سامي كوهين – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

جاء الهجوم هذه المرة من "السلطة التنفيذية" (البيت الأبيض)، وليس من "السلطة التشريعية" (الكونغرس)..

منذ أسابيع يعد مجلسا الشيوخ والنواب الأمريكيان عقوبات اقتصادية وعسكرية ضد تركيا بذرائع مختلفة.

فقد أقر مجلس الشيوخ مشروع قانون بشأن تأجيل تسليم تركيا مقاتلات من طراز إف-35، بينما تبنت لجنة في مجلس النواب مقترحًا ينص على منع مؤسسات التمويل الدولية من تقديم قروض ودعم مالي لتركيا.

بينما كان النقاش دائرًا حول ما إذا كانت إدارة ترامب ستطبق هذه القرارات، ورد خبر غير متوقع عن فرض البيت الأبيض عقوبات على وزيرين تركيين.

يتعلق الأمر بالقس الأمريكي الموضوع رهن الإقامة الجبرية في إزمير. حملت واشنطن المسؤولية لوزيري الداخلية سليمان صويلو والعدل عبد الحميد غول، ووضعتهما على القائمة السوداء.

القرار يبدو للوهلة الأولى موقفًا وتافهًا ولا معنى له عمليًّا، لكنه في الحقيقة يتمتع بأهمية قصوى من الناحية الرمزية والسياسية. الولايات المتحدة تسعى لمعاقبة حليفتها تركيا بأسلوبها الخاص، وتجابه بذلك الحكومة التركية صراحة. وهي تتجاهل عواقب تصرفها وتحاول ممارسة ضغوط على تركيا.

أنى له أن يكون صديقًا؟

الناحية الهامة الأخرى لهذا القرار هو أنه يأتي من ترامب ونائبه مباشرة، وليس من الكونغرس، الذي يتخذ موقفًا مناهضًا لتركيا في هذه الآونة.

منذ بدء الحديث عن مشكلة القس تغيرت صورة "الصديق" المتعاطف مع أردوغان وتركيا، التي كان ترامب يبدو عليها. فهو أيضًا صعّد موقفه وأسلوبه بهدف التقرب من الإنجيليين وتحقيق مكاسب سياسية من الآن قبل الانتخابات الجزئية المزمعة في نوفمبر.

ليس قرار العقوبات هذا أول أزمة تنشب بين تركيا والولايات المتحدة، فالعلاقات بين الجانبين عرفت سيرًا متخبطًا منذ سبعينات القرن الماضي.

وتشهد العلاقات بين أنقرة وواشنطن في السنوات الثلاث الأخيرة مرحلة من التوتر وعدم الثقة، بسبب الكثير من الخلافات القائمة بينهما.

فرصة للمصالحة

ومع ذلك، سيطرت حتى اليوم الرغبة والإصرار على العاصمتين بشأن عدم قطع العلاقات وحل الخلافات عن طريق الحوار. لأن الطرفين بحاجة لبعضهما، وفكرة عدم قدرة أي منهما على التخلي عن الآخر تحول دون تصعيد الأزمات أكثر.

 كيف ستنحل الأزمة الحالية؟ هل سيزداد التوتر مع اللجوء للتعامل بالمثل وإصدار تصريحات شديدة اللهجة؟ أم أن المصالحة ستتحقق عن طريق إدارة هادئة للأزمة؟

من الملاحظ في الأزمة الأخيرة أن الجانب التركي يتعامل بطريقة عقلانية وضبط النفس عوضًا عن التصرف بموجب ردود الأفعال اعاطفية.

هناك أمل بأن يتمخض الاجتماع المرتقب اليوم بين وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو ونظيره الأمريكي مايك بومبيو في سنغافورة عن مصالحة.

الأمر المؤكد أن من مصلحة الطرفين عدم تفويت هذه الفرصة بهدف الحيلولة دون تفاقم الأزمة..

عن الكاتب

سامي كوهين

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس