سنان أوغان - The Valdai Discussion Club - ترجمة وتحرير ترك برس

يمكن اعتبار الاتفاق بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ونظيره فلاديمير بوتين، نجاحا فيما يتعلق بمنع حدوث موجة نزوح جديدة للاجئين إلى الحدود التركية والتي يمكن أن تحدث نتيجة لعملية عسكرية على إدلب. كان رد فعل نظام الأسد الأولي هو عدم الاعتراف باتفاق سوتشي، وزعم أن قواته ستشن هجوما على المدينة. بيد أن هجوم  قوات النظام دون الحصول على إذن موسكو قد يفسد خطة روسيا ويبدو مستحيلاً في الوقت الراهن. لكن ينبغي لتركيا أن تكون على حذر، إذا وقعت أي محاولات استفزازية للنقاط العسكرية التركية الـ 12 الموجودة في سوريا. لأن الوضع في إدلب صار معقدًا في الوقت الراهن وأصبحت ساحة المعركة بالغة التعقيد.

هنا  يجب ملاحظة أن تركيا هي الدولة الأكثر خبرة في مكافحة الإرهاب في منطقتها. وكانت عمليتا درع الفرات وغصن الزيتون في الشمال السوري أبرز مثال على ذلك. على أنه ما يزال هناك احتمال لحدوث مواجهة مع المقاتلين المتشددين هناك. في هذه المرحلة، تستطيع تركيا الشروع في عملية ضد هذه الجماعات المتطرفة لإقامة منطقة منزوعة السلاح، بناء على الاتفاق مع روسيا. ومن المفترض أن يشارك الجيش السوري الحر مع القوات التركية في عملية عسكرية محتملة في إدلب. وربما نرى عمليات جوية مشتركة بين كل من تركيا وروسيا، وفقا لتطورات الأحداث في المنطقة.

يريد نظام الأسد أن يسيطر على إدلب لتكون رمزاً لتعزيز وضعه على حساب القوات المعارضة له في الأراضي السورية. ولهذا السبب يصر الأسد على الهجوم على المدينة. ومع ذلك، فإن سلطة النظام السوري لها حدودها الخاصة، إذ يعتمد مستقبل إدلب على النتائج المتوسطة والبعيدة المدى للاتفاقية بين تركيا وروسيا. وعلاوة على ذلك فإن نتائج العمليات العسكرية بالنسبة لمليوني سوري يعيشون في إدلب هي أمر حيوي لمستقبل المدينة. لقد أخذت تركيا على عاتقها مسؤولية القضاء على الإرهاب في حدود 15 إلى 20 كيلومتر. ومن ثم فإن أي فشل في هذه الخطة سيفتح طريقا للعمليات العسكرية الروسية وقوات النظام على إدلب وهو أمر لا ترغب فيه تركيا لتأثيره في أمنها الحدودي وحدوث موجة جديدة من النزوح  كما أن له تأثير في مكانتها في المدينة. وفي الوقت نفسه تعد إدلب اختبارًا للعلاقات التركية الروسية التي تم تعريفها على أنها "شراكة استراتيجية". كما يقترن مصير إدلب بمستقبل فترة التقارب بين تركيا وروسيا.

ومن ناحية أخرى، إذا نجح اتفاق سوتشي، ستوسع تركيا مناطق سيطرتها في سوريا. ولذلك فإن هزيمة الإرهاب الراديكالي في المدينة أصبح مواتيا لجميع الأطراف. ومن الجدير بالذكر أن التدخل الغربي في الصراع السوري الذي يدعي استخدام الأسلحة الكيماوية بدأت حدته تتراجع  بعد المصالحة في سوتشي.

المنطقة الآمنة منزوعة السلاح في إدلب لها دولتان ضامنتان هما تركيا وروسيا. أما الأسد فليس خارج اللعبة تماماً؛ لأن روسيا أكبر مؤيد وأهم حليف له موجودة على الأرض في إدلب وتجلس على الطاولة في سوتشي لإيجاد حل مناسب لإدلب. لذلك فمن المرجح أن يركز الأسد على المناطق الإشكالية الأخرى في سوريا حسب قوله. المكان الوحيد الذي لا يستطيع الأسد السيطرة عليه هو إدلب، في حين أن ثلث مساحة  سوريا تقريبا يقع تحت الاحتلال الأمريكي مع ميليشيا وحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني. يجب على الأسد التركيز على هذه المناطق إذا أراد إعادة وحدة الأراضي السورية وسيادتها الإقليمية.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس