ترك برس

لا يزال الغموض يكتنف مصير المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية شمالي البلاد، وخاصة محافظة "إدلب" المدرجة ضمن مناطق "خفض التصعيد" في إطار تفاهمات "أستانة" بين تركيا وروسيا وإيران.

وتعتبر منطقة خفض التصعيد الرابعة الممتدة بين أرياف محافظات إدلب وحلب وحماة واللاذقية، أعقد مسألة، لما فيها من تداخل بين الملفات، وكونها ساحة الاختبار الأبرز بين التوافق التركي الروسي، والتمييز ما بين الأمن والمشاريع الاقتصادية ومصير الأسد، حسب تقرير لصحيفة "القدس العربي".

ويرى المحلل العسكري، أحمد رحال، أن مستقبل الشمال السوري مرهون ما بين العروض والمغريات، والضغوط على الجانب التركي، ولا أحد يعلم مصير ومستقبل إدلب، ما عدا الجهات الحصرية التي تديره، خاصة الجانبين التركي والروسي.

في حين يرى الباحث في الشؤون التركية الروسية، الدكتور باسل الحاج جاسم، أن كل التصريحات الصادرة من موسكو وأنقرة، تؤكد أن موضوع سوريا سيتم بحثه مطولاً في لقاء مرتقب للزعيمين الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان.

تركيا، وفق جاسم، استشعرت الخطر المحدق بإدلب وأجزاء من مناطق الشمال السوري مبكراً، فكان اتصال الرئيس التركي بنظيره الروسي قبل أيام بمثابة إعلان أن عملية إدلب باتت على الأبواب.

وما من شك أن الوضع في إدلب اليوم وانتشار المنظمات المصنفة على قوائم الإرهاب لا يرضي تركيا، ولكن ما تخشاه، وفق الباحث، هو وقوع كارثة إنسانية هناك بذريعة وجود تلك المنظمات، خاصة بعد حشر كل أصناف المعارضة فيها، بالإضافة لكل الرافضين لأي تسويات وتهجيرهم إلى إدلب من باقي المناطق والمدن السورية.

ونقلت صحيفة "القدس العربي"، عن مصدر مسؤول في المعارضة السورية، أن هنالك اتفاق دولي واضح بإنهاء أي عمل عسكري في سوريا، مع حل ملف عشرات آلاف المقاتلين المنتشرين في شمال سوريا، الذين يشكلون جزءاً من الاتفاق، الروسي – الأمريكي.

وتكهن المصدر بصعوبة معرفة مصير قرابة 50 ألف مقاتل بينهم مقاتلو التنظيمات الجهادية، وآلية تدوير هذا الملف، فيما تسعى المعارضة السياسية مع القيادات العسكرية، بتدخل تركي مباشر، لإيجاد حل لهذا الملف الشائك بأقل الخسائر وبالطرق السلمية.

ولفت المتحدث إلى أن حرباً خفية تقاد ضد القيادات المتشددة في الهيئة خلال الأشهر الأخيرة، مشيراً إلى أن أكثر من 150 قيادياً متشدداً داخل الهيئة تمت تصفيتهم من قبل جهات مجهولة، مع "استمرار عمليات الاغتيال".

من الناحية العسكرية، رأى المحلل السياسي والعسكري، العميد أحمد رحال، أن تحرير الشام تمتلك قوة عسكرية لا يستهان بها في الشمال السوري.

وقال رحال: "لكن من الناحية الواقعية، فإن هيئة تحرير الشام، غير قادرة على الزج بكامل قوتها العسكرية في حال انتقل الشمال من التهديد إلى المواجهة المباشرة."

الباحث السياسي خليل المقداد، يرى بدوره أن كمية السلاح المتوفرة في الشمال السوري كبيرة، والتشكيلات العسكرية مرتاحة خلال الفترات السابقة، أما النظام السوري فهو متردد جداً، والأسد يحسب نتائج الفشل، لأنها سترتد عليه بنتائج سلبية، قد يصل مداها إلى مسقط رأسه في القرداحة.

ومن خلال المجريات، يعتقد المقداد أن معركة إدلب ستكون سياسية، وروسيا لن تغامر بالحل العسكري، بل التوجه لاستخدام خيارات المكر والخديعة لإيجاد حلول وفق مصالحها، وفي العموم، ليس أمام إدلب، سوى خيارين، إما التسليم أو القتال.

وفي حال قررت هيئة تحرير الشام، الحسم العسكري، فتصبح رقماً صعباً في المعادلة السورية، وأما في حال استسلمت الهيئة، فسيكون مصير إدلب هو العودة لحضن النظام.

ويرى الباحث السوري، أن المعركة القادمة، ستكون في الساحل، حتى تعيق تلك المناطق التقدم العسكري نحو إدلب، في حال ولوج الخيار العسكري.

أما الباحث في الشؤون الدولية د. باسل الحاج جاسم، فيرى من الصعوبة، الاعتقاد أن مصير إدلب والمناطق المحيطة بها سيرسمه سيناريو واحد، لما لحالتها من تعقيد إن كان لجهة الكثافة السكانية فيها اليوم وتقدر بقرابة أربعة ملايين.

وقال جاسم أن "أي عمل عسكري يعني فتح باب تكلفة باهظة جداً من الناحية الإنسانية وهو ما يتحدث عنه الجميع اليوم، بالإضافة لتعقيد مساحتها الجغرافية، ولا يمكن إغفال حجم السلاح الثقيل الذي يمتلكه المقاتلون هناك، وهو ما سيجعل أي هجوم عسكري يحمل تكلفة باهظة على الطرف المهاجم".

أكثر من سيناريو ينتظر إدلب، وفق الخبير في العلاقات التركية – الروسية، منها العسكري لبعض المناطق، ومنها التسويات لمناطق أخرى، بمعنى آخر سيكون هناك سيناريو مزيج للمحافظة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!