سينيم جينغيز - آراب نيوز - ترجمة وتحرير ترك برس

ستدخل تركيا رسميا عهد النظام الرئاسي التنفيذي، عندما يؤدي رجب طيب أردوغان اليمين يوم الاثنين، حيث سيقود البلاد إلى حقبة جديدة. وفي اليوم نفسه، سيعلن أردوغان أيضا عن تشكيلة الحكومة الجديدة التي ستضم 16 وزيرا سيعينهم بنفسه وسيرافقونه في أول زيارة خارجية له كقائد  للنظام السياسي الجديد.

وفي أعقاب حفل تنصيبه الذي دعي إليه كثير من الزعماء الأجانب، سيبدأ أردوغان جولته الخارجية الأولى يوم الثلاثاء، حيث سيزور جمهورية شمال قبرص وأذربيجان.

تمثل زيارة الرئيس التركي لهذين البلدين تقليدًا قديمًا بعد كل انتخابات. وقال أردوغان في تصريح قبل الانتخابات: "بعد أن انتخبت رئيسًا لأول مرة، قمت بأول زيارة خارجية إلى أذربيجان. وأتمنى أن أقوم بأول زيارة أجنبية بعد انتخابات 24 حزيران/ يونيو إلى أذربيجان أيضا".

إن رمزية هذه الزيارات بالغة الأهمية، إذ ستوضح موقف تركيا في الساحة الدولية وتوجه سياستها الخارجية في الفترة المقبلة. وغني عن القول إن كل بلد لديه تصوره الخاص حول السياسة الخارجية، حيث تختلف مصالحه وتوقعاته. ونظرا لتباين أولويات كل بلد، فإن قادته سيختارون بعناية أول زياراتهم الخارجية لتوضيح تلك الأولويات.

تتمتع تركيا وأذربيجان تقليديا بعلاقات وثيقة تستند إلى التاريخ والأخوة والتعاون الاستراتيجي. ولكن هذا التقارب لا يرجع فقط إلى الصلات الثقافية واللغوية المشتركة بينهما، بل إلى المصالح السياسية والاستراتيجية القوية بين البلدين. ومن ثم لا يمكن فهم علاقات تركيا مع أذربيجان من منظور ثنائي فقط، لأن لتلك العلاقات أيضا بعد إقليمي.

ترى تركيا في أذربيجان شريكًا مهمًا في سياساتها  ليس في القوقاز وفي المنطقة الناطقة بالتركية عموما، ولكن في خارجها أيضا. ولذلك تحتل أذربيجان مكانة فريدة في أولويات السياسة الخارجية لتركيا، وتؤكد زيارة أردوغان إلى هذا البلد رسالة إلى العالم بأسره فيما يتعلق بسياسات تركيا، وأنها تتجاوز الشرق الأوسط أو العالم الغربي. من المرجح أن  تعزز تركيا خلال الحقبة الجديدة علاقاتها مع دول آسيا الوسطى، ويمكن لأذربيجان أن تلعب دورا مهما في ذلك.

وستكون محطة أردوغان الثانية في شمال قبرص التي تحتل موقعا بالغ الأهمية في السياسة الخارجية التركية وفي جيوبوليتيك الشرق المتوسط.  قُسّمت الجزيرة منذ عام 1974، واضطلعت أنقرة بالدور الرئيسي في تقسيم الجزيرة (في مساعيها لإنقاذ القبارصة الأتراك من القمع الوحشي لليونانيين حسب وجهة نظر أنقرة)، وهي الدولة الوحيدة التي تعترف بدولة شمال قبرص.

تشعر حكومة شمال قبرص وحكومة أنقرة بالانزعاج من صفقات الحكومة القبرصية اليونانية مع كل من الشركات الدولية والدول الأخرى لإنتاج النفط والغاز، زاعمة أن المنطقة الاقتصادية بأكملها حول الجزيرة تابعة لها. وأصبحت هذه القضية موضع جدل من تركيا التي ترفض أي عمليات تنقيب عن النفط والغاز تقوم بها قبرص اليونانية ولا تعترف بها.

قبل الانتخابات التركية، حدث تطوران مهمان يتصلان بهذه القضية، ما يعني أن زيارة أردوغان للجزيرة لن ترسل رسالة مهمة للقبارصة اليونانيين فحسب، بل أيضا إلى مصر وإسرائيل اللتين تسعيان للتعاون مع اليونان على اكتشاف الغاز. ومن الجدير بالذكر في هذا الصدد إن العلاقات المتوترة بين أنقرة والقاهرة وتل أبيب لا ترجع فقط إلى التنقيب عن النفط والغاز في البحر المتوسط، بل لكثير من الأسباب الأخرى.

وبعد شمال قبرص وأذربيجان، سيتوجه أردوغان الأسبوع المقبل إلى بروكسل لحضور قمة الناتو التي ستكون أول مؤتمر دولي له منذ إعادة انتخابه. وعلى هامش القمة، سيجتمع مع عدد من الزعماء، من بينهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي.

ويتردد أيضا أن المسؤولين في أنقرة وأثينا يعملون على تيسير لقاء بين أردوغان ورئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس. وكان تسيبراس من بين أوائل الزعماء الذين هنؤوا أردوغان على فوزه في أعقاب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرت في 24 يونيو.

هناك عدد من أسباب التوتر المستمر بين أنقرة وأثينا الحليفين في الناتو، ولكن هناك أيضا قضية محل تعاون بينهما وهي قضية اللاجئين. ولذلك، سيكون اجتماع تسيبراس وأردوغان بداية جيدة للحقبة الجديدة في السياسة التركية. ويبدو أن دعوة ترامب للاجتماع مع أردوغان هي إشارة إيجابية على تحسين العلاقات المتوترة بين واشنطن وانقرة خلال السنوات القليلة الماضية.

ووفقاً لما ذكره صحفي التركي مراد يتكين، فمن بين القضايا التي تناقشها قمة الناتو، هناك قضايا استراتيجية تشمل تركيا، والأدوار الجديدة التي من المتوقع أن تضطلع بها أنقرة في التحالف الغربي. يجب أن نتوقع من أردوغان أن يوضح توجه السياسة الخارجية لتركيا في الحقبة الجديدة، سواء خلال خطابه أو في اجتماعاته مع القادة الأجانب.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس