ترك برس

اعتبرموقع يوراسيا فيوتشر أن التسوية التي توصل إليها الرئيسان التركي والروسي خلال قمة سوتشي والقاضية بإنشاء منطقة منزوعة السلاح في محافظة إدلب، تهمش دور الولايات المتحدة وإيران في سوريا، وتجعل أنقرة شريك موسكو الأقرب في الصراع السوري من منظور جيوسياسي.

وقال الموقع في مقال لرئيس تحريره آدم غاري، إن الاتفاق المنفرد بين بوتين وأردوغان عامل مقيد لجميع الأطراف الأكثر تطرفًا في الصراع السوري، وأبرزها الولايات المتحدة الأمريكية وإيران.

وأضاف غاري أن قوات النظام السوري قد تستعيد وفقا للاتفاق، جزءا من إدلب، وتحصل بذلك على دفعة معنوية كبيرة قبل تقديم المزيد من التنازلات السياسية الحتمية للصراع، وفقًا للنموذج الذي تريده روسيا.

وفيما يتعلق بإيران، قال غاري إن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها طهران لا تسمح لها بتثبيت نفسها في إدلب في مواجهة شريكيها تركيا وروسيا اللتين تعهدتا علنًا بتحدّي العقوبات الأمريكية على إيران. ولهذا فإن إيران ليست في وضع يسمح لها بإقناع النظام السوري بتحدي كل من تركيا وروسيا.

القاسم المشترك بين إيران والولايات المتحدة

أشار غاري إلى أنه في حين يتناقض موقف الولايات المتحدة من الصراع السوري تماما مع موقف إيران، لم يتم ذكر أي من البلدين بأي شكل من الأشكال خلال التصريحات العلنية التي أدلى بها قادة روسيا وتركيا.

وأردف أن إيران إذا كانت لا تستطيع أن تتفق مع روسيا أو تركيا على الحاجة للتوصل إلى تسوية للصراع السوري الذي يسير على كل حال إلى محطته النهائية، فإنها في الوقت نفسه لا تستطيع أن تخاطر بالابتعاد عن روسيا أو تركيا نظرا لشدة الأزمة الاقتصادية التي تضغط بالفعل على الريال الإيراني والاقتصاد ككل.

وتساءل غاري إذا كانت إيران قد قبلت بأن روسيا وتركيا هما القوتان الأكثر نفوذاً في سوريا من موقع الضعف الاقتصادي، فكيف يمكن تفسير تهميش الولايات المتحدة، لا سيما أنها على عكس إيران تمتلك من القوة ما يكفي لتوجيه ضربة جديدة إلى سوريا وإفشال الاتفاق؟

ويجيب بأن ذلك يرجع إلى سبيين، الأول أن الهجوم الشامل على إدلب الذي كانت واشنطن ستتخذه ذريعة لم يحدث، وثانيا أن تركيا العضو في حلف الناتو هي التي أبرمت الاتفاق حول إدلب، ومن ثم لم يعد لدى الولايات المتحدة مبرر يذكر لقول أو القيام بأي شيء يتعلق بإدلب بخلاف دعمها على مضض لتركيا، على الرغم من الاختلافات الأخرى المعروفة بين سياسة واشنطن وأنقرة تجاه سوريا فيما يتعلق بـ"الجماعات الإرهابية الكردية المتطرفة".

ولهذين السببين، كما يقول غاري لم يكن لدى وزارة الخارجية الأمريكية أي خيار سوى القبول بالاتفاق الروسي التركي.

أفراد من داخل النظام السوري حاولوا نسف الاتفاق

وتطرق غاري إلى حادثة إسقاط الطائرة الروسية "إيل 20" التي كانت تحمل 15 عسكريا روسيا، بعد ساعات من إعلان التوصل إلى اتفاق بشأن إدلب، بنيران الدفاعات الجوية للنظام خلال تصديها لغارة شنتها الطائرات الإسرائيلية.

واعتبر أن هذا الحادث ستكون له تداعيات بالغة الأهمية، لافتا إلى أن كثيرا من المسؤولين في داخل النظام السوري وبعض السياسيين كانوا يرغبون في شن هجوم شامل على إدلب. ومن ثم فمن الطبيعي أن نتوقع أن يكون بعض هؤلاء الأفراد مستائين من روسيا بسبب اتفاقها مع تركيا.

وأضاف أن دمشق لا تستطيع الوقوف في مواجهة روسيا ومطالبتها بالتراجع عن الاتفاق مع تركيا، ولذلك فإن المتطرفين داخل أروقة النظام قد استسلموا جميعا في ما يتعلق بمحاولة إقناع روسيا بتغيير مسارها في إدلب، لأن روسيا مصممة على وضع حد للنزاع.

وخلص المحلل البريطاني إلى أن الاتفاقية الروسية التركية هي شهادة على التقارب الاستراتيجي المتانمي بين موسكو وأنقرة، وأنها تمثل في الوقت نفسه لحظة فاصلة حاسمة اضطرت فيها إيران إلى الاضطلاع بدور ثانوي إلى جانب شريكيها الروسي والتركي، وبالمثل وجدت الولايات المتحدة نفسها محشورة في الزاوية فقبلت بالاتفاق على مضضض.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!