فؤاد بول – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

بالنظر إلى نتائجها، شكلت الانتخابات الأخيرة في 24 يونيو ميلادًا جديدًا في الحياة السياسية التركية، على عكس الانتخابات السابقة. فالمشادات لم تكن تنتهي والتوتر السياسي لم يكن ينخفض في الانتخابات السابقة حتى ولو فاز أحد الأحزاب بأغلبية تخوله تشكيل الحكومة بمفرده. 

كان تشكيل الحكومة يستغرق أسابيع، وبعد تشكيلها تواجه خطر عدم الحصول على الثقة في البرلمان. 

لم تكن الثقة الممنوحة من جانب الشعب تعتبر كافية، وكان رؤساء الحكومات يحددون الوزراء في ظل الوصاية. كما أن رؤساء الجمهورية الذين لا يتحملون أي مسؤولية تجاه الشعب كانوا قادرين على التدخل في قائمة الوزراء. 

ولم تكن مصادقة رئيس الجمهورية، في النظام القديم، على التشكيلة الحكومية كافية من أجل تشكيل الحكومة. إضافة إلى  أنه كان من الواجب قراءة برنامج الحكومة في البرلمان وحصوله على الأغلبية الساحقة.

أما في النظام الجديد (الرئاسي) فلا يوجد أي مما سبق ذكره، وكل ما على الحكومة هو الاهتمام بعملها وبذلها الجهد من أجل القيام به.

وهناك أمر غريب آخر كانت تشهده الأحزاب السياسية في النظام القديم، وهو أن الزعيم الذي يخسر الانتخابات كان يبذل جهده من أجل الحفاظ على كرسيه عوضًا عن تقديم الاستقالة. وكان يسعى لكسب الأصوات التي لم يحصل عليها من الشعب، من مندوبين يعينهم بنفسه في الحزب!

المندوب قد يجعل من المرء رئيسًا للحزب لكنه لا يستطيع أن يحمله إلى سدة الحكم، التي يمر الطريق إليها عبر الشعب. وينبغي على الزعيم الذي لا يحظى بقبول الشعب أن يستقيل من منصبه، حتى يتمكن الزعيم الجديد من بث الأمل في الحزب بالوصول إلى الحكم.

 كما هو معروف، يقوم النظام الجديد على تحالف حزبين أو ثلاثة، وليس على عشرات الأحزاب الصغيرة،  لأن الطريق إلى سدة الحكم في هذا النظام يمر عبر الحصول على نسبة 50+1 في المئة.

تحالف الأمة تشكل من خمسة أحزاب، ليس من أجل تحقيق نتيجة جيدة وإنما من أجل عرقلة فوز منافسه. انتهى التحالف عقب الانتخابات مباشرة. ولم ينطبق حساب الحقل على حساب البيدر.

بدأت المياه تغلي في مراجل جميع أحزاب المعارضة، التي كانت تتوقع موجة عميقة تطيح بالحكومة، إلا أن هذه الموجة أصابت الأحزب المذكورة نفسها، وهي على وشك الاتيان عليها!

فبينما تتعالى الأصوات في حزب الشعب الجمهوري المطالبة بمؤتمر عام وانتخاب رئيس جديد، يتجه حزب الجيد لعقد مؤتمر عام عقب استقالة رئيسته مرال أقشنر.

أصبح من الواجب على الحزب الذي يطمح بالوصول إلى سدة الحكم، أن يحصل على ما نسبته 40 في المئة من الأصوات على الأقل.

لا فائدة من الإصرار على الخاسرين. إما أن يغلق الحزب أبوابه وإما أن يرحل الزعيم الفاشل، حتى تأتي قيادة تحمل الأمل بإمكانية النجاح.

عن الكاتب

فؤاد بول

كاتب في صحيفة تركيا


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس