ترك برس

تحت هذا العنوان كتب المحلل السياسيي التركي، غالب دلاي في موقع الجزيرة الإنجليزية عن تأثير التحالف السياسي بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية قبل الانتخابات الأخيرة وبعدها إلى جانب الانتقال إلى نظام سياسي جديد تتوسع فيه الصلاحيات التنفيذية للرئيس، في السياسة الخارجية التركية.

ويقرر الكاتب في بداية مقاله أن قرار الرئيس أردوغان بإبقاء فريقه للسياسة الخارجية والأمنية، يشير إلى أنه يسعى إلى الاستمرارية، حيث احتفظ  وزيرا الخارجية والداخلية بمنصبيهما في الحكومة الجديدة. وكان التغيير الوحيد تولي رئيس الأركان العامة، خلوصي أكار منصب وزير الدفاع.

ويضيف أن التشكيل الوزراي الجديد وتحالف حزب العدالة والتنمية مع حزب الحركة القومية يعني أنه من المرجح أن تضاعف الحكومة الجديدة تركيزها على بعض جوانب السياسة الخارجية التي طرحت في السنوات القليلة الماضية، وأن تواصل التركيز بشكل أكبر على تطوير القدرات العسكرية ومعالجة المخاوف الأمنية.

كما ستكون الحكومة أكثر حزما في التأكيد على استقلالها في اتخاذ قرارات السياسة الخارجية، ومقاومة ضغوط حلف الناتو والغرب. وقد تم بالفعل اتخاذ خطوة رئيسية في هذا الاتجاه في ظل الحكومة السابقة، عندما أبرمت أنقرة صفقة لشراء منظومة  S-400 من موسكو، كما ستواصل تركيا المطالبة بالمساواة في علاقاتها مع الغرب، خاصة مع القوى الأوروبية الكبرى.

وقد يظهر وزن التحالف مع حزب الحركة القومية، إذا قررت الحكومة القيام بمبادرات جديدة تجاه قبرص أو أرمينيا أو القضية الكردية أو عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وحتى إذا لم تكن مثل هذه المبادرات في هذه المرحلة مرجحة للغاية، يجب أن تؤخذ وجهات نظر حزب الحركة القومية في الحسبان عند اتخاذ قرارات السياسة الخارجية.

ذوبان الجليد في العلاقات التركية الأوروبية

ويرجح دلاي أن تؤثر التغييرات في السياسة الخارجية في لغة الخطاب التركي وليس في الجوهر والاستراتيجية، حيث يرجح أن يحدث تغيير في الخطاب تجاه أوروبا التي شهدت العلاقة معها توترا في السنوات الأخيرة، وأن نرى قدرا من الاعتدال في الخطاب الرسمي يخفف من التوتر.

ووفقا للكاتب، فإن على القادة السياسيين الأوروبيين التسليم  بوجود أردوغان كشريك لهم في أنقرة لفترة أخرى. ولذلك، فمن المرجح أن تخف حدة خطاب الاتحاد الأوروبي والعواصم الأوروبية الأخرى.

ولكن دلاي يستدرك أن هذا لن يحل المشاكل الطويلة للعلاقات بين الجانبين، وأن  يحدث تغيير نوعي في العلاقات التركية الأوروبية، إذا لم يُستجاب لطلبات تركيا بشأن تحرير التأشيرات ورفع مستوى الاتحاد الجمركي.

ورجح أيضا أن يستمر جمود الأزمة القبرصية وأن يؤدي تعنت اﻟﻘﺒﺎرﺻﺔ اﻟﻴﻮﻧﺎنيين ﰲ اﻟﺘﻔﺎوض ﺑﺸﺄن اﻟﺘﻮﺻﻞ إلى تسوﻳﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ إلى استخدام حزب الحركة القومية لحق النقض على أي مقترح للتسوية.  

الوجود التركي في سوريا

ويذكر الكاتب أن تركيا أعادت تقييم سياستها في الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة للتأقلم مع الحرب في سوريا وفشل الدولة العراقية. ونتيجة لذلك، أصبحت السياسة الإقليمية التركية، ولا سيما في الجوار المباشر لها وفي محاربة حزب العمال الكردستاني وفرعه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي أكثر عسكرة وقوة.

وقد أسفر هذا النهج عن نجاح تركيا في تحقيق أهدافها جزئيا في شمال سوريا من خلال عدد من التدخلات العسكرية، مثل عملية درع الفرات وعملية غصن الزيتون. وطوال هذه المدة اكتسبت تركيا مستوىً كبيرًا من الخبرة في القتال على الأرض .وهذه مكاسب جديدة ومهمة من المرجح أن تؤثر في ثقافة وسياسة الأمن في تركيا.

ورجح دالاي أن تستمر تركيا في المستقبل القريب في طرد حزب الاتحاد الديمقراطي خارج المناطق التي يسيطر عليها في شمال سوريا. وستسعى من أجل تحقيق هذا الغرض إلى عقد صفقة حقيقية مع الولايات المتحدة من أجل مدينة منبج، لافتا إلى أنه يتعين على السياسة التركية في سوريا في كل الأحوال أن تأخذ في الحسبان المصالح الأمريكية والروسية.

التصدي لإيران والمحور السعودي الإسرائيلي

ويرجح دلاي أن تحتفظ تركيا بالنهج المجزأ في سياستها الخارجية تجاه القوى الإقليمية الكبرى، مثل إيران والمملكة العربية السعودية وإسرائيل، فتواصل معارضة تطلعاتها للهيمنة من ناحية، وتسعى إلى تعزيز العلاقات التجارية والسياحة والطاقة معها.

ويضيف أن أنقرة تشعر بالقلق من محاولة السعودية وإسرائيل والإمارات إقامة نظام إقليمي جديد في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى محاولة إيران بسط هيمنتها في سوريا ولبنان، وسوف تستمر في التصدي للمشروعين.

كما ستواصل تركيا الانخراط بشكل كبير في منطقة الشرق الأوسط، فنظرًا لارتباطاتها الجغرافية والتاريخية والمخاوف الأمنية واحتياجات الطاقة والاقتصاد، لا يمكن لها  أن تدير ظهرها للمنطقة.

وخلص الباحث التركي إلى أن تحديات السياسة الخارجية والأمن التي تواجهها تركيا ظلت كما هي مع تحولها إلى نظام سياسي جديد، ومن ثم ستستخدم الحكومة الجديدة السياسات والاستراتيجيات نفسها للتصدي لهذه التحديات كما استخدمتها من قبل.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!