شيبنم بورصالي – صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس

هناك سببان رئيسان لفوز أردوغان وحزب العدالة والتنمية بفارق ملموس في جميع الانتخابات التي شاركوا بها خلال الـ 16 سنة الأخيرة:

1- عدم شعورهم بالرخاء نتيجة الفوز، والشروع في العمل اعتباراً من صباح اليوم التالي للانتخابات من أجل الاستعداد للانتخابات التالية.

2- تحليل الرسائل الموجّهة من الناخبين بأتم الدقيق والإدراك، والتصرف بناء على تفاصيل هذه الرسائل وإجراء التغييرات عند الضرورة.

لم يتغيّر هذا الواقع بالنسبة إلى انتخابات 24 حزيران/يونيو، وفي اليوم التالي للانتخابات بدأت المبادرات في المراكز الإدارية التابعة لحزب العدالة والتنمية، من أجل التدقيق في تفاصيل الرسالة التي أوصلها الناخبين للحزب من خلال نتائج الانتخابات، وفي هذا السياق انعكست معظم تفاصيل اجتماع مجلس إدارة القرار المركزي لحزب العدالة والتنمية على الرأي العام التركي، لكن هناك بعض النقاط الهامّة التي يجب لفت الانتباه نحوها: الأولى هي توجيهات الرئيس أردوغان التي طالب من خلالها كادر حزبه بالابتعاد عن التصريحات والموافق التي قد تتسبّب في إزعاج زعيم حزب الحركة القومية "دولت باهتشيلي" وبالتالي تضرّر علاقات حزبي الحركة القومية والعدالة والتنمية في إطار اتفاق الجمهور، والنقطة الثانية هي المبادرة السريعة لتحديد مرشّحي الانتخابات المحليّة التي ستُجرى بعد 9 أشهر من الوقت الحالي، وعدم انتظار فترة تقديم الحملات الدعائية السياسية، وانطلاقاً من انعكاس تأثير المرشّحين في المناطق المؤيدة لهم على نتائج الانتخابات، سيتم الاهتمام بهذه المسألة بدقة أكبر، وإلى جانب ذلك أدرك حزب العدالة والتنمية أن الشعب التركي يريد انتشار ثقافة التعاون والاتفاق بين الأحزاب خلال المرحلة القادمة، والابتعاد عن أجواء النزاع السياسي بين قادات وكوادر الأحزاب، ورؤية حزب العدالة والتنمية وهو يبذل الجهد للوصول إلى اتفاقات سياسية جديدة ذات نطاق أوسع في الأيام المقبلة، الخلاصة هي أن رسالة ناخبي حزب العدالة والتنمية قد وصلت للمقامات الإدارية في الحزب، واستجابةً لهذه الرسالة بدأ الأخير باتخاذ الخطوات اللازمة في هذا الصدد.

وفي السياق ذاته هناك مسألة هامّة متداولة خلف الأبواب المُغلقة، وهي احتمال إجراء الانتخابات المحليّة قبل موعدها بخمسة أو ستة أشهر، خلال الفترة الأخيرة انتشرت بعض الإشاعات المشيرة إلى وجود نوايا خفيّة لإجراء انتخابات محليّة مبكّرة، وحسب الإشاعات المذكورة من المتوقّع أن الانتخابات ستُجرى خلال أكتوبر/تشرين الأول أو نوفمبر/تشرين الثاني من العام الحالي، وبالتالي سيتم إجراء جميع الانتخابات خلال سنة 2018، وبذلك ستتفرّغ تركيا للتقدّم نحو هدف "دولة تركية أقوى" دون وجود أي مسألة تٌشغلها عن مسيرتها خلال سنة 2019.

عند العودة إلى سنة 2007 نرى أن تركيا قد دخلت في 9 انتخابات واستفتاءين منذ ذلك الوقت إلى هذه اللحظة، ولذلك فإن الناخبين يعانون من إرهاق هذه الانتخابات، كما أن تركيا تعرضت لهجمات عديدة من الداخل والخارج لسنوات طويلة، إضافةً إلى محاولات الحصار التي واجهتها في المجالات الاقتصادية والسياسية، وكذلك نذكُر استمرار العمليات العسكرية في إطار مكافحة الإرهاب في الداخل والخارج التركي إلى يومنا هذا.

ستشهد تركيا خلال المرحلة القادمة زيادة في سرعة اتخاذ وتنفيذ القرارات نتيجة الانتقال إلى نظام الحكم الرئاسي، إضافةً إلى تغييرات عديدة من خلال تصميم البيروقراطية بما يتناسب مع النظام الجديد،  ونظراً إلى بقاء مدة تقلّ عن السنة للانتخابات المحليّة فإن إجراء مثل هذه التغييرات تصبح ممكنة في حال تغيير الدستور فقط.

 في هذا السياق لم تقم كوادر حزبي الحركة القومية أو العدالة والتنمية أو المتحدثين باسمهم أو حتى زعمائهم بإضافة هذه الخطّة لجدول الأعمال السياسية، وحتى في حال استمرار التناسق بين أطراف اتفاق الجمهور، إلى أن طبيعة إحصائيات المجلس تولّد للمعارضة دوراً هاماً في هذه النقطة، إذ يحتاج اتفاق الجمهور لدعم المعارضة أيضاً من أجل تغيير الدستور، وفي هذا السياق فإن إجراء انتخابات محليّة مبكّرة سيكون فرصةً كبيرة أمام زعيم حزب الشعب الجمهوري "كمال كليجدار أوغلو"، لأن الأخير يُطالب في الوقت الحالي بالاستقالة عن منصبه بسبب ضعف أداءه خلال الانتخابات وعرقلة تقدّم حزبه، ومع انشغال تركيا بمسألة الانتخابات المحليّة سيتغيّر جدول الأعمال وبالتالي سيؤدي ذلك إلى تأجيل مسألة كليجدار أوغلو لفترة أخرى، ولذلك أعتقد أن كليجدار أوغلو لن يرفض إجراء انتخابات محليّة مبكّرة بل سيكون في مقدّمة المؤيدين لذلك،  ويبدو أن هذه القرار النهائي فيما يتعلّق بهذه المسألة سيكتسب وضوحاً أكبر خلال حفل القسم الذي سيتم ضمن أيام الأسبوع الجاري.

خلال النظام الرئاسي الجديد ستكون سلطة اتخاذ وتنفيذ القرارات في يد الرئيس أردوغان وطاقمه الجديد، أما الإجراءات السياسية الأخرى فستتم في المجلس البرلماني، وذلك يزيد من أهمية الأسماء التي ستكون في المجلس كرئيس المجلس ورئيس المجموعة ونوّابه، من جهة أخرى أعلن حزب الحركة القومية عن التزامه بما يدعو إليه اتفاق الجمهور، وأنه لن يُدرج مرشّحه لمنصب رئاسة المجلس البرلماني، بل سيدعم مرشّح حزب العدالة والتنمية ليصل إلى هذا المنصب، وعلى الأرجح أن يكون آخر رئيس وزراء تركي "بن علي يلدرم" مرشّح حزب العدالة والتنمية لمنصب رئاسة المجلس، وبالنسبة إلى رئاسة المجموعة فقد ذُكرت أسماء بعض الأعضاء القُدامى في حزب العدالة والتنمية، ومن المتوقّع أن تفاصيل هذه المسألة أيضاً ستتوضّح خلال الأسبوع الجاري.

وجّه الرئيس أردوغان تعليماته الجديدة لكادر حزب العدالة والتنمية، والتي تنص على الشروع في العمل من أجل الانتخابات المحليّة دون توقّف أو إسراف في الوقت، كما ستبدأ استكشافات الرأي العام في جميع الولايات التركية وخصوصاً الكبيرة منها مثل إسطنبول وأنقرة، لكن هناك مسألة أخرى تكثُر التساؤلات حولها، وهي تأثير اتفاق الجمهور على انتخابات رؤساء البلديّات أيضاً، إذ لم يتم اتخاذ أي خطوة ملموسة إلى الآن في هذا الصدد.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس