د. علي حسين باكير - العرب القطرية

تشهد العلاقات الدفاعية والعسكرية التركية- الباكستانية تقدّماً ملحوظاً خلال السنوات القليلة الماضية. وبالرغم من أنّ التعاون الدفاعي والشراكات العسكرية تعتبر أمراً تقليدياً بالنسبة إلى الحليفين القديمين، إلا أن مستوى التعاون في مجال الصناعات الدفاعية كان قد شهد قفزة نوعية في الآونة الأخيرة. يعود الفضل في ذلك في جزء كبير منه إلى مجموعة الحوار العسكري رفيع المستوى، والتي تمّ تأسيسها بناءً على اتفاق مشترك بين البلدين في عام ٢٠٠٣.

ناقشت المجموعة في عام ٢٠١٦ إمكانية شراء باكستان مروحيات من طراز (تي١٢٩-اتاك)، تنتجها مؤسسة الصناعات الجوية/الفضائية التركية (تاي). وفي عام ٢٠١٧، قام الطرفان بالاتفاق المبدئي على شراء تركيا ٥٢ طائرة تدريب باكستانية الصنع من طراز (سوبر مشّاك)، وعلى شراء باكستان أربعة سفن حربية تركية من طراز (ملجم كلاس كورفيتس)، بالإضافة إلى التعاون بين كل من مؤسسة الصناعات الفضائية التركية ومجمع الطيران الباكستان. 

عقدت مجموعة الحوار العسكري رفيع المستوى في فبراير الماضي اجتماعها الـ ١٣ في أنقرة، وبحث الطرفان خلاله مجالات التعاون الثنائي في مجال التدريب العسكري، والصناعات الدفاعية المشتركة، والأمن الإقليمي، والتعاون في مكافحة الإرهاب. بعدها بأقل من خمسة أشهر فقط، تمّ إبرام اتفاق السفن الحربية الأربع على أن يتم إنتاج نصفها في تركيا والنصف الآخر في باكستان. وفي ١٣ يوليو الحالي، أكّدت مستشارية الصناعات الدفاعية التركية توقيع كلا البلدين على اتفاق تبيع بموجبه أنقرة ٣٠ مروحية محلية الصنع من طراز (تي١٢٩-اتاك) إلى إسلام آباد. واستناداً إلى بيان المستشارية تعتبر هذه الصفقة أكبر صفقة تصدير عسكرية في تاريخ الصناعات الدفاعية التركية. 

بالرغم من أنّه لم يتم ذكر قيمة الصفقة الحقيقية، إلا أنّ التقديرات تشير إلى أنّ قيمتها الإجمالية تبلغ حوالي 1.5 مليار دولار، وتشمل أيضاً الدعم اللوجستي، وقطع الغيار، والتدريب، والذخيرة. وفقاً لهيئة مصدّري صناعة الدفاع والطيران، فإنّ صادرات تركيا الدفاعية وصلت عام 2016 إلى 1.677 مليار دولار. وإذا ما صح الرقم المتعلق بالصفقة مع باكستان، فهو يعني أنّ هذه الصفقة وحدها تكاد تساوي مجمل قيمة صادرات تركيا العسكرية في عام ٢٠١٦، أو حوالي ثلث إنتاجها العسكري في ذلك العام.

لا تأتي هذه الصفقة بشكل معزول عمّا سبق من تعاون بين البلدين. خلال السنوات القليلة الماضية كان هناك تركيز على إمكانية الاستفادة المشتركة من الخبرات المكتسبة في مجال الصناعات الدفاعية بين أنقرة وإسلام آباد. تولى الجانب التركي عمليات تحديث بعض السفن الحربية الباكستانية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى سلاح الطيران. كما انخرط الطرفان في عام ٢٠١٥ في محادثات لتطوير طائرات من دون طيار بشكل مشترك. 

تركيا وباكستان تتمتعان من دون شك بقدرات وطنية لإنتاج أسلحة دفاعية. وبالرغم من أنّ التمويل يعتبر عادة إحدى أهم العقبات في وجه تطوير صناعاتهما الدفاعية بشكل أكبر وأسرع، لكنه لم يحل دون تعاونهما. في نوفمبر من العام ٢٠١٧، اقترح وزير الخارجية الباكستاني إقامة مجمع مشترك للصناعات العسكرية بين كل من باكستان وتركيا وأذربيجان، وذلك لتعزيز التعاون بين الدول الثلاث في المنتجات الدفاعية بشكل تكاملي. من الواضح أنّ إسلام آباد تحاول الاستفادة من الخبرات التركية المتراكمة في مجال إنتاج الأسلحة في الجو والبحر على وجه الخصوص، لكن من غير المعروف بعد ما مدى اهتمام أنقرة على سبيل المثال في الاستفادة من قدرات إسلام آباد في إنتاج وتطوير صواريخ باليستية، أو في قدراتها النووية.

عن الكاتب

د. علي حسين باكير

مستشار سياسي - باحث في العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس