ترك برس

قالت إذاعة "دويتشه فيله" الألمانية إن زيارة وزير الخارجية الألماني "هايكو ماس" إلى تركيا بدأت بمحادثات على مدى يومين مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو.

وأوضحت في تقرير أن قائمة القضايا المطروحة للبحث طويلة، ومن أبرزها: "هناك مواطنون ألمان معتقلون في تركيا وهناك حظر الزيارة المفروض على برلمانيين ألمان لزيارة القاعدة الجوية في منطقة إنجرليك جنوبي تركيا.

والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اتهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بنهج "أساليب نازية" في التعامل مع الأتراك المقيمين في ألمانيا. في المجمل تبقى العلاقات الألمانية التركية متوترة.

وأكد ماس، في برلين (الخامس من أيلول/سبتمبر 2018) قبل توجهه إلى تركيا وقبل ثلاثة أسابيع فقط من زيارة للرئيس أردوغان لبرلين، أنه يعتزم العمل "بشدة على تحسين العلاقات".

وقال: "ألمانيا لديها مصلحة استراتيجية في صياغة العلاقات مع تركيا على نحو بناء. تركيا أكثر من مجرد جارة كبيرة، إنها شريك مهم أيضاً لألمانيا".

وبحسب الإذاعة، فإنه بالنسبة إلى وزير الخارجية الألماني يحتل الإفراج عن مواطنين ألمان من معتقلات تركية أولوية، إذ ما يزال يوجد سبعة ألمان في السجون التركية بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة صيف 2016 "لأسباب سياسية"، على حد زعمها.

ويحمل ثلاثة منهم الجنسيتين التركية والألمانية. وتعتبرهم الحكومة الألمانية "معتقلين سياسيين".

وتشكك المعارضة الألمانية في البرلمان بفرص نجاح زيارة وزير الخارجية لأنقرة. ويحذر شتيفان ليبيش، المتحدث باسم حزب اليسار للشؤون الخارجية من الدخول بسرعة في حلول وسط مع تركيا.

وأضافت الإذاعة: "أن يكون للحوار بين ألمانيا وتركيا من زاوية ألمانية أهمية كبيرة فذلك يعود لمصالح ألمانيا الأمنية. في هذا الإطار سيثير وزير الخارجية الألماني في أنقرة بوجه الخصوص النزاع في سوريا وآخر تطورات الأوضاع هناك".

وفي الوقت الذي يستعد فيه نظام دمشق لشن حملة على منطقة إدلب، تحذر الأمم المتحدة من وقوع كارثة إنسانية جديدة في البلاد.

وتركيا التي استقبلت حتى الآن نحو 3.5 مليون لاجئ سوري تحولت إلى فاعل مهم في سياسة اللجوء الأوروبية. فمنذ إبرام اتفاقية الاتحاد الأوروبي- تركيا في مارس 2016 تقلص بقوة عدد اللاجئين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا عبر طريق منطقة شرق المتوسط.

وفي المقابل وعد الاتحاد الأوروبي بتقديم ستة مليارات يورو لتركيا حتى نهاية 2018. ويقول خبير شؤون تركيا روي كاراداك بأن الاتحاد الأوروبي يرهن نفسه بهذا النوع من الاتفاقيات.

وإن فرص تحول زيارة وزير الخارجية ماس رغم كل الصعوبات إلى بداية لإحياء العلاقات بين برلين وأنقرة ليست سيئة. والجزء الثاني في عملية التقارب قائم منذ الآن، لأن الرئيس التركي سيزور برلين في نهاية سبتمبر/ أيلول الجاري.

التاريخ حاضر في الزيارة وفي العلاقات؛ إذ سيشارك ماس الخميس برفقة نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، في افتتاح العام الدراسي الجديد في المدرسة الألمانية بإسطنبول، التي تحتفل هذا العام بمرور 150 عاماً على إنشائها.

وذكر مصدر تركي مطلع الأربعاء أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يأمل في لقاء أعضاء الجالية التركية الألمانية في مدينة كولونيا أو برلين والتحدث إليهم خلال زيارته المقبلة إلى ألمانيا.

وتمثل التجمعات السياسية التركية في ألمانيا ملفاً ساخناً بعد أن منعت المحكمة العليا في ألمانيا أردوغان من إلقاء خطاب أمام 40 ألف من مؤيديه عبر رابط فيديو مباشر خلال تجمع في كولونيا في عام 2016.

كما منعت السلطات الألمانية سياسيين أتراك من إلقاء خطب في ألمانيا أمام الجالية التركية قبل الاستفتاء على إدخال تعديلات دستورية والتحول إلى النظام الرئاسي.

حسب بيانات "المكتب الاتحادي للهجرة" فإن عدد المنحدرين من أصول تركية والأتراك في ألمانيا يصل إلى 3.5 مليون شخص.

ولتركيا نفوذ واسع وتأثير واضح على الجالية وخاصة من خلال عدة مؤسسات كالإتحاد الإسلامي التركي للشؤون الدينية، المعروف اختصاراً بـ"ديتيب" (DiTiB) والمرتبط برئاسة الشؤون الدينية التركية (ديانت) بشكل مباشر، ومؤسسة ملي غورش، ويتبع لمؤسسة ديتيب وحدها أكثر من 900 مسجد ومصلى في ألمانيا.

ويذهب كريستيان براكل مدير مكتب مؤسسة هاينرش بول، المقربة من حزب الخضر الألماني، في إسطنبول إلى أن علاقة تركيا مع ألمانيا "أوثق" من علاقتها بأي دولة أخرى.

وأضاف أن ذلك يشمل الصعد "الاقتصادية والسياسية والإنسانية". ويبدو أنه يشير هنا إلى الأتراك الذين يقيمون في ألمانيا والألمان من أصول تركية.

سيلتقي ماس الخميس عدداً من رجال الأعمال الألمان في تركيا. وتركيا شريك تجاري مهم لألمانيا؛ إذ تقدم أكثر من 7000 شركة ألمانية فرص عمل لعشرات الآلاف من السكان في تركيا.

وفي نيسان/أيار الماضي ذكر وزير الطاقة التركي آنذاك وصهر الرئيس أردوغان، بيرات البيرق، على أن حجم التبادل التجاري بين البلدين يبلغ نحو 40 مليار يورو سنوياً.

ويرى كريستيان براكل، المحلل السياسي المختص بقضايا الشرق الأوسط، أن ماس لديه "القليل من الأشياء الملموسة لتقديمها للأتراك"، مستبعداً تقديم أي معونة مالية "نقداً". ولكنه يشير إلى أنه من الممكن أن يعرض على الأتراك مساعدتهم لدى المؤسسات النقدية الدولية وفي "الترويج لجذب" الاستثمارات.

وفي الفترة الأخيرة أضيفت إلى العلاقات عروة جديدة: الموضوع الأمني. وعلى هذه النقطة يعلق كريستيان براكل: "بالنسبة لألمانيا فإن التعاون الاستخباراتي مع تركيا غاية في الأهمية لمكافحة خطر الجهاديين العائدين إلى ألمانيا"، ومن هذه الزاوية يقرأ "خشية" ألمانيا من تعرض تركيا لمزيد من الزعزعة وعدم الاستقرار.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!