د. علي حسين باكير - عربي 21

خلال الأيام القليلة الماضية، شرع المسؤولون الأتراك وفي طليعتهم رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، في الحديث عن عدد من المؤشرات الإيجابية التي تتعلق بالوضع السياسي والاقتصادي في البلاد. ثلاثة مواضيع بالتحديد تستحق أن نتوقّف عندها في هذا السياق. 

الموضوع الأوّل يتعلق بـ"حالة الطوارئ" التي استمر البرلمان التركي في تمديدها بعيد المحاولة الانقلابية الفاشلة في 15 يوليو من العام 2016. وفقاً لرئيس الوزراء التركي، فإن حالة الطوارئ في البلاد ستنتهي مع إعلان رئيس الجمهورية تشكيلته الحكومية يوم الاثنين القادم. ويعوّل كثيرون على المفعول الإيجابي المنتظر لهذا الإعلان على الوضع الاقتصادي بالتحديد، وعلى علاقة تركيا مع عدد من الفاعلين الدوليين وفي مقدّمتهم الاتحاد الأوروبي الذي غالبا ما كان ينتقد استمرار حالة الطوارئ بالرغم من تجاهله لوجود حالة مماثلة في فرنسا.

من المتوقع أن يؤدي إلغاء حالة الطوارئ إلى إزالة حالة التشنج والقلق التي قد تكون سائدة في المجتمع. لكن من غير الواضح حتى الآن، كيف سيتم التعامل بعد ذلك مع الحالات التي كانت  تصنّف تحت إطار متابعة تصفية الانقلابين أو أولئك التابعين إلى فتح الله غولن، وهل ستتوقف مثل هذه العميات تماما، أم سيتم تعويض الإمكانيات التي أتاحها قانون الطوارئ بمراسيم رئاسية جديدة  يمتلك رئيس الجمهورية أحقّية إصدارها؟

أمّا الموضوع الثاني، فيتعلّق بالتشكيلة الحكومية التي سيعلن عنها رئيس الجمهورية بعيد انتهائه من أدائه لليمين الدستورية، والخطاب الرئاسي الذي من المنتظر أن يلقيه في  حفل الاستقبال الضخم الذي سيقيمه في المجمّع الرئاسي مساء يوم الاثنين المقبل. استنادا إلى التصريحات التي أدلى بها أردوغان، فان الحكومة المقبلة ستتشكل من أفراد من خارج حزب العدالة والتنمية. وكما فًهم من التصريح، فان أعضاء الحكومة المقبلة سيكونون من التكنوقراط، وهو طرح يحمل معه معاني إيجابية أيضاً، أبرزها أن الأداء الحكومي لن يكون مسيّساً ما يساعد على تخفيف الاستقطابات السياسية في البلاد، لكن، وإن كان لا يزال من المبكّر جداً الحكم على مثل هذا الوضع، إلا أن نجاح التكنوقراط سيعتمد في نهاية المطاف على مدى واقعية المطالب السياسية التي سيطلب منهم تنفيذها في إداراتهم.

وفي هذا الإطار، سيكون من المثير بمكان متابعة الأشخاص الذين سيتم اختيارهم لوزارات الاقتصاد والخارجية على وجه التحديد. خلال المرحلة الماضية، تسبب التضارب بين توجهات رئيس الجمهورية وبين المسؤولين فعليا على الإشراف على الاقتصاد بحالة عدم استقرار في الوضع الاقتصادي في البلاد بالإضافة إلى زعزعة ثقة المستثمرين. سيتم اختبار العامل الاقتصادي سريعاً بعد تسمية الاقتصادي الأوّل في التشكيلة الحكومية يوم الاثنين المقبل.

أمّا الموضوع الثالث، فهو العلاقة مع الولايات المتّحدة، حيث يتم مؤخراً التركيز على النقاط الإيجابية في تصريحات المسؤولين لدى الطرفين وهو مؤشّر جيّد من دون شك، لكن دونه تحديات كبرى تحتاج إلى ما هو اكبر من التصريحات للتغلّب عليها. طبيعة العلاقة مع الولايات المتّحدة خلال المرحلة المقبلة سيكون لها تأثر كبير على الجانب التركي سلباً أو إيجاباً على السياسة الخارجية وعلى الوضع الاقتصادي ومن دون شك على العمليات العسكرية الخارجية.

عن الكاتب

د. علي حسين باكير

مستشار سياسي - باحث في العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس