ترك برس

أشار الكاتب والباحث في الشأن التركي سعيد الحاج إلى وجود لبس حاصل بخصوص نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا، وانعكاساتها على تشكيل الحكومة، والعلاقة بين حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية.

وأكد الحاج أن، في منشور عبر موقع "فيس بوك"، أنه وفقا للنظام الرئاسي في تركيا يشكل الرئيس الحكومة بغض النظر عن نسبة حزبه في البرلمان، ولا تحتاج الحكومة لثقة البرلمان، لا كحكومة مجتمعة ولا الوزراء منفردين.

وأوضح أن الحكومة والبرلمان منفصلان تماماً وفق النظام الرئاسي الذي أقر في تركيا، على مستوى الصلاحيات كما على مستوى الأسماء. فلا يصح أن يجمع نفس الشخص عضوية البرلمان مع حقيبة وزارية في الحكومة.

ولفت إلى أن صلاحيات البرلمان تشمل سن القوانين والتشريعات ومراقبة السلطة التنفيذية وإقرار الميزانية التي يقدمها الرئيس، بينما تهتم الحكومة بالعمل التنفيذي.

بهذا المعنى، فأغلبية البرلمان - خصوصاً في ظل سيطرة تحالف الشعب - ليست مهمة لإقرار الحكومة ولا لسير عملها، وإنما لعمل البرلمان نفسه خصوصاً التشريع، وفق الحاج.

وحول انخفاض عدد النواب في الحزب الحاكم، قال الحاج إن العدالة والتنمية خسر أغلبيته البرلمانية منفرداً، لكنه حافظ عليها مع حليفه الحركة القومية.

وأكد الكاتب أن دخول حزب الحركة القومية للبرلمان كان متوقعا بسبب التحالف مع العدالة والتنمية، باعتبار أن نتيجته ستتراجع كثيراً (إلى ما تحت العتبة الانتخابية) بسبب انشقاق الحزب الجيد.

لكن ما حصل أن الحزب حافظ على نسبة تصويته وزاد من عدد نوابه، ودخل البرلمان بنسبة تفوق العتبة الانتخابية أي بدون "فضل" أو تأثير مباشر للتحالف مع العدالة والتنمية.

ولفت إلى أن العدالة والتنمية سيبقى محتاجاً للتفاهم مع الحركة القومية لسن القوانين والتشريعات، ويعني ذلك أن الحركة القومية بات "أقوى" نسبياً في معادلة التحالف والتفاهم هذه.

مما قد يفتح الباب على تنازلات من العدالة والتنمية للحركة القومية في بعض الأمور، أو استغلال الحركة القومية لقوته في الضغط على العدالة والتنمية أو ابتزازه في بعض الملفات.

واعتبر أنه لرغبة اردوغان والعدالة والتنمية في تثبيت التحالف، كان بعض الحديث عن إمكانية إسناد بعض الحقائب الوزارية وربما أحد نواب الرئيس للحركة القومية أو المحسوبين عليه، من باب تمتين التحالف وإرضاء الحركة القومية، وليس من باب الضرورة والحاجة لأغلبية البرلمان لتشكيل الحكومة، وهو في كل الأحوال يبقى احتمالاً قائماً وليس حتمياً.

وتابع: ليس مستبعداً أن يبحث العدالة والتنمية لاحقاً عن فرص للتعاون والتحالف مع آخرين، دون فض التحالف الرئيس مع الحركة القومية، لتخفيف تأثير الأخير وقوته في التحالف.

من ضمن ذلك يمكن التعاون بشكل دائم أو في بعض الملفات مع أفراد من أحزاب صغيرة، أو أفراد من حزب قوي مثل الجيد، أو قيادة الحزب الجيد نفسه، بغض النظر عن فرص نجاح هذه المحاولات.

فالحليف الضعيف أفضل وأضمن في التحالفات الثنائية من القوي، لكن حين يبقى يفضّل موازنته و"تخفيف أثره" في التحالف بزيادة أعضائه وأطرافه.

إحدى الإشارات على الأمر وردت على لسان اردوغان قبل أيام من الانتخابات، حيث تحدث عن إمكانية بلورة تحالفات جديدة بعد الانتخابات. وهي جملة وردت ضمن توقعات بنتيجة أسوأ نسبياً من الحاصلة اليوم. لكن المبدأ ما زال قائماً.

إحدى الإشارات أيضاً أتت من نائب رئيس حزب الحركة القومية سفر أيجان، الذي قال في تصريح له: "ابتداءً من الآن حزب الحركة القومية هو من سيحدد السياسة في البرلمان. ما سنقوله هو ما سيحصل. رئيس حزب الحركة القومية أنقذ اردوغان وأنقذ العدالة والتنمية وأنقذ البرلمان"، قبل أن يُقال بسرعة من منصبه باعتباره تخطى في تصريحه سياسات قيادة الحزب، لكن المعنى الذي قاله واضح أنه حاضر لدى القوميين.

وشهدت تركيا، الأحد، انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة تجاوزت فيها نسبة المشاركة 88 بالمائة، بحسب نتائج أولية غير رسمية.

وأظهرت النتائج حصول مرشح "تحالف الشعب" للرئاسة رجب طيب أردوغان، على 52.59 بالمائة من أصوات الناخبين، فيما حصل مرشح حزب الشعب الجمهوري محرم إنجة، على 30.64 بالمائة من الأصوات.

وفي انتخابات البرلمان، حصد تحالف الشعب الذي يضم حزبي "العدالة والتنمية" و"الحركة القومية" 53.66 بالمائة من الأصوات (344 من أصل 600 مقعد)، فيما حصل تحالف الأمة الذي يضم أحزاب "الشعب الجمهوري" و"إيي" و"السعادة" على 33.94 بالمائة من الأصوات (189 مقعدا)، وحزب الشعوب الديمقراطي على 11.7 بالمائة (67 مقعدا).

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!