فهد الرداوي  - خاص ترك برس

تزامن انعقاد هذه القمة مع الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن أمس الأول والذي دعت إليه الولايات المتحدة التي تترأس جلسات مجلس الأمن لهذا الشهر، وحملت هذه القمة رسائل مهمة للمجتمع الدولي وللولايات الأمريكية على وجه الخصوص وذلك بتوقيت انعقادها وطبيعة مخرجاتها، وبرغم التباين الذي حاول الإعلام إظهاره في بعض مواقف المجتمعين الثلاثة إلا أنّ الأهداف المشتركة لحلفاء المحور الواحد تقول عكس ذلك، ولأن مصيراً واحداً يجمعهم بزاوية الرؤية الأمريكية جاء البيان الختامي لهذه القمة بصيغة التحالف الرافض للسياسة الأمريكية في المنطقة ورفض الكيانات الانفصالية بإشارة واضحة للقوات التي تدعمها أمريكا في الشمال السوري.

قمة طهران.. الأسباب والأهداف

 ربما يكون السبب الرئيس لعقد هذه القمة هو لكيفية انهاء هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وإسقاط ذريعة التواجد الأمريكي في الشمال السوري خصوصاً بعد زوال خطر داعش وهزيمتها منذ نحو عام تقريباً، وليس لتجنيب إدلب ويلات الحرب التي دقت طبولها وباتت المخاوف تُطلِقُ عنانها في سماء السياسة والحقوق الإنسانية ,فما فرق إدلب عن حلب وحمص ودرعا..؟؟، وإنما حقيقة الأمر، هو تمحور الأقطاب وتقاسم الزعامات ومناطق النفوذ...

فـ تركيا (الناتو)... الحليف القوي لروسيا الاتحادية، هي نفسها تركيا الرافضة للدعم الأمريكي المطلق لجماعات (PKK) ومشتقاتها ,المُدرجة على قوائم الإرهاب التركية وتعتبرها تركيا خطراً على أمنها القومي ويجب استئصالها.

وأما طهران... المكتوية بلهيب العقوبات الاقتصادية الأمريكية والمدافعة عن تواجدها في سوريا والذي تعتبره إيران وجوداً شرعياً بموجب اتفاقيات ومعاهدات مررتها إيران عبر النظام الأسدي الذي يغتصب السلطة في سوريا، مرتكزةً بذلك على شرعية يمنحها مجلس الأمن بتواجد مندوب نظام الإجرام هذا في جلساتها والتمثيل الدبلوماسي لهذا النظام المجرم الذي تستضيفه الولايات المتحدة الأمريكية على أراضيها، وقد وجدت إيران ضالتها بالتمحور مع هذا الحلف لتستطيع من خلاله الالتفاف على العقوبات الأمريكية وضمان تواجدها في سوريا لفترة أطول.

وأما روسيا الاتحادية... الساعية لتقاسم الزعامة العالمية مع الولايات المتحدة من خلال أوراقها الكثيرة التي تملكها في هذه المعادلة المعضلة، فهي الطرف الأقوى في هذا التحالف (ومن ورائها الصين الباحثة عن سبيلٍ للخروج من الهيمنة الأمريكية)، وهي أيضاً الطرف "العسكري" الأقوى المسيطر على الأرض في سوريا والتي تعتبرها روسيا جزءاً من أمنها القومي , وقواعدها في شرق المتوسط بأعلى جاهزية عسكرية ومناوراتها قبل عدة أيام في مياه المتوسط عكست جنوناً بطعم العظمة لأحلام موسكو المستقبلية، وحليفها التركي يشكل لها قاعدة متقدمة في العمق الأطلسي (السوق الاقتصادي الهام للغاز الروسي)، وأما حليفها الإيراني فهو رهن الإشارة بكل ما يملكه من نفوذ ديني واقتصادي ومليشياتي عسكري، ولا تعتبره روسيا بأكثر من (بيدق) تستثمره في لعبة التوازن الإقليمي وهي الوحيدة القادرة على إخراجها من سوريا ومن الكرة الأرضية إذا شاءت ذلك، وبكل هذه الأوراق فإنَّ روسيا تعتبر إدلب خطَّ اصطدام مع الولايات المتحدة الأمريكية وليس منطقة اختصام مع الحليفين التركي والإيراني كما صورها الإعلام.

وربما يكون الرد الروسي لمسؤول ملف الأمن القومي الأمريكي (أثناء زيارة الأخير لموسكو) والذي جاء على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف: بعدم قدرة روسيا على إخراج إيران من سوريا، كان سبباً كافياً للقرار المفاجئ الذي اتخذه الرئيس الأمريكي قبل عدة أيام بعدم الانسحاب من سوريا لضمان خروج إيران منها وضمان اسقاط الأسد، الأمر الذي اعتبرته موسكو تغييراً جذرياً لما تم الاتفاق عليه في قمة هلسنكي ورغبة الولايات المتحدة حينها بالانسحاب من سوريا.

جميع التوقعات تُنذر بقرب مواجهة عسكرية مباشرة بين القطبين الروسي والأمريكي إذا لم يتم تدارك الأمر، وهي حتماً ستكون مواجهة لا تُحمد عقباها وربما ستكون شرارةً لحرب عالمية ثالثة (إن جاز التعبير)، ويبقى التوقيت المحتمل لها هو الأهم على الإطلاق، إذ أنه يأتي قُبيل الانتخابات النصفية للكونغرس الأمريكي بأسابيع قليلة.

عن الكاتب

فهد الرداوي

الأمين العام لتيار التغيير الوطني السوري


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس