ترك برس

نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا لنيك دانفوث المحلل السياسي في "مركز السياسة المؤيد من الحزبين" رأى فيه أن الأزمة الحالية بين أنقرة وواشنطن تمثل ذروة صراع طويل حول طبيعة العلاقة بين الحليفين، حيث تسعى تركيا إلى علاقة  ندية وليس علاقة تبعية.

وكتب دانفورث أن واشنطن تسعى إلى فرض بعض القواعد الأساسية للتحالف بإظهار أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيدفع ثمناً لاعتقال الأمريكيين، وشراء الأسلحة الروسية وتجاهل عقوبات الولايات المتحدة ضد إيران.

وفي المقابل تسعى أنقرة إلى تحدي ميزان القوى "غير المتماثل" بين الحليفين، وتصر على أن واشنطن لن تستطيع بعد الآن فرض أوامرها على علاقات تركيا الاقتصادية مع جيرانها، وأن تتجاهل مخاوف تركيا الاستراتيجية بشأن المقاتلين الأكراد في سوريا.

ويوضح أن العلاقة منذ بدايتها في مطلع الحرب الباردة بين الولايات المتحدة القوة العظمى، وتركيا الدولة النامية الساعية للحصول على دعم في مواجهة الاتحاد السوفيتي، لم تكن علاقة أنداد. ومع ذلك، لم يكن تحالف تركيا مع واشنطن غير متساوٍ كما يظن الكثيرون في أنقرة الآن.

ومضى يقول إنه بعد تفكك الاتحاد السوفييتي وتصاعد معاداة الولايات المتحدة في تركيا، أصبحت الخلافات الاستراتيجية المماثلة أكثر صعوبة في التعامل، وليس من المستغرب أن يرى كلا الطرفين نفسه على أنه حليف متضرر من الحليف الآخر.

وأضاف أن الرئيس التركي أردوغان برفضه التراجع وإطلاق سراح القس أندرو برونسون، أثبت أنه مستعد للتعرض لأزمة اقتصادية لتأكيد رؤيته لاستقلال تركيا. وهذه الرغبة لا تعكس فقط استعراضا قوميا، بل تعكس أيضا فرضية التحول السريع لعالم متعدد الأقطاب.

وأردف أن أردوغان يراهن على إيجاد مكان في نظام عالمي جديد لما بعد الأحادية القطبية الأمريكية. ويبدو أنه يراهن على أن واشنطن أثبتت نجاحها في تنفير حلفائها، وأن النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة سينهار قبل الاقتصاد التركي.

ويبين الكاتب أنه بعد الدعوة إلى زيادة التعاون بين الدول التي تستهدفها عقوبات الرئيس ترامب ورسومه الجمركية، سارعت أنقرة إلى الإعلان عن ردود الفعل الإيجابية لهذه الدعوة سواء من العواصم الغربية وغير الغربية.

ولذلك لم يكن غريبا أن سارعت روسيا إلى الوقوف إلى جانب أنقرة، مؤكدة رغبتها في إجراء معاملات مستقبلية بالعملات الوطنية. أما عمليا فقد حصلت أنقرة على حزمة قرض بقيمة 3.6 مليار دولار من البنك الصناعي التجاري الصيني، بالإضافة إلى تعهد من حكومة قطر باستثمار 15 مليار دولار في تركيا خلال السنوات القادمة.

لكن المحلل الأمريكي يستدرك أن هناك حدودا لمصادر الدعم البديلة هذه ،علاوة على الشروط والعواقب الجديدة التي ستنتج عنها. وعلى سبيل المثال، إذا أصبح حجم أزمة تركيا أكبر من أن تغطيه الأموال القادمة من الصين وقطر، فقد تمنع واشنطن المؤسسات المالية الدولية من التدخل لمساعدة تركيا.

ويلفت إلى أن تودد تركيا لروسيا يتطلب مزيدا من التضحيات؛ لأن النظام السوري وبدعم من موسكو يستعد لفرض سيطرته على آخر معاقل المعارضة المدعومة من تركيا، في حين لا تمتلك أنقرة وحدها إلا القليل من النفوذ لمنع أو تخفيف هذا التطور الخطير.

ويستنتج دانفورث أنه حتى لو أطلق سراح القس الأمريكي في نهاية المطاف، فإن الولايات المتحدة وتركيا ستستمران في تحدي بعضهما حول شروط علاقتهما.

ويحذر في ختام مقاله من أن يلجأ البيت الأبيض إلى اتخاذ خطوات قوية ومزعزعة  لفرض مزيد من الضغوط على تركيا، لأن واشنطن بذلك ستزيد من تنفير الشركاء الذين تحتاج إليهم لتطبيق ضغوط فعالة على المدى الطويل.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!