ترك برس

تختلف آراء المحللين حول مدى قدرة الولايات المتحدة الأمريكية على إقناع تركيا على التخلي عن إيران، خاصة في ظل حاجة الطرفين لبعضهما البعض في عدة قضايا في الإقليم.

وأعرب الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عن أسفه حيال إقحام تركيا في المنافسات السياسية، داخل مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين، فيما يتعلق بعقوبات واشنطن على إيران.

وأشار أردوغان إلى أن تركيا لديها شركاء استراتيجيون في مناطق مختلفة من العالم كما هو الحال بالنسبة إلى الولايات المتحدة وهي بدورها شريك استراتيجي ونموذجي.

وشدّد الرئيس التركي، خلال مؤتمر صحفي في أنقرة يوم الأربعاء، على أن قطع العلاقات مع هؤلاء الشركاء الاستراتيجيين، يتعارض مع مفهوم الاستقلال الذي تتبناه تركيا.

وطلبت الولايات المتحدة من تركيا، خلال سعيها المحموم لحصار إيران، أن توقف التعاملات الاقتصادية مع إيران، لكن وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، قال إن "بلاده ليست مجبرة على الالتزام بقرارات العقوبات".

المحلل السياسي التركي جاهد طوز، قال: "لا اعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية قادرة على إقناع تركيا التخلي عن إيران، ورأينا أيضا أنها سابقا أحيانا مالت للضغط على تركيا، سواء بشكل اقتصادي أو عسكري أو سياسي؛ حتى تتخلى أنقرة عن موقفها مع ايران ولكنها لم تستطع".

وقال طوز، وفق موقع "عربي21"، أن "من الأسباب التي تجعل من الصعب على واشنطن إقناع تركيا بالتخلي عن إيران، إن أنقرة تفصل بين علاقاتها مع الدول، فالملفات التي بينها وبين طهران تختلف عن التي بينها وبين واشنطن".

وأضاف: "نعم علاقات تركيا بإيران ليست إستراتيجية، لكنها تحافظ عليها على مستوى معين، وهذه العلاقات تُعد من الأمور السيادية، وتركيا بعد الانتخابات الأخيرة انتقلت لدور الدولة السيادية، وهذا التغيير ليس تغيير نظام فقط بل مواقف أيضا".

وأوضح أنه لو واشنطن استخدمت أوراق الضغط الاقتصادية أو العسكرية، لإقناع أنقرة بالتخلي عن إيران، فإنها لن تستطيع، وذلك لأن تركيا تمتلك خيارات أخرى، فمثلا هي أصبحت قوية في مجال التصنيع العسكري، فهي الآن تُصنع 65 في المئة من حاجاتها العسكرية.

وأكمل: "ولا تستطيع حتى من الناحية الاقتصادية، فتركيا اليوم هي قوية اقتصاديا". وأشار إلى أنه يمكن لتركيا لو ضغطت واشنطن سياسيا، الاتجاه لزيادة التقارب مع روسيا، وهذا الأمر ليس في صالح أمريكا، خاصة أنها لا تستطيع النجاح في المشاريع الخاصة بالمنطقة دون استشارة تركيا.

من ناحيته، أكد الباحث في الشؤون الأمريكية بواشنطن، أسامة أبو إرشيد، على أن قدرة أمريكا على إقناع تركيا بالتخلي عن إيران محدودة، لكنه استدرك بالقول بأن هذا لا يعني أنها معدومة.

وتابع: "أمريكا بيدها أوراق اقتصادية تستطيع الضغط على تركيا بها، منها فرض عقوبات على الشركات التركية، ومنعها من دخول السوق الأمريكي، ومنع المعاملات التجارية معها مما يشكل ضغط على تركيا، وذلك لأنه سيحد حتى من قدرتها على الوصول إلى الأسواق المالية والمصارف الدولية".

وأضاف: " بالمقابل تركيا تحتاج أيضا لإمدادات الطاقة، خاصة من إيران، التي هي شريك اقتصادي كبير وجار لها، وفي الوقت ذاته، تدرك بأن واشنطن ليست بالحليف الذي يمكن الوثوق به، فهي جربتها في سوريا والمحاولة الانقلابية".

وأكمل: "أظن أن المعادلة صعبة، فلو وفرت أمريكا لتركيا إمدادات الطاقة، ستبقى هناك مشكلة رئيسية، وهي حجم التبادل التجاري الكبير بين تركيا وإيران، فهو إن انتهى أو انخفض سيضعف الاقتصاد التركي".

وأشار إلى أنه من جهة أخرى أمريكا لن تستطيع إجبار تركيا على قطع علاقاتها مع إيران، فالموقف الأمريكي هو أحادي الجانب، فهي التي انسحبت من اتفاقية دولية قام مجلس الأمن الدولي بالمصادقة عليها، وكان فيها الصينيون والروس والاتحاد الأوروبي شركاء فيها.

وأتم حديثه بالقول: "لذلك أظن أننا سنشهد نوعا من التوتر، وهنا ستكون الأزمة الأمريكية، هل نعاقب تركيا؟ وإن عاقبناها ما الثمن الذي سيُدفع، ورأينا هذا الأمر في منبج بشمال سوريا على سبيل المثال".

وخلص بالقول: "أعتقد أننا سنشهد الأزمة ذاتها التي تشهدها أمريكا مع حلفائها الأوروبيين، وهذا الأمر سيكون له تداعيات كبرى على الجميع، بالمحصلة أتوقع أن التصريحات ستكون مختلفة عن السياسة التي ستتبعها واشنطن".

وحول خيارات أنقرة لتحقيق توازن بين علاقاتها مع إيران، وبين عدم رغبتها بخسارة واشنطن؟ يرى المحلل السياسي جاهد طوز أن "تركيا الآن أصبحت مستقلة سياسيا أكثر، وتتخذ قرارتها وحدها، بعكس تركيا القديمة".

وأضاف طوز: "أيضا هناك أوراق بيد تركيا تستطيع أن تستخدمها كضغط على أمريكا، مثل ملف العراق وسوريا وكثيرا من الملفات التي تشكل نقاط ضعف لواشنطن".

بدوره، قال أسامة أبو إرشيد: "قد تكون اليد العليا في العلاقة التركية الأمريكية لواشنطن، لكنها في الوقت مغلولة، فتركيا تمثل حجر زاوية للاستراتيجية الأمريكية في المنطقة كلها، ليس فقط بسبب قاعدة انجرليك، وإنما أيضا بسبب وزن أنقرة في حلف الناتو".

وتابع: "يدرك الطرفان أن هناك تعقيدات في شبكة المصالح بينهما، فلا تركيا تستطيع التخلي عن واشنطن، ولا الأخيرة تستطيع التخلي عنها".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!