صحيفة تاغس تسايتونغ - ترجمة وتحرير ترك برس

تسعى العديد من الدول الأوروبية إلى التقارب مرة أخرى مع الحكومة في أنقرة، وخاصة بعد إنهاء تركيا لحالة الطوارئ في البلاد. في الوقت ذاته، أنهت ألمانيا قرار حظر السفر إلى تركيا، وخاصة بالنسبة للسياح الراغبين في قضاء عطلة على مضيق البوسفور أو في جبل أرارات. كما رفعت ألمانيا العقوبات التي فرضتها في وقت سابق بعد حملة الاعتقالات التي طالت مواطنين ألمان في تركيا.

وقد اتفقت كل من تركيا وهولندا على إعادة التمثيل الدبلوماسي إلى سابق عهده. وعلى الرغم من رفع حالة الطوارئ تماماً، من غير المرجح أن يكون التطبيع بين البلدان الأوروبية وتركيا شاملا وكاملاً، حيث ما زال هناك بعض الخلافات في وجهات النظر السياسية، التي تسببت خلال السنوات الأخيرة في توتر العلاقات الأوروبية التركية.

وبعد محاولة الانقلاب الفاشلة في سنة 2016، فقدت تركيا تضامن حلفائها الغربيين، حيث اتهمت الحكومة المركزية في أنقرة الدول الأوروبية والولايات المتحدة بالتورط في محاولة الانقلاب.

أردوغان يربط بعض القرارات بالنازية

اعتقلت السلطات التركية عددًا من المواطنين الأوروبيين (بتهم تتعلق بالارتباط بمنظمات إرهابية)، من بينهم الصحفي الألماني من أصل تركي، دينيس يوسيل، والناشط الحقوقي في برلين، بيتر شتويتنر. وإبان إعلان الدول الأوروبية عن وقف أي خطابات انتخابية للحكومة التركية على أرضها، شبه أردوغان هذا القرار بالقرارات النازية. وردت ألمانيا على هذا الاتهام، بوضع حد أقصى لما يسمى بـ"ضمانات هيرميس"، بحيث لا تتخطى استثمارات الشركات الألمانية في تركيا قيمة 1.5 مليار يورو.

علاوة على ذلك، أعاقت الحكومة الاتحادية مطلب تركيا بتوسيع اتفاقية الاتحاد الجمركي بين أنقرة ودول الاتحاد الأوروبي. وحذرت وزارة الخارجية الألمانية مواطنيها من السفر إلى تركيا، خوفاً على حياتهم أو تعرضهم للاعتقال، وخاصة في المناطق الجنوبية لتركيا، المعروفة باستقطاب السياح. كما سحبت هولندا سفيرها من تركيا، ورفضت اعتماد ممثل جديد لأنقرة في لاهاي.

هدأت التوترات من جديد بعد أن أعلنت تركيا إنهاء حالة الطوارئ في 18 من تموز/ يوليو الجاري. في الأثناء، حدّت ألمانيا من تحذيراتها بشأن السفر إلى تركيا، خاصة بالنسبة لأماكن قضاء العطلة في جنوب البلاد. وأكدت برلين أنها لم تسجل أي حالة قلق ذات صلة بالأوضاع الأمنية في تركيا. وعلى الرغم من ذلك، ما زال هناك مخاوف فعلية من تعرض مواطنين ألمانيين للاعتقال، أو منعهم من دخول تركيا، وقد تصل هذه المخاوف إلى تأخير دخول بعض الممثلين الدبلوماسيين إلى أنقرة.

وحسب ما أكدته صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ"، أن الحد الأقصى الذي وضعته ألمانيا لضمانات هيرميس هذه السنة لن يتم تمديده. والتقت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، قبل أسبوعين بالرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، على هامش قمة حلف الناتو، وهنأته بالفوز في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في حزيران/ يونيو الماضي.

ولكن التغيرات الآنف ذكرها لا تشير بالضرورة إلى أن جميع المشاكل بين ألمانيا وتركيا قد حُلت، حيث سيبقى بعض المواطنين الألمان موقوفين في تركيا. على أية حال، لا يمكن اعتبار تطبيع العلاقات مرة أخرى بين ألمانيا وتركيا بأنه يشمل كل المسائل.

ترغب حكومة أردوغان في إحداث حالة توازن مرة أخرى على مستوى الوضع الأمني في البلاد، من خلال وضع قوانين جديدة بدلاً من القوانين الخاصة التي أصدرتها أثناء حالة الطوارئ، والتي منحت الجهات الأمنية سلطات واسعة أثناء التحقيق مع المشتبه بهم في حادثة الانقلاب. وفي بروكسل، طلبت المفوضية الأوروبية من تركيا إجراء بعض التعديلات الملموسة والدائمة فيما يتعلق بسيادة القانون داخل البلاد في حال أرادت عودة العلاقات إلى طبيعتها.

وفي حزيران / يونيو، أكد الاتحاد الأوروبي أن توسع نطاق اتفاقية الاتحاد الجمركي بين دول الاتحاد وتركيا ما زال غير مطروح للنقاش، لأن أنقرة تخطو بعيداً عن سياسة الاتحاد.

العلاقة مع الغرب في وضع حرج

لا زالت العلاقات التركية الأمريكية متوترة للغاية. فقبل أيام، انتقد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، القبض على القس الأمريكي، أندرو برونسون، في تركيا، ووصف ترامب ما فعلته السلطات التركية بكلمة "الفضيحة المتكاملة". وتتعالى الأصوات في الكونغرس الأمريكي بوقف تسليم الطائرات المقاتلة الحديثة إلى الدولة الشريكة في حلف الناتو، تركيا، بسبب برونسون، وبسبب اعتماد أنقرة على روسيا في شراء الأنظمة الدفاعية الصاروخية.

ستظل علاقة أنقرة مع الغرب في وضع حرج. وفي أحد تحليلاته للوضع، قال الخبير في مؤسسة العلوم والسياسة في برلين، غونتر زويفرت، إن الاتحاد الأوروبي عليه إعادة ضبط علاقته السياسية مع أنقرة، حيث أن مجرد التجاوب مع مطلب تركيا بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي أو توسيع اتفاقية الاتحاد الجمركي، ليس شافياً.

وكتب زويفرت في تحليله، أن "التنازلات الملموسة يتبعها توقعات يمكن تحقيقها". ولهذا، على الاتحاد الأوروبي أن يتجنب ردود الأفعال العاطفية وضيقة الأفق، والتركيز على التطلعات المتوسطة وطويلة المدى.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!