ترك برس

يرى  الخبير الألماني غونتر ماير، من جامعة "ماينز"، أن لدى تركيا مصلحة كبيرة في إبقاء محافظة إدلب شمال غربي سوريا تحت سيطرتها كمنطقةِ نفوذ.

واعتبر ماير، في لقاء مع إذاعة "دويتشه فيله"، أن تركيا تريد حماية حدودها خوفا من "موجات لجوء جديدة أو من انتقال محتمل للجهاديين إلى أراضيها".

ويؤكد ماير أنه بالرغم من أن النفوذ التركي في إدلب يتنافى وطموح النظام السوري في استرداد منطقة إدلب، إلا أن موسكو قد تحاول استغلال قواتها البحرية في تدخل عسكري بالتنسيق مع أنقرة من أجل إنهاء سريع للأزمة في إدلب. وكان وزير الخارجية الروسي قد أكد في تصريحات سابقة إنه يجب التفريق بين الفصائل المعتدلة والمتطرفين، حسب تعبيره.

ويرى محللون أن الهدف من المحادثات المكثفة، التي تجري بين أنقرة وموسكو، هو محاولة منع أن يتسبب الوضع الدقيق في محافظة إدلب السورية في انهيار تعاونهما القائم بشأن سوريا، إلا أن مصير هذه المنطقة على المدى البعيد لا يزال يهدد مستقبل العلاقة بين الدولتين.

وفي حديث للإذاعة ذاتها، قال أستاذ العلاقات الدولية والخبير في الشأن التركي سمير صالحة، إن تصعيد النظام السوري في إدلب قد لا يكون بسبب زيادة قدراته العسكرية والقتالية فحسب بل أيضا "نتيجة الاتفاقيات الأمريكية الروسية التي لم تظهر بعد إلى العلن، والتي قد تصدم الأتراك والإيرانيين على السواء".

ويرى صالحة أن تركيا متخوفة من تقارب روسي أمريكي محتمل قد يؤدي إلى نسف مصالحها في إدلب.

من ناحية أخرى يرى الخبير التركي أن روسيا متخوفة أيضا على ما يبدو من تدخل أمريكي محتمل في منطقة إدلب نتيجة للتباطؤ التركي في حسم الأمر فيما يتعلق بجبهة تحرير الشام " النصرة سابقا" والتي ترفض التعاون مع أنقرة في حل نفسها أو إجلاء مقاتليها عن المدينة.

وكان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قد حذر من أن "حلا عسكريا" في إدلب التي يسكنها الآن أكثر من ثلاثة ملايين كما قال، سيؤدي إلى "كارثة" ويتسبب بموجة نزوح جديدة إلى تركيا التي لجأ إليها 3 ملايين سوري أصلا.

بيد أنه شدد على القول إن "الجماعات المتطرفة والإرهابيين" في إدلب يجب أن "يتم القضاء عليها" وذلك في تعليقات اعتبرت إشارة إلى أن أنقرة يمكن أن تدعم تدخلا محدودا.

صالحة يقول إن هناك عدة سيناريوهات لأزمة إدلب إلا أن القاسم المشترك بينها أن إدلب سوف تشهد "معركة لا محالة".

فالسيناريو الأول قد يكون بقبول المقاتلين في إدلب بالاقتراح التركي وهو ما يعني حل جبهة تحرير الشام لنفسها والدخول ضمن تشكيلات جديدة لمقاتلين معتدلين بقيادة أنقرة إلا أن الأطراف الأخرى قد لا تقبل بذلك.

في حين أن السيناريو الآخر قد يتضمن تعاونا عسكريا غير معلن بين روسيا وتركيا وجيش الأسد وذلك بتدخل عسكري تركي محدود في إدلب ترافقه تحركات روسية ولقوات النظام السوري من أجل تضييق الخناق على المقاتلين.

أما السيناريو الثالث، بحسب صالحة، فيكون بأن تبادر المجموعات المقاتلة هناك، ولا سيما جبهة تحرير الشام، بالهجوم وذلك لإدراكها أنها مستهدفة وأنها قد تكون الخاسر الوحيد في المعركة.

وهو ما يؤكده أيضا الخبير الألماني غونتر ماير بأن أهمية إدلب تكمن أنه في حالات سابقة سمح للمسلحين دائما بالخروج إلى مناطق أخرى، "الآن لم يعد للمسلحين مكان آخر يلجؤون إليه وهو ما يعني أن ساعة المواجهة قد تقترب"، يقول ماير.

ويؤكد الخبير في الشون التركية صالحة أن أنقرة ربطت بين توسيع عملياتها في عفرين وبين إنجاز ما اتفق عليه في اتفاق أستانا حول إخراج المقاتلين من جبهة تحرير الشام أو إقناعهم بحل تنظيمهم.

إلا أنه يتساءل "هل من المعقول أن ترضى روسيا بإطلاق يد تركيا في عفرين وتل رفعت وإدلب دون أي مقابل يرضيها ويرضي حلفاءها؟".

على الجانب الأخر تخشى أنقرة، بحسب صالحة من أن إشعال فتيل الانفجار في إدلب يعني ترك أنقرة تغوص في مغامرات عسكرية غير محسوبة، وهو ما قد يعني أيضا استقبال عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين الجدد الهاربين من مسرح العمليات العسكرية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!