ترك برس

أجمع خبيران عسكريان على أن التحدي الأكبر أمام تركيا يكمن في إخلاء محافظة إدلب شمال غربي سوريا، من المقاتلين الأجانب، وذلك على خلفية اتفاق توصل إليه الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، لإقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين مناطق النظام والمعارضة بإدلب.

جاء ذلك خلال حديث لإذاعة "صوت ألمانيا" التي أشارت في تقرير لها إلى ميل بوتين في نهاية المطاف إلى الخيار التركي على حساب توافقاته مع الحليف الإيراني والسوري.

الملفت – وفق الإذاعة الألمانية – أنه وغداة الإعلان عن التوصل إلى الاتفاق أعلنت موسكو أن طائرة تابعة لها أسقطت ليل الاثنين / الثلاثاء (18 سبتمبر/ أيلول)، في غرب سوريا، من قبل الدفاعات السورية، في خطوة تؤكد على مدى تعقيدات المشهد السوري.

وأضاف التقرير أن إدلب وبصفتها آخر معقل للمعارضة، شكلت على مدى السنوات الماضية ملجأ لعشرات الآلاف من المقاتلين المعارضين والمدنيين الذين أجبروا على مغادرة مناطقهم والانتقال إليها.

وفي البداية كانت روسيا وتحت طائلة "القضاء على الإرهاب"، تشدد على ضرورة التدخل العسكري في إدلب، لكن هذه المهمة أسندها اتفاق سوتشي إلى تركيا المسؤولة حاليا على طي صفحة هيئة "تحرير الشام" (النصرة سابقا) وأخواتها التي تسيطر على الجزء الأكبر من الشمال السوري.

الخبير العسكري العقيد أحمد حمادي المقرب من المعارضة السورية المسلحة، قال إن "إدلب لا تضم ذلك الحجم من الجهاديين كما تمّ الترويج له من قبل النظام السوري وحلفائه..

ومع ذلك تتحدث تقارير إعلامية عن نحو 10 آلاف مقاتل بينهم ألف إلى ثلاثة آلاف مما يطلق عليهم الغرباء، والمقصود غير السوريين الذي قصدوا البلاد من أجل "الجهاد"، فيما ذهبت تقارير أخرى إلى اعتبار أن عددهم يصل حتى إلى أربعة آلاف.

وتتفاوت  التقديرات أيضا حول جنسياتهم، ويفترض أن يكون القسم الأكبر منهم من المقاتلين المنحدرين من القوقاز، فيما يضم الباقي عربا وأوروبيين وأفارقة.

الخيارات المتاحة أمام تركيا تعد على يد الأصابع يقول المحلل العسكري أحمد رحال، الذي ذهب حتى إلى وصفها أيضا بـ"البسيطة".

فبالنسبة للمقاتلين السوريين، فإن غالبية المنضمين تحت لواء هيئة "تحرير الشام" وفصائل مشابهة لها لا يحملون فكر "القاعدة" أو فكر هيئة "النصرة سابقا"، بقدر ما أن محركهم الأساسي الإطاحة بنظام الأسد.

وبالتالي فإن "هؤلاء وخلال فترة قصيرة لا تتعدى أسابيع، يمكن إدماجهم عبر تنظيم أو فصيل إلى قوات الجيش الحر أو إلى الجبهة الوطنية للتحرير وينتهي الوضع"، يقول الخبير العسكري أحمد رحّال.

غير أنه وفي حال رفضت العناصر التكفيرية سواء من السوريين أو غير السوريين الاستسلام للوصاية التركية، فإن الخيار العسكري "لا مفر منه" يقول الخبير العسكري أحمد حمادي الذي يرجح على أن تركيا ستقوم بعملية عسكرية معتمدة في ذلك على القوات الموالية لها، ومن أبرزها "الجبهة الوطنية للتحرير" وقوامها فصائل جيش الحر وفصائل المعارضة المعتدلة.

تركيا بدورها عززت تواجدها العسكري، فيما أكدت الخارجية التركية أن المزيد من هذه التعزيزات سيتم إرسالها في الأيام القادمة إلى شمال سوريا.

ويتوافق الخبيران العسكريان على أن التحدي الأكبر التي تواجهه تركيا يكمن في إخلاء المنطقة من المقاتلين الأجانب لأن ذلك يستلزم توافقات دولية كبرى، على ضوئها تقبل الدول المصدرة بأخذ هؤلاء وملاحقتهم قضائيا على أرضها.

خطوة سيكون من الصعب على حكومات دول أوروبية كفرنسا وبريطانيا وألمانيا القبول بها والتسويق لها داخليا، وذلك في ظل التحولات الحاصلة في مجتمعاتها بما يخص قضايا الهجرة والإرهاب، خاصة وأنها دول اكتوت بنار الإرهاب في عقر دارها.

وقالت الإذاعة الألمانية إنه "لم يعد أمام هؤلاء الجهاديين الكثير من الحلول، فإدلب الساحة الجغرافية الأخيرة للمقاتلين الأجانب، ولا وجهة بعدها في الداخل السوري على الأقل. وحتى المنافذ المتاحة خارج سوريا أصبحت تضيق في وجه هؤلاء.

الوجهة التقليدية كانت وزيرستان بين أفغانستان وباكستان، وهي المنطقة التي تسيطر عليها عمليا القاعدة، لكن التنقل إلى تلك المناطق بات أكثر صعوبة من أي وقت مضى.

وهناك خشية من أن يتحول المسار الجديد إلى منطقة الساحل والصحراء، خاصة إلى ليبيا، مع وجود تقارير استخباراتية تؤكد انتقال هذه العناصر إلى ليبيا في السنوات الأخيرة. خاصة أولئك الذين رفضوا التعاون مع أنقرة، فانضموا إلى تنظيم "أنصار الشريعة" هناك".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!