سينيم جينغيز - آراب نيوز - ترجمة وتحرير ترك برس

ليست محنة اللاجئين السوريين أمرا جديدا، لكنها ليست القضية التي يجب أن نعتاد عليها في حياتنا اليومية. إن محنة اللاجئين السوريين أكبر أزمة إنسانية تحدث على كوكب الأرض منذ الحرب العالمية الثانية، وعلينا ألا نفقد إدراكنا لهذه القضية، وأن نبذل قصارى جهدنا لتوضيحها لمن يلتزمون الصمت ويغمضون عيونهم ويدعون الصمم.

في الأسبوع الماضي، غرق ما لا يقل عن 19 لاجئًا، وما زال هناك 30 شخصًا في عداد المفقودين بعد غرق قاربهم في البحر المتوسط ​​شمال قبرص. كان القارب يحمل 150 شخصا من بينهم أطفال. أنقذ أكثر من 100 شخص في عملية مشتركة قام بها حرس السواحل الأتراك والقبارصة الأتراك.

إن قصة هؤلاء ليست سوى مثال واحد على المأساة التي واجهها ملايين السوريين عندما بدؤوا "رحلة آمالهم المحطمة". يتسبب الصراع المتفاقم في بلادهم في زيادة عدد الأشخاص الذين يفرون إلى الدول المجاورة وأوروبا. وقد وصفت المنظمة الدولية للهجرة البحر المتوسط ​​بأنها "المنطقة الأكثر دموية في العالم"، حيث مات أكثر من 33.000 لاجئ أثناء محاولتهم دخول أوروبا منذ عام 2000. ووفقًا لبيانات المنظمة، توفي أكثر من 15.000 شخص في السنوات الأربع حتى تشرين الأول/ أكتوبر 2017. وتتضمن القائمة المفجعة لعدد اللاجئين الذين فقدوا أرواحهم في السنوات القليلة الماضية ما يلي: في عام 2017 توفي أكثر من 3000، بينما في عام 2016 مات أكثر من 5000، وكذلك أكثر من 3500 في عام 2015.

في عام 2015  اطّلع العالم على الصور المؤلمة للطفل السوري، أيلان كردي، الذي غرق أثناء محاولته الوصول إلى مأمن على ساحل تركيا. وسرعان ما انتشرت الصور عبر وسائل الإعلام العالمية ووسائل التواصل الاجتماعي، من خلال "أبطال الكيبورد" في محاولة لإظهار الوعي وحساسية المسألة عبر وسومات احتلت 24 ساعة  فقط من حياتنا. وبعد مرور عام، وكثير من حالات الموت التي لم تخلق مشاعر مماثلة، وقع الاتحاد الأوروبي وتركيا التي تضيف أكبر مجتمع للاجئين السوريين في العالم يصل عددهم إلى أكثر من 3.5 مليون، اتفاقا بشأن قضية اللاجئين. وافق الجانبان على إعادة المهاجرين إلى تركيا في مقابل استقبال اللاجئين السوريين الذين استقروا هناك. كما تعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم 6 مليارات يورو لدعم اللاجئين في تركيا.

وقد استمر هذا الاتفاق المثير للجدل لمدة عامين، ولكن ما تزال هناك قضايا تتعلق بالجانب الأوروبي. ولو نحينا القضايا التقنية جانبا، نجد أن هناك مشكلة إدراك عميق في أوروبا بشأن هذه المسألة، إذ سيكون من الخطأ القول إن أوروبا تعاني من أزمة هجرة، فهي تعاني في الواقع من أزمة إنسانية. إذا استطاع قادة الاتحاد الأوروبي أن يتوقفوا عن النظر إلى المهاجرين كأعداد، ولكن كبشر، فقد لا تصل الأمور إلى هذه النقطة. قد يكون مجرد تغيير الإدراك بداية حل ممكن لإحدى أكبر الأزمات التي واجهها العالم في العقود الأخيرة. إن تجاهل من يغرقون في البحر، والصمت وعدم الإصغاء لمن يقصفون في منازلهم يوميا، سيجعل هذه الأزمة تطرق بابك في يوم من الأيام. وهذا بالضبط ما يحدث في أوروبا.

ينبغي  للاتحاد الأوروبي التفكير في إصلاح علاقاته مع تركيا، خاصة بعد أن دخلت الأخيرة في حقبة جديدة في الانتخابات الأخيرة، لأن تركيا هي الشريك الموثوق الوحيد في هذه المسألة. ونظرا لأن قضية الهجرة هي أكبر التحديات التي يواجهها الاتحاد الأوروبي، فإن محنة اللاجئين السوريين واتفاق المهاجرين يجب أن تكون من بين أهم الأولويات في المحادثات بين المسؤولين من أنقرة وبروكسل.

وبينما يحدث هذا على جانب البحر المتوسط، ترى على الجانب الآخر قصة مؤلمة أخرى عن محنة اللاجئين، حيث أبعد السوريون الفارون من القتال في جنوب البلاد من المنطقة الحدودية مع الجولان المحتلة. هؤلاء السوريون الذين فكروا حتى في الفرار إلى إسرائيل كملاذ آمن كانوا يلوحون برايات بيضاء في طلب واضح للمساعدة أو اللجوء، ولكن أعيد النساء والأطفال إلى معسكراتهم المؤقتة. وقد أكدت إسرائيل مجددًا أن حدودها ستبقى مغلقة أمام اللاجئين، على الرغم من دعوات كل من السوريين المحاصرين والمجتمع الدولي لإعادة النظر في المسألة. من الصعب حقاً أن نفهم أنّ من كانوا ضحية الحرب العالمية الثانية هم من أعادوا السوريين الفارين من الحرب.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس