ترك برس

تناولت تقارير إعلامية أبرز التحديات التي قد تواجه الإدارة الاقتصادية الجديدة في تركيا على خلفية الانتقال من النظام البرلماني إلى الرئاسي بعد انتخابات 24 يونيو/ حزيران الماضي.

ويرى الخبير الاقتصادي المصري، عبد الحافظ الصاوي، في تقرير بصحيفة "العربي الجديد"، أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية كانت محطة مهمة، مورست فيها ضغوط كبيرة على اقتصاد البلاد، خاصة العملة المحلية.

وبحسب الصاوي، أتت نتائج الانتخابات لتحسم الجدل، ولتفرض المزيد من التحديات على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية بعد فوزه.

ويضيف الكاتب أنه رغم أن القراءة الأولية تشير إلى اتجاه الاقتصاد التركي للاستقرار، إلا أن ما يعانيه هذا الاقتصاد من مشكلات، وما تم من سياسات خلال فترة ما قبل الانتخابات، تجعل من الأهمية أن نرصد التحديات التي يواجهها خلال الفترة القادمة.

وجاء في التقرير: بلغ إجمالي التجارة  الخارجية لتركيا في العام 2017 نحو 390 مليار دولار، والصادرات السلعية 156 مليار دولار، مقابل 47 مليار دولار فقط عام 2003، أي أن قيمة الصادرات تضاعفت أكثر من ثلاث مرات.

لكن بيانات  البنك الدولي تظهر لنا نقطة ضعف لا بد من معالجتها، ففي 2003 كانت حصة تركيا من صادرات التكنولوجيا المتقدمة نحو 763 مليون دولار وارتفعت إلى 2.18 مليار دولار فقط في 2016، وهي حصة شديدة الضآلة.

وعلى صانع القرار أن يدرج تحدي زيادة صادرات التكنولوجيا المتقدمة على أجندته. وثمة مقترحات لتشجيع الاستثمارات في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، مثل الحوافز الضريبية، أو مساهمة الأوقاف في تدريب العمالة لتكون مؤهلة للعمل في هذا التخصص.

يتخذ معدل التضخم منحى تصاعديا منذ إبريل/ نيسان 2018، حيث وصل إلى 10.8% على أساس سنوي، ومع اتساع حركة المضاربات على الليرة، صعد المعدل خلال مايو/ أيار ويونيو بشكل ملحوظ، حيث وصل إلى 12.1% و15.3% على التوالي.

ومن خلال مطالعة بيانات التضخم على موقع البنك المركزي التركي، نجد أن التضخم المتحقق في يونيو 2018 هو الأعلى منذ يناير/ كانون الثاني 2004، حيث كان التضخم حينئذ %16.25، ثم أخذت المعدلات في ما بعد في الهبوط، حتى وصلت إلى 7%، ثم استمر أداء التضخم بعد ذلك متذبذبًا.

وبلا شك أن المستهدف للحكومة التركية يجب أن يكون هو تحدي الهبوط بمعدل التضخم إلى ما دون الـ10% ليكون مكونا من رقم واحد وليس رقمين.

حسب إحصاءات البنك المركزي التركي، نجد أن سعر الفائدة شهد تطوراً كبيراً منذ مايو 2013، حيث كان 4.5%، ثم صعد لأكثر من الضعف في يناير 2014 عند 10%، ثم عاود الانخفاض ليراوح ما بين 8% و9%، إلا أن أول يونيو 2018 شهد تصاعدا كبيرا، حيث وصل إلى 16.5%، ثم بعد أسبوع واحد من مطلع يونيو 2018 وصل إلى 17.75%.

وكانت الزيادات الملحوظة في يونيو 2018 لمواجهة المضاربات على الليرة، وهو إجراء ارتآه البنك المركزي لمواجهة ظاهرة الدولرة، وقد أتى بالفعل بنتائج إيجابية في حينه.

والتحدي الذي يواجه صانع السياسة الاقتصادية هنا، هو تخفيض سعر الفائدة، ليحقق أكثر من ميزة، الأولى يشجع على الاستثمار، والثانية يساعد على تخفيض معدل التضخم، لأن ارتفاع سعر الفائدة ينقل عبء التضخم إلى جانب العرض المتمثل في ارتفاع تكاليف الإنتاج، ويمكن أن يؤثر ذلك على الصادرات في الأجل الطويل.

وأمام صانع السياسة الاقتصادية فرصة الانتقال التدريجي من آلية سعر الفائدة وتمويل النشاط الاقتصادي عبر الديون، إلى آلية المشاركة والتوسع في التمويل المصرفي الإسلامي.

الجديد في تحديات ملف الطاقة في تركيا أمران: ارتفاع أسعار النفط عالمياً، والعقوبات الاقتصادية الأميركية المفروضة على إيران، وبذلك تطاول العقوبات مصدرين مهمين للطاقة في تركيا، وهما روسيا وإيران.

وحسب أرقام معهد الإحصاء التركي، فقد بلغت واردات الوقود عام 2017 نحو 37.2 مليار دولار، وهو أكبر بند من حيث القيمة بين مختلف بنود الواردات للعام نفسه، وتمثل واردات الوقود 16% تقريبًا من إجمالي الواردات للعام نفسه والبالغة 233 مليار دولار. وتزيد فاتورة واردات الطاقة لتركيا في 2017 بنحو 10 مليارات دولار عما كانت عليه في 2016.

وتعتمد تركيا على احتياجاتها من النفط بشكل رئيس من إيران وبما يغطي نحو 44% من وارداتها النفطية، كما تعتمد على روسيا في استهلاكها من الغاز الطبيعي، وتذهب التقديرات إلى أن روسيا تمد تركيا بنحو 53% من احتياجاتها من الغاز.

وخلال المرحلة المقبلة، يتوقع أن ترتفع فاتورة واردات الطاقة خلال عام 2018، نظرًا لتحرك أسعار النفط نحو الارتفاع مقارنة بما كانت عليه في 2017.

وقد تحد الحرب التجارية التي انطلقت شرارتها أخيرًا بفرض رسوم جمركية متبادلة بين أميركا والصين، وأميركا ودول أخرى، من الطلب على النفط، وهو ما يذهب بالتوقعات إلى بقاء أسعار النفط على ما هي عليه أو على الأقل لا تشهد مزيداً من الارتفاع، وفي هذه الحالة سيكون الأمر في صالح تركيا من جهة، لكن قد لا يكون في صالحها من جهة أخرى إذا أدت الحرب التجارية إلى تأثير سلبي على حركة التجارة الدولية، حيث تعتبر تركيا دولة مصدرة.

والجانب الآخر من أزمة الطاقة خلال الفترة المقبلة بالنسبة لتركيا يتعلق بتعاملاتها مع كل من إيران وروسيا في ظل فرض العقوبات الاقتصادية عليهما من قبل أميركا، وإن كان وزير الاقتصاد التركي السابق صرح بأن بلاده غير ملتزمة بهذه العقوبات طالما أنها أحادية الجانب وغير مفروضة من مجلس الأمن.

بلغ الدين الخارجي لتركيا 453 مليار دولار بنهاية 2017، وإن كانت المؤشرات الخاصة بالدين تبين أن الجزء الأكبر منه يخص القطاع الخاص، إلا أنه في النهاية يمثل عبئاً على النشاط الاقتصادي من خلال أعباء خدمة الدين، والتي تتمثل في الأقساط والفوائد. فحصة القطاع الخاص من الدين الخارجي 316.4 مليار دولار، بينما حصة الحكومة 136.2 مليار فقط.

ثمة سياسة جديدة تتطلب إدارة التمويل لاستثمارات القطاع الخاص، بتشجيع المشاركات، والتوسع في التمويل الإسلامي، من أجل تخفيف العبء على النشاط الاقتصادي، بحيث لا يكون الدين الخارجي أحد أوراق الضغط على صانع القرار التركي.

بلغ التبادل التجاري بين تركيا وأميركا 20.5 مليار دولار في 2017، وكان الميزان التجاري لصالح أميركا بنحو 3.3 مليارات دولار، فقد بلغت الواردات التركية من أميركا 11.9 مليار دولار، والصادرات التركية لأميركا 8.6 مليارات دولار.

وإجمالًا تمثل التجارة بين البلدين نسبة 5.2% من إجمالي التجارة الخارجية لتركيا عام 2017، والبالغة 390 مليار دولار. ومن السلع التركية التي ستتضرر من الرسوم الجمركية الأميركية صادرات الصلب.

ومن صالح تركيا أن يكون تعاملها مع أميركا في ضوء مصالحها، وبشكل عام على تركيا ألا تنساق في إطار الحرب التجارية، ولكن عليها البحث في تحويل تجارتها المتضررة من الإجراءات الأميركية إلى دول أخرى، وبخاصة أن أميركا كادت أن تعزل نفسها بسبب رفعها إجراءات الحماية التجارية في وجه العالم.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!