها خروج رأس المال الأجنبي وحجم الديون الأجنبية الضخم وعجز الحساب الجاري السنوي، قائلين إن الاقتصاد التركي قد يواجه مشكلات التوترات الجيوسياسية والمشكلات المتعلقة بالسياسات الداخلية.

ويرى المحللون الصينيون أنه رغم أداء أردوغان القوي على الصعيد السياسي داخل البلاد وخارجها، فإن حالة من عدم اليقين شابت علاقات تركيا مع الدول الرئيسية في المنطقة وتشير التوقعات إلى أن هذه التحديات المتعلقة بالسياسة الخارجية والدبلوماسية ستظل قائمة ومتروكة لولاية الرئيس المقبل.

وأشار الباحث ما جون تشي إلى أن القمة بين تركيا والاتحاد الأوروبي التي عقدت في آذار/ مارس هذا العام لم تنجح في الواقع في إحداث تقارب في العلاقات الثنائية وبذلك يظل أمام تركيا طريق طويل عليها أن تقطعه قبل انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، لافتا من ناحية أخرى إلى أن العلاقات بين أنقرة وواشنطن التي تعد أهم العلاقات سياسيا وتجاريا بالنسبة للأولى، لم تخرج بعد من عنق الزجاجة بسبب ملفات عديدة أبرزها سوريا والأكراد.

وشاطره الرأي قوه تشانغ قانغ مدير مركز البحوث التركية بجامعة شانغهاي، حيث عزا توتر العلاقات التركية - الأمريكية جزئيا إلى العملية العسكرية التركية في مدينة عفرين السورية ضد وحدات حماية الشعب الكردية، وهي عملية ترى الولايات المتحدة أنها مست مصالحها وتعارضت إلى حد ما مع موقفها.

إلى جانب ذلك، دخلت تركيا تحت قيادة أردوغان في مواجهات مختلفة مع الولايات المتحدة حول قضايا أخرى مؤخرا مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والقضايا المتعلقة بإيران وأبرزها انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، بل وأصبحت أنقرة تضطلع الآن بدور ملحوظ في أزمة الخليج الدبلوماسية مع مشاركتها في إنقاذ قطر من عزلتها في مواجهة مقاطعة عربية من جانب السعودية والإمارات ومصر، وهي ثلاث دول من أهم حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!