ترك برس

أشارت إذاعة "دويتشه فيله" الألمانية إلى تقلص وتصدع المصالح المشتركة بين تركيا وروسيا وإيران بشكل تدريجي في سوريا، ورأت في تقرير أن "كل المعطيات تشير إلى أن إيران ستكون الخاسرة بنهاية المطاف".

ويوم الجمعة، شهدت العاصمة الإيرانية طهران قمة ثلاثية لرؤساء تركيا رجب طيب أردوغان، وإيران حسن روحاني، وروسيا فلاديمير بوتين، حول مستجدات الوضع على الساحة السورية وخاصة محافظة "إدلب".

ويحشد النظام السوري وحلفاؤه يحشدون منذ أيام لشن عملية عسكرية على إدلب، وهي آخر محافظة تسيطر عليها المعارضة، وتندرج مع بعض المناطق المحيطة بها ضمن اتفاق "خفض التصعيد" بين تركيا وروسيا وإيران.

ورغم إعلان إدلب ومحيطها "منطقة خفض توتر" في مايو/ أيار 2017، بموجب اتفاق أستانة، بين الأطراف الضامنة؛ أنقرة وموسكو وطهران، إلا أن النظام والقوات الروسية يواصلان قصفهما لها بين الفينة والأخرى.‎

وقالت "دويتشه فيله" إن تركيا المشارك الأجنبي الهام في نزاع سوريا حذرت من شن الهجوم على إدلب لأسباب إنسانية ولمصالح ذاتية. فمن جهة هي تدعم بعض المجموعات المتمردة، ومن جهة أخرى هي تخشى تدفق اللاجئين على أراضيها.

كما أنها - أي تركيا - تريد بشكل مستمر توطيد تأثيرها في شمال سوريا، كما هو الشأن في محافظة "عفرين" بريف محافظة حلب شمالي سوريا، حيث أقامت مراكز عسكرية.

ولفتت الإذاعة في تقريرها إلى قلق إيران حليفة الأسد على دورها في سوريا، حيث أوفدت قبل القمة الثلاثية بأيام قليلة ممثلين حكوميين ساميين لإجراء محادثات إلى دمشق، أولا وزير الدفاع أمير خاتمي الاثنين الماضي وبعدها وزير الخارجية ظريف.

خاتمي أعلن في دمشق أنه أبرم اتفاقا حول التعاون العسكري وأعلن أن إيران تتطلع إلى حضور ومشاركة في عملية إعادة البناء في سوريا.

وهذه الأهداف غير واقعية، يقول الصحفي وخبير الشرق الأوسط حبيب حسينفارد في حديث مع دويتشه فيله. "إسرائيل والعربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية تحاول ممارسة الضغط بكل الوسائل على إيران لتنسحب من سوريا أو أن تقلص تأثيرها.

وفي حال غزو إدلب ويصبح وجود إيران ثانويا، فإن روسيا وكذلك سوريا ستفكران من جديد في دور إيران".

روسيا عملت إلى حد الآن بالتعاون مع إيران على ضمان بقاء الأسد. وروسيا توطد في آن واحد علاقاتها مع إسرائيل التي تصر على أن تنسحب إيران من سوريا. فأي موقف ستتخذه روسيا تجاه حضور مستمر لإيران في سوريا؟

مارغريت كلاين، خبيرة شؤون روسيا والسياسة الأمنية في مؤسسة العلوم والسياسة تشرح بالقول: "روسيا لها في الحقيقة مصلحة في أن لا يتقوى موقع إيران في سوريا. وفي النهاية تتطور روسيا وإيران إلى متنافسين في بلورة النظام الاقتصادي والسياسي والعسكري في سوريا.

وفي آن واحد تبقى لروسيا مصلحة ضعيفة في إخراج إيران كليا كفاعل عسكري من سوريا، لأن قوات روسيا في سوريا المؤلفة في المقام الأول من سلاح الجو ووحدات مشاة متفرقة إضافة إلى قوى خاصة وشرطة عسكرية تعتمد على مساندة قوات المشاة الإيرانية".

كما تتوفر روسيا على قليل من الوسائل لإخراج القوى الإيرانية والمساندة لها من سوريا أو إضعاف إيران في المنطقة. "موقف موسكو في الشرق الأوسط يرتكز إلى إدارة علاقات جيدة مع جميع الفاعلين"، تقول الخبيرة كلاين.

وبالتالي فإن موسكو تتبع نهجا وسطيا. "فهي تحاول دفع إيران إلى الابتعاد عن المنطقة الحدودية الجنوبية المتاخمة لإسرائيل، وتسمح بموازاة ذلك بضربات عسكرية إسرائيلية ضد مواقع إيرانية في سوريا".

حسينفارد يعتبر أن النهاية المرتقبة للحرب لا تترك مجالا كبيرا للتحرك العسكري من قبل إيران وأن وقت جنرالات الحرس الثوري في الحرب السورية يصل إلى نهايته. وسوريا من جهتها لن تتمكن من بدء إعادة البناء مادامت في خصام مع أمريكا وإسرائيل بسبب إيران.

"بالنسبة إلى أمريكا وإسرائيل يبقى انسحاب إيران من سوريا شرطا هاما لتلقى المساعدة المالية وكذلك إحلال سيادة البلاد. وتحتاج سوريا في ذلك إلى أكثر من 300 مليار، بل حسب بعض التقديرات إلى 1000 مليار.

وهذا يقع خارج الإمكانيات الإيرانية والسورية. ولكي يكون الغرب مستعدا لدعم سوريا والسماح بعودة اللاجئين وجب على سوريا تغيير سياستها تجاه إيران".

وفيما يتعلق بتركيا المشارك الثالث في محادثات تبريز الجمعة، ترى "دويتشه فيله" أن "القضية الكردية" هي أهم شيء، في إشارة إلى معارضة تركيا ما يسمى بـ"وحدات حماية الشعب" (YPG)، ذراع "حزب العمال الكردستاني" (PKK) المحظور، في الشمال السوري.

وأشارت إلى أن تركيا تتطلع إلى إضعاف تلك الوحدات في المناطق الحدودية السورية، وحضور مستمر في "المناطق الكردية" التي تراقبها. وفي حال تحقق هذه التصورات ولو جزئيا، فيمكن لأنقرة حسب الخبراء أن تقبل بإضعاف دور إيران في المنطقة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!