ترك برس

تباينت آراء المراقبين حول التغييرات المتوقعة في الساحة السياسية وتوازنات القوى في تركيا بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرت يوم 24 حزيران/ يونيو الماضي، وفاز فيها الرئيس رجب طيب أردوغان، وحزبه العدالة والتنمية.

موقع مودرن دبلوماسي، أجرى مقابلة مع الصحفي التركي نظمي بينار، حول توقعات مستقبل تركيا بعد فوز أردوغان في الانتخابات واحتفاظه بمنصب الرئاسة مرة أخرى، كما تمثل مدته الرئاسية الجديدة أهمية كبيرة في ظل الصلاحيات الإضافية.

وحول سبب فوز أردوغان في الجولة الأولى للاقتراع، رغم بعض التوقعات بأن الانتخابات يمكن أن تكون فيها جولة إعادة، علّق بينار بأن الاستطلاعات كانت مجرد تكهنات استخدمتها بعض الجماعات والأحزاب كأداة لحرب نفسية، لكن الاقتراع الواقعي أظهر ما سيحدث.

وبحسب موقع "الجزيرة نت"، أشار بينار إلى أن أردوغان وشركاءه كانوا على دراية تامة بهذه الحقيقة، وهو ما جعلهم يبكرون بالانتخابات لإحباط "مكر" بعض الدول التي كانت تحاول إحداث تغييرات في النظام السياسي لتركيا. وواقع الأمر أن أردوغان كان مطمئنا جدا لفوزه منذ البداية الأولى.

وعن التغييرات المتوقعة في تركيا بعد الانتخابات، يعتقد بينار بأن تركيا ستصير أقوى بكثير بعد الانتخابات، وسيواصل حزب العدالة والتنمية الحاكم إصلاحاته الداخلية، وإجراء التعديلات التي بدأت منذ عامين، ولكن التغييرات الأكثر خطورة ستحدث في جانب المعارضة.

وحول كيفية تعامل أردوغان مع مشاكل مثل قضية الأكراد والحرب على الإرهاب وعضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي؛ يرى الصحفي بينار أن أردوغان سيواصل طريقه بقدمين أكثر رسوخا بالقوة المستمدة من التصويت الشعبي.

وفي ما يتعلق بشكل التوازن والعلاقة بين البرلمان وأردوغان في الساحة السياسية التركية في الفترة القادمة، يوقن بينار أن البرلمان الجديد سيكون في انسجام تام مع أردوغان.

وأكد ضرورة التذكير بأن الحضور والدعم اللذين يقدمهما حزب الحركة القومية المعارض له أهمية كبيرة من منظور التأثير على مستقبل تركيا، وأن هذا الحزب اكتسب موقعا عالي المسؤولية مستغلا فرصة جيدة في انتخابات تركيا الأخيرة.

وبالنسبة لكيفية متابعة تركيا لسياساتها الإقليمية الآن بعد أن أصبحت تتمتع بموقع إستراتيجي جديد، أكد بينار أن الوضع السياسي والجغرافي لتركيا كان له أهمية إستراتيجية، وأن الدولة التي تتمتع بزعامة داخلية قوية ومتكاملة ستكون ناجحة بالتأكيد في السياسة الخارجية.

في السياق، أشارت تقارير إلى أن أردوغان سيعيد ضبط بوصلة أولوياته في المرحلة الجديدة وفقا للظروف والتطورات التي تمر بها تركيا والمنطقة والعالم.

ويبدو الاقتصاد، الذي مثل البوابة الأهم التي عبر منها أردوغان وحزبه أول مرة إلى قلوب ملايين الأتراك حتى من خصومه السياسيين والأيديولوجيين، في مقدمة أولويات الرجل، وفق "الجزيرة نت".

وإلى جانب الاقتصاد يظهر ملف العلاقات الخارجية ضمن أولويات الرئيس أردوغان، وتأتي أهمية هذا الملف من البيئة الجيوستراتيجية التي تعيش فيها تركيا حاليا، حيث تضرب الاضطرابات والعواصف في كل اتجاه.

وفي عمق العاصفة يسعى أردوغان إلى إعادة توجيه أحداث المنطقة وفق أولوياته ورؤيته للمستقبل التركي.

وقد انتقلت سياسة تركيا في الآونة الأخيرة إلى المواجهة بدلا من الانتظار داخل الحدود، فأطلقت أكثر من عملية عسكرية داخل سوريا والعراق لمواجهة التنظيمات الكردية المسلحة وتنظيم الدولة الإسلامية بعد سلسلة ضربات كادت أن تعصف باستقرار تركيا.

ومن بين النقاط البارزة في ملفات الرئيس أردوغان، يقف القضاء على تأثير غريمه فتح الله غولن والسعي إلى حسم وإنهاء تداعيات انقلاب العام 2016، سواء منها ما تعلق بما يصفه بتطهير المؤسسات العسكرية والأمنية من بقايا الانقلابيين، أو بمحاكمة آلاف المعتقلين على ذمة هذه القضية، أو لملمة الجراحات الداخلية التي خلفتها الحملة الأمنية والقضائية الواسعة على أنصار غولن.

ويحمل أردوغان في حقيبة أولوياته أيضا إرساء أركان النظام الرئاسي بما في ذلك تشكيل البنى والهياكل الإدارية والمؤسساتية المتعلقة به، ومحاولة إقناع المترددين به من المواطنين من خلال سرعة الإنجاز وكفاءة المؤسسات، فضلا عن مواءمة القوانين الداخلية مع الدستور الجديد.

في عهده الجديد، يبدأ أردوغان مسارا مغايرا من مسارات تركيا، يبحر في آمال جديدة، وسيواجه أيضا أمواجا جديدة وقوى سياسية داخلية وخارجية راهنت على إفشال مسيرته طيلة العقدين الماضيين.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!